[ أين قلبك ؟ ] .
" كلّ قلوبِ بني آدم بين أصبعين من أصابع الرّحمن يقلبه كيف يشاء ،
..فإن شاء أزاغه وإن شاء هداه ،
ولما حدّث النّبي عليه الصّلاة والسّلام في هذا الحديث قال:
«اللّهم مقلّب القُلوبِ ثبّت قلبي على دينك»
فالقلوب لها أحوال عجيبة ! ؛
تارةً يتعلّق القلب بالدُّنيا ..
وتارةً يتعلّق بشيءٍ من الدّنيا ..
تارةً يتعلّق بالمال ويكون المال أكبر همه ..
تارةً يتعلّق بالنّساء وتكون النّساء أكبر همه ..
تارةً يتعلّق بالقصورِ والمنازلِ ويكون ذلك أكبر همه..
تارةً يتعلّق بالمركوبات والسّيارات ويكون ذلك أكبر همه .. !
تارةً يكون مع اللّه - عز ّوجلّ - دائماً مع اللّه يتعلق ، باللّه - سبحانه وتعالى- ،
ويرى أن الدّنيا كلها وسيلة إلى عبادة اللّه ، وإلى طاعة اللّه ،
فيستخدم الدُّنيا لأنّها خلقت له ولا تستخدمه الدُّنيا ! .
وأصحاب الدّنيا هم الذين يخدمونها ،
هم الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيلها .
..لكن أصحاب الآخرة هم الّذين استخدموا الدّنيا وخدمتهم الدّنيا ،
..ولذلك لا يأخذونها إلا عن طريق رضى اللّه ! ،
ولا يصرفونها إلا في رضى اللّه - عزّ وجلّ- ، --فاستخدموها أخذاً وصرفاً .
..لكن أصحاب الدّنيا:
...الذين تعبوا بها سهروا اللّيالي يراجعون الدّفاتر ، ..يراجعون الشّيكات ،
..يراجعون المصروفات ،
.. يراجعون المدفوعات ،
.. يراجعون ما أخذوا وما صرفوا ،
هؤلاء في الحقيقة استخدمتهم الدّنيا ولم يستخدموها !.
لكن الرجل المطمئن الذي جعل اللّه رزقه كفافاً يستغني به عن النّاس ،
..ولا يشقى به عن طاعة اللّه ،
..هذا هو الذي خدمته الدنيا .
ولهذا يجب علينا جميعاً أن نراجع قلوبنا كلّ ساعةٍ كلّ لحظة أين صرفت أيها القلب؟ .
..أين ذهبت؟ لماذا تنصرف عن الله؟
..لماذا تلتفت يميناً وشمالاً؟
ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم
وغلب على كثير من النّاس ،
حتى إنه ليصرف الإنسان عن صلاته التي هي رأس ماله بعد الشهادتين
..فتجده إذا دخل في صلاته ذهب قلبه ! " .
[ابن عثيمين - تفسير القرآن العظيم (22-10)].