آثار بخارى-١
يقدر العلماء عمر بخارى أو على الأقل بداية سكناها بحوالي خمسة آلاف عام، أي ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، و هذا العمر المديد لهذه المدينة لا بد أن يثمر عن آثار كثيرة و غنية، و قصص لهذه الآثار تؤرخ لكل من ساهم في بائها و سكناها و عمارتها.
بنيت مدينة بخارى ككثير من مثيلاتها داخل سور يحميها من الأعداء خارج المدينة، و لها كذلك سور داخلي يحوي أهم المنشآت الدينية و الإدارية للمدينة، و يسمى هذا الجزء بالشهرستان، و هو مرتفع قليلاً عن السور الخارجي و له سبعة أبواب أشهرها باب القلعة، الباب الجديد، باب السوق، و باب العطارين، أم السور الجديد و الذي بني في العهد الإسلامي فله اثنا عشر باباً هي قرا قول، شيخ جلال، نمازگاه، سلاح خانه، قواله، سمرقند، أوغلان، حضرت إمام، مزار، تل باج، خواجة عصمت، و سه فلان.
باب القلعة في السور الداخلي، و يلاحظ ارتفاع الشهرستان عن باقي المدينة.
باب قراقول في السور الخارجي
من آثار بخارى أيضاً ضريح السامانيين و قد شيد خارج القلعة، بناه الشاه إسماعيل الساماني في الفترة ما بين ٨٩٢-٩٠٧م، و ذلك إحياءاً لذكرى والده أحمد بن أسد و الذي دفن فيها إلى جوار ابنه إسماعيل.
ضريح السامانيين.
و يوجد في بخارى “چاشما أيوب” أي بئر أيوب، و هو بئر يزعم بأنه هو البئر الذي شرب منه النبي أيوب عليه السلام و شفي على إثره من مرضه، و لا يوجد دليل على صحة هذ الإدعاء. بني مبنى على هذا البئر و أعيد بناؤه مرات متعددة ما بين القرن الرابع عشر و التاسع عشر الميلادي.
چاشما أيوب.
من معالم بخارى المميزة مدرستا “قوش مدرسة” و تعني المدرستان المقرونتان، و ذلك لتقابل البنائين وجهاً لوجه بناهما الحاكم الشيباني عبدالله خان الثاني (١٥٦١-١٥٩٨م). بنيت المدرسة الأولى عام ٩٧٤ هـ – ١٥٦٦ م و أسماها “مداري خان” تخليداً لذكرى أمه، و سجل تاريخ بنائها على مدخل المدرسة. تتكون المدرسة من عدة حجرات لسكنى الطلاب، و قاعة كبيرة للصلاة و قاعة للدرس “درس خانة”.
مدرسة مداري خان.
المدرسة الثانية اسمها مدرسة عبدالله خان، بنيت بين عامي ١٥٨٨-١٥٩٠م. و لها واجهة بألوان بهيجة و هي ثالث أكبر مدرسة في بخارى بعد مدرستي كوكلداش و مير عرب.
مدرسة عبدالله خان
من الآثار الباقية أيضاً مجمع خوجة زين الدين، و قد بني على أقدم البرك المائية الموجودة في بخارى. شيد هذا المجمع في النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي، و هو على النظام المعروف بـخانگاه، و هي عادة ما تتكون من مدرسة و مصلى و مقبرة أو مزار. و في هذا المجمع توجد مقبرة خوجة ترك، أو خوجة زين الدين، و هو قبر عادي لأحد الصالحين، و لا يوجد عليه ما يوجد عادة على المزارات من قبب أو أضرحة أو بنيان، بل هو قبر مسوى على الأرض حسب السنة النبوية الشريفة.و هذا المجمع يقع حالياً في وسط الأحياء السكنية لمدينة بخارى.
مجمع خوجة زين الدين.
مسجد بالياند “و يعني بالفارسية العالي” لعلو سقفه، يقع في الجهة الغربية من بخارى القديمة، الذي كان أحد أغنى الأحياء في آسيا الوسطى، و للمسجد قاعتان صيفية و شتوية. بني في أوائل القرن السادس عشر الميلادي، و ما يميزه هو الديكور الداخلي المميز لهذا المسجد حيث أنه مزين من الداخل بألواح سيراميكية سداسية مطلية بالذهب. صنف هذا المسجد كغيره من الآثار في بخارى في قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو.
جزء من الساحة الخارجية للمسجد.
محراب المسجد
سقف المسجد
من أكبر الآثار في بخارى هو مجمع خوجة گوكوشان، و قد بنيت المدرسة بأمر الأمير عبدالله خان الثاني عام ١٥٧٠م،و الذي أتى للسلطة بمساعدة خوجة إسلام جويبري، و كان الأمير عبدالله خان من مريدي خوجة إسلام، فبنى هذا المسجد إكراماً له .
مدخل المدرسة
منارة جامع المدرسة.
يقع “فيض أباد خانگاه” في القسم الشمالي الشرقي من بخارى القديمة، و هو من أجمل المباني في بخارى، بني بين عامي ١٥٩٨-١٥٩٩م. و قد استخدم هذا البناء كمسجد جامع كما كان مركزاً للتجمعات الصوفية من الذكر و المديح و الانشاد الديني، و قد مول بناء هذا الجامع من قبل الشيخ بايندا محمد أخسي الفيض أبادي، يوجد في وسط الجامع ساحة فسيحة يحدها ممران سقفاهما مقوس.
مجمع فيض أباد خانگاه.
تشكل مدرسة عبدالعزيز خان مع مدرسة أولوغ بيك المقابلة لها تشكيلاً معمارياً مميزاً في بخارى، لكنها ذات ديكور أفخم من مدرسة أولوغ بيك، فهي مزينة بأفخم أنواع الفسيفساء و الرخام، و الجبس الملون. كان سبب بناء هذه المدرسة هو أن الخان السادس للمملكة الأستراخانية الخان عبدالعزيز كان من أتباع القائد الصوفي خداي داد، و كان أيضاً تابعاً للشيخ مولانا شريف.، ألم المرض بالخان عبدالعزيز في آخر حياته، مما أوهن قواه و جعله غير قادر على الحراك على الإطلاق، فبنى المدرسة على قبر الشيخ مولانا شريف رغبة في التبرك به، عله يشفى من مرضه.
واجهة مدرسة عبدالعزيز خان.
النقوش في مدخل المدرسة.
الواجهة الغربية للباحة الدخلية.