اعداد مشترك بين مؤرفين ولأخت زهراء محي
السلام عليكم
اهلا وسهلا بزوار واعضاء منتديات درر العراق
الموضوع خاص عن السلوك الثنائي للضوء
الضوء من أحد العناصر المهمة في الفيزياء الحديثة و قد شغل منذ قرون المجال الأوسع فيها , وقد تحير العلماء في وصف طبيعته أو سلوكه في الحيز الذي يشغله حتى أستنبطوا أن الضوء يمكن أن يتخذ شكل الموجة أو الأشعاع في بعض الأحيان و يتخذ صفات الجسيم في أحيان أخرى مما سهّل الطريق لمعرفة و تفسير الكثير من خصائص الضوء التي لا يزال بعضها ألى الآن مبهماً على العلماء...
لم تبرز أهمية الضوء الا في بداية القرن السابع عشر حيث أكتشف العالم أسحق نيوتن أن الضوء مكون من جسيمات متناهية في الصغر تنتقل في الفراغ بخطوط مستقيمة, في نفس الوقت الذي قدم العالم الهولندي كريستيان هويجنز نظريته الموجية , و على الرغم من أن النظريتان متضادتان بشكل قطعي ألا أنهما كانا المحور الذي كانت تدور عليه النقاشات لقرن من الزمن.
أما في القرن التاسع عشر فقد بانَ تطور الفيزياء الحديثة على الضوء فقد أعتقد العلماء أن موجات الضوء تنتقل كما تنتقل موجات الماء, و قد شاعت النظرية الموجية بين العلماء و ذلك لأنها تفسر الكثير من خصائص الضوء و خصوصاً تداخل الضوء , و على الرغم من الأختلاف البارز بين موجات الماء و موجات الضوء أذ أن موجات الماء تنتقل على سطح الماء من الأعلى الى الاسفل و بالعكس , اما الضوء فينتقل في الفراغ و الفضاء الخارجي بين الكواكب , فقد أستطاع العلماء في نهاية القرن التاسع عشر الى التوصل ألى أن موجات الضوء هي موجات كهرومغناطيسية(1) (2) تنتقل في الفراغ بمجالين أحدهما كهربائي و الآخر مغناطيسي متعامدين مع بعضهما و عموديين على خط أنتشار الموجة.
الطبيعة الموجية للضوء:
السلوك الموجي للضوء يفسر الكثير من صفات الضوء التي لا يمكن تفسيرها وفق النظرية الجسيمية للضوء فهو يتداخل و يحيد و ينكسر و ينعكس و يُستقطب كأي موجة (3).
و يُعتبر مبدأ هايجنز في تفسير الطبيعة الموجية للضوء الجذور الأولى للنظرية الموجية فإذا تم حجز الموجة بحاجز (A-B) وفي الحاجز فتحة (S) فإن الموجة التي تصل إلى الحاجز(A-B) يمكن للنقطة الواصلة إلى الفتحة (S) أن تنشئ موجات خلف الحاجز دائرية الشكل تستمر بالتذبذب، وكل موجة دائرية الشكل تكون صدراً للموجة المائية، وكل موجة يمكن اعتبارها مصدراً لمويجات ثانوية (secondary wavelets) تنتشر في جميع الاتجاهات بسرعة متساوية لسرعة انتشار الموجة، وهو ما يُعرف بمبدأ هايجنز (Huygens' Principle).
ثم قام أوغسطين جان فرينيل بتطوير النظرية الموجية ووضع مجموعة من القوانين الفيزيائية في البصريات تعرف بقوانين فرينيل.
و في بداية القرن التاسع عشر قدم العالم توماس يونغ تجربته الشهيرة (تجربة شقي يونغ) و عدّ على أثرها مؤسس البصريات الحديثة, أذ كانت التجربة بوضع ضوء أحادي الطول الموجي و أمرره على حاجز ذو شقين , و يتضح السلوك الموجي للضوء بحدوث أنماط التداخل( البنائي و الأتلافي) بشكل متعاقب يُظهر على الشاشة خلف الحاجز هُدُباً مضيئة حيثُ يحدث التداخل البنائي و هُدُباً مظلمة حيث يحدث التداخل الأتلافي أو (الهدّام) , و لو كان الضوء يسير بشكل جسيمات فقط لظهر على الشاشة بشكل نقطتين مضيئتين كشكل الفتحتين في الحاجز.
و قد ساهمت هذه التجربة في تطوير ميكانيكا الكم فيما بعد .
و بعد أكتشاف النظرية الكهرومغناطيسية والأكتشافات في المجالين المغناطيسي و الكهربائي أفترض العالم جيمس كلارك ماكسويل أن الضوء ينتقل في الفراغ بشكل موجة كهرومغناطيسية ذات طاقة و قد أثبت ذلك بصيغ رياضية معقدة , أذ تنشأ موجة الضوء نتيجة أنتشار المجالين الكهربائي و المغناطيسي متعامدين مع بعضهما و عموديين على أنتشار الموجة.
وأعيد صياغة قوانين فرينل بحسب الرؤية الكهرومغناطيسية الحديثة (4)
الطبيعة الجسيمية للضوء:
قدم العالم بيير جاسندي نظرية الجسيمات في الضوء و قد أعاد العالم أسحق نيوتن دراستها في وقت مبكر , و أهمل نظرية ديكارت في الأيثر, و قد ذكر فيها "أن الضوء مكون من كريات (جزيئات مادة) تنبعث من مصدر في كل الاتجاهات". رغم أنه درس ظاهرة حيود الضوء عن طريق السماح بالجسيمات الضوئية بأن تخلق موجة محلية من الأيثر.
أعتقد نيوتن أن الجسم المضيء تنبعث منه جسيمات دقيقة كروية تامة المرونة وتسير بسرعة منتظمة كبيرة جداً . وتكون حركة هذه الجسيمات في خطوط مستقيمة في الوسط المتجانس الواحد وقد استدل نيوتن على أن الأشعة الضوئية عندما تصطدم بسطح عاكس فأن زاوية السقوط تساوي زاوية الانعكاس كاصطدام كرة تامة المرونة بسطح أملس .
أما ظاهرة الانكسار فقد فسرها نيوتن كالآتي :
عندما تخترق هذه الجسيمات الكروية الضوئية أوساطاً مختلفة الكثافة مثل الماء أو الزجاج فإنها تنكسر داخل كل وسط وتنحرف عن المسار المستقيم لها. فعند انتقال الضوء من وسط اقل كثافة مثل الهواء إلى وسط أكثر كثافة مثل الماء فأن الوسط المائي يحرف هذه الجسيمات الضوئية إلى أسفل، و معنى ذلك أن سرعة الضوء المنكسر سوف تقل بحيث تقترب الجسيمات الكروية الضوئية من العمود على السطح الفاصل بين الوسطين.
و بذلك فأن سرعة الضوء تعتمد على الكثافة الضوئية للوسط. وهذا غير صحيح ويخالف التجارب العلمية وبالتالي فشلت نظرية نيوتن في تفسير ظاهرة الحيود والتداخل والاستقطاب.
و من التجارب العلمية المثبتة عملياً و التي تثبت الطبيعة الموجية للضوء هو ظاهرة أو تأثير كومبتن (Compton-Effect) و هو تشتت فوتون و تحرر ألكترون نتيجة أصطدام فوتون بجسيم مشحون ...
فرضية دي برولي :
و هو المبدأ الذي أفترضه العالم دي برولي و لازال معتمداً للآن في الدراسات العلمية و هو المبدأ الذي يثبت الطبيعة المزدوجة للضوء و ينص على :"تنتقل طاقة الأشعاع بشكل فوتونات يقودها بأتجاه سيرها مجال موجي" و قد عممها على جميع الجسيمات المادية المتناهية في الصغر , و يتوافق مع جميع خصائص الضوء و مع جميع الأكتشافات السابقة له ,و يتمثل بالقانون الرياضي:
λ = (h) / P
_حيث λ هو الطول الموجي .
_h ثابت بلانك و مقداره 6.62607004 × 10-34 m2 kg / s.
_P مقدار الزخم.
و P هو حاصل ضرب m* v
و من ملاحظتنا للمعادلة الآتية : λ = (h) / m* v
نستنتج أن الجزء الأيمن من المعادلة يحتوي على الكتلة و السرعة و هما صفتان للجسيمات , و الجزء الأيسر للمعادلة هو الطول الموجي , و هذا مايثبت الطبيعة المزدوجة للضوء.
و من الجدير بالذكر أن هذه المعادلة لا تنطبق على الأجسام في الحياة اليومية (السيارة , جسم الأنسان...الخ) وغيرها من الاجسام ذات الكتل الكبيرة و ذلك بسبب صغر قيمة ثابت بلانك.
وبعد ظهور نظرية الكم ووصف أينشتاين للضوء بأنه كمات من الطاقة (فوتونات) تسير بسرعة الضوء وأكتشاف الظاهرة الكهروضوئية أُبرز السلوك الدقائقي للضوء في الساحة، لأن الظاهرة الكهروضوئية هي ظاهرة تولد ألكتورنات نتيجة سقوط ضوء على بعض المواد المعدنية بطول موجي معين، وهذا شبيه جداً بالطبيعة الدقائقية.
وكلما ازدادت التجارب كلما تبينت الطبيعتان الموجية والدقائقية للضوء بشكل أكبر ، وهما متضادتان كلياً، رغم أن بعض العلماء في بداية القرن العشرين باتوا مقتنعين بأن التناقضات الظاهرية متأتية من طبيعة الجسيمات الذرية, فيما لم يقتنع آخرون بذلك و ذهبوا إلى التوفيق بين السلوكين، مما أدى إلى تطور ميكانيكا الكم .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصادر :
(1) Gregory Hallock Smith (2006). Camera lenses: from box camera to digital. SPIE Press. صفحة 4. ISBN 978-0-8194-6093-6.
(2)Narinder Kumar (2008). Comprehensive Physics XII. Laxmi Publications. صفحة 1416. ISBN 978-81-7008-592-8.
(3) ناسا بالعربي صفحة 1, صفحة 2.
(4)كتاب:
Optics, Eugene Hucht, 4th Ed. Ch.