بقلم: حسن سعيد.
أثارت قضية قتل عارضة الأزياء العراقية المشهورة تارة فارس وقبلها كرّار نوشي وبينهما طبيبة التجميل رفيف الياسري، أثارت حالة من الفوضى واللغط في مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت الاتهامات تتراشق من هنا وهناك.
في البداية نطلب من الله المغفرة لها إن كانت فعلاً خاطئة مذنِبة، وإلا فلم يثبت عندي قيامها بما وصفه بها البعض.
إنَّ قتلها ليس مجرد تطبيق للشريعة الاسلامية ولا غسل عار كما يتصور البعض، بل هناك خطة ومؤامرة تبغي الدول المعادية للعراق تنفيذها بواسطة عملاءها بهدف تحقيق الغايات التالية وبالتسلسل:
1. لمّا كانت تارة فارس متبرجة بعض الشيء في ملابسها -حسب قول البعض- فإنَّها تعتبر مخالفة للدين على اعتبار أن التبرج حرام، بهذه الطريقة سيملأ المتآمرون على العراق مواقع التواصل الاجتماعي ويحرضون الناس البسطاء ذوي الفكر المحدود ضدها بإسم الدين، عليه سيحولون العراق الى مستنقع للتخلف والجهالة بذريعة حماية الدين رغم كونه لا يجيز قتلها وقتل أمثالها.
2. لما كان التطور بحسب مفهوم المخططين ينافي الدين، فإن العراق سيتحول الى ساحة لرفض كل حرية وكل عمل ينافي ما يصبو أعداءه الى تحقيقه، بالتالي يوماً ما سيتعرض للقتل كل رجل يسلم على امرأة وكل امرأة تتكلم مع رجل وكل شخص يرتدي بدلة وكل سافرة وهكذا، هذه الحادثة عاصرتها حيث حدثني السيد عباس فاضل معلمي لمادة القراءة حينما كنت في زيارة لمدرسة الابتدائية بعد ثلاث سنين من تخرجي تحديداً عام 2006 قال (زارنا وفد من منظمة اليونيسكو يتكون من رَجُلَين وإمرأة وسائق وجميعهم يابانيون، لكن كانت السيدة اليابانية محجبة مع إنها بوذية -أي لا تعمل بالحجاب- وقد قالت لي [نريد زيارة مدرستكم المختصة بالمكفوفين بهدف تقديم أجهزة ومعدات تخدم فاقدي البصر لكن الوضع الأمني في بغداد سيئ جداً لذلك تراني أنا بوذية أرتدي حجاب كي لا تتعرض سيارتنا لهجوم عناصر القاعدة]) نفس الشيء روته لي شقيقتي حيث قالت (في الاعدادية كانت معنا طالبة صابئية لكنها تحجبت خوفاً من عناصر الجماعات الارهابية).
3. في خضم ذلك وبسبب تصوير الدين على إنه آيدولوجية ارهابية ترفض الاختلاف، سيكرهه الناس ولن يعملو به بالتالي نتحول الى بحر من الفساد اضافة الى التخلف.
4. إن التركيز على قضية قتل المشاهير بطريقة منظمة حيث يقسم المخربون أنفسهم الى فريقَين: الأول يترحم على تارة وأمثالها والثاني يكيل لها الشتم وينشرون المنشورات بسرعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وبسبب ضيق أفق الشعب وعاطفيته المفرطة سينقسم الناس على الفريقَين بحيث تتحول الى فتنة وخندق لتبادل السباب والاتهامات بين المجموعات.
5. يرافق ذلك القيام باغتيال العلماء وتصفيتهم، ولن ينتبه الى ذلك الناس بسبب انشغالهم في الصراع حول قتل المشاهير والتنفير من الدين، فيغرق المجتمع في الضحالة العلمية بسبب قتل العلماء وتهجيرهم وعدم صعود جيل جديد منهم بسبب انشغال الشباب بأمور ثانوية، وستنعدم الروح الوطنية شيءً فشيءً والشاهد قريب فلم تعجل مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات تناقش استشهاد أبا تحسين الصالحي (قنّاص الحشد) ولا وفاة القائد فاضل برواري مع كونهما بطلَين ضحيا بأنفسهما من أجل العراق وقدّما له أكثر مما قدم كرار نوشي وغيره، علماً إني لا أسفه كرار نوشي لكن الحق يقال من يضحي بحياته يستوجب الاهتمام أكثر من الذي يعرض أزياء مع تساوي الاثنين بحق الحياة الكريمة.
6. أخيراً بعد أن تنضج الطبخة في الفقرات الماضية، سيكون من السهل تثبيت حكم دكتاتور عميل للدول المعادية للعراق، حكم يوازي دكتاتورية صدّام إن لم يكن أسوأ منه، فلا أحد يجرؤ على الوقوف بوجه الحكومة بسبب تفشي حالة الخوف والرعب عند العراقيين، وربما سنتعرض للقتل أنا وبشّار وإنسان ثاني وغيرنا من الذين يبدون آراء سياسية في الدرر تعارض رأي الحكومة الدكتاتورة.
هذا التحليل الذي توصلت إليه في قضايا قتل المشاهير غفر الله لمن كان مذنباً منهم ورحمهم جميعاً.
ختاماً أرجو قبول اعتذاري على الاطالة الشديدة.