رغم التغيرات الكثيرة التى طرأت مؤخرا على المجتمع القبائلي، إلا أن سكان القرى والمداشر باعالي جرجرة لازالوا متسكون بتقاليد أجدادهم، فتراهم يحبذون إحياء سنة النحر بشكل جماعي او فردي والإكثار من الصدقات، إلى جانب محافظتهم على زيارة المقابر وترسيخ صلة الأرحام في العيد وإدخال البهجة فى قلوب العائلات المحرومة والفقراء.
وقد تختلف الأعراف والتقاليد من قرية الى اخرى وتتوزع المشاهد الاحتفالية ولكن يبقى السكان موحدون يجمعهم الدين الحنيف دين الإسلام وسنة رسوله الكريم (ص) يمتحون من سننه متشبثين بهذه الذكرى العظيمة المؤصلة من حياة سيدنا إبراهيم حينما هم بذبح ابنه إسماعيل تطبيقا للرؤيا التي رآها في نومه، ورؤيا الأنبياء حق.
فالسكان بعاداتهم وتقاليدهم التي يؤطر هذا الجو يحتفلون بعيد الأضحى وهذه التسمية تدل على المعنى الرمزي لهذا العيد، فهو عيد التضحية،حيث تكون الأسواق والساحات العمومية مكتظة بالناس حين يقترب موعده للبحث عن خروف مناسب، حيث تختلط الرغبة في الحرص على إحياء السنة وضمان فرحة الأطفال.
وفي الصباح المبكر من اول يوم عيد يخرج الجميع لأداء صلاة العيد بالمساجد المنتشرة بكل القرى فى أجواء دينية وروحانية مليء بالطهارة الروحية.
وتفضل عادة نساء القبائل طلاء الكباش بـالحنة التقليدية ليلة العيد، وبعدما ظلّ الكهول والشيوخ هم من يقومون بعملية النحر، تغيّر الوضع نسبيًا في السنتين الأخيرتين من خلال جنوح الكثير من الشباب لذبح أضاحيهم، في وقت جرى إحياء سنة من خلال التقاء أشقاء وأقارب وجيران وحتى أصدقاء في ساحة كبيرة، وشروعهم في التضحية جماعيًا وتناول طعام الغداء في مجالس عامرة أعادت شيئًا من حميمية أيام زمان.
وعادة ما تستمر الاحتفالات بالعيد ثلاثة أيام، وتتسم بعادات راسخة كزيارة الأهل والأقارب وتخصيص الفخذ لكل منهما، كما يحرص سكان منطقة القبائل وسكان تيزي وزو على وجه الخصوص على إشاعة أعمال الخير، من خلال توزيع الأضاحي على الفقراء وذوى الاحتياجات الخاصة، وما يميز العيد لدى الكثير من الأسر القبائلية هو كثرة مظاهر الكرم العفوي التي كانت سائدة في الماضي مثل تقاسم لحم الأضحية، وتمكين الكادحين من نصيب يُطلق عليه محليًا الوزيعة التي كان يتكفل الأثرياء والأعيان بالإنفاق عليها.
مع التذكير ان الكثير من الميسورين يرتضون نحر عجول وأبقار، وتوزيع لحومها على المحرومين، وهو سلوك اتسع نطاقه على مستوى معظم القرى.
مظاهر التآزر التي تدخل جانبا من الفرحة في قلوب هؤلاء بعدما حرمتهم الظروف القاهرة والتهاب الاسعار بالتحضير لهذه المناسبة بإمكانياتهم الخاصة.