حمى «الشيكونغونيا» تفتك بأهالي كسلا السودانية


المصدر:
الخرطوم - طارق عثمان

هي ذات الآثار التي يخلفها موسم الخريف في كل عام، فجُل المدن السودانية يصيبها الشلل أثناء موسم الأمطار لعدم وجود المصارف المناسبة.
كما أن مياه الأمطار الراكدة ظلت تمثل هاجساً لدى السكان لما توفره من حاضنة لتفريخ البعوض والحشرات الناقلة للأمراض. غير أن هذا العام كانت آثار الخريف كارثية لسكان ولاية كسلا بشرق السودان، بعد أن دمرت السيول أكثر من 10 آلاف مسكن، دخلوا في معركة أخرى مع حمى (الشيكونغونيا)، التي فتكت بالآلاف، حيث تجاورت حالات الاصابة بالمرض الـ6 آلاف بحسب وزارة الصحة السودانية.
وبحسب إفادات لعدد من سكان مدينة كسلا لـ «البيان» فإنه لم يبق بيت من المدينة إلا ودخلته الحمّى، مع شح في الأدوية اللازمة. يقول محمد وهو أحد سكان حي الختمية العريق إن الحمى أصابت ثلاثة من أفراد عائلته، بل إن كل بيوت المدينة لا تخلو من إصابة. ويشكو محمد من شح الأدوية وتردي الخدمات الصحية المقدمة بالمستشفى الرئيس والمراكز الصحية بالمدينة.
وأضاف مستنكراً «لا يعقل أن تصيب الحمى هذا العدد من الناس ولم توفر الجهات المسؤولة الأدوية المطلوبة وهنا الناس لا تستطيع توفير لقمة العيش.. على الحكومة أن تقفل مداخل المدينة وتعلنها منطقة موبوءة».
استجابة ضعيفة
بدوره لفت إبراهيم حامد إلى أن استجابة الجهات الحكومية المعنية كانت ضعيفة في بداية ظهور المرض ما أدى إلى اتساع دائرة انتشاره حتى عمَ كل أحياء المدينة، وتابع «لا تزال المياه الراكدة تمثل مهددا للبيئة وصحة الإنسان، وزارة الصحة بالولاية عجزت، عن توفير المبيدات لرش برك المياه الآسنة».
فيما رأى آخرون مآسي يواجهونها عند ذهابهم للمستشفى الرئيسي بمدينة كسلا والمراكز الصحية التي تفتقر لأبسط الخدمات، وأشار عدد من الذين استطلعتهم «البيان» إلى أن المصابين وذويهم في العراء بعد اكتظاظ المستشفى والمراكز الصحية بالمرضى بالإضافة الى شح الأدوية وغلاء أسعارها إن وجدت».
ورفض نائب والي كسلا مجذوب أبو موسى التعليق على الأوضاع الصحية، التي تتفاقم باستمرار مع كل يوم. وأعلنت وزارة الصحة المركزية تسجيل 6,250 حالة إصابة بالمرض.
وأكدت رئيسة إدارة الطوارئ بوزارة السودانية ليلى حمد النيل أن معظم حالات الحمى سجلت داخل مدينة كسلا وكانت اغلبها متمركزة بمناطق غرب نهر القاش وبعض الأحياء من شرقه، وأرجعت تفشي المرض للأمطار الغزيرة التي ضربت الولاية أخيراً، الأمر الذي أدى إلى توالد البعوض بكثافة داخل المنازل وأماكن تخزين المياه.
أهمية التوعية
وقالت حمد النيل خلال اجتماع للوزارة بشأن المرض إن وزارة الصحة تدخلت للقضاء على المرض بزيادة عدد الأطباء بالولاية وتوفير الأدوية المجانية ومكافحة الناقل للمرض بكل الطرق المتاحة، مؤكدة أهمية التوعية ونشر طرق مكافحة البعوض وأهمية تضافر الجهود للتخلص من البعوض ورفع وعي المواطن وتدريب المتطوعين لمكافحة الناقل في الولاية.
وكشفت أن الوزارة بحاجة الى توفير958 عاملاً لتغطية محلية كسلا، وحوالي 250عاملاً للعمل الخارجي من أجل مكافحة البعوض.
بالأرقام
150

أقرت السلطات الصحية في كسلا بانتشار حميات فيروسية. وقال المدير الطبي لمستشفى كسلا الدكتور عبد الجبار في تصريحات صحافية إن المستشفى امتنع عن استقبال حالات الإصابة خوفاً من انتشار العدوى، فيما أكد مواطنون بالمنطقة اكتظاظ المراكز الصحية في الأحياء المختلفة بالمرضى.
حيث يستقبل مركز صحي حي البرنو نحو 150 حالة يومياً . وأوضحوا أن أعراض المرض تتمثل في الحمى الشديدة مصحوبةً بآلام حادة في المفاصل مع صعوبة الحركة، وأفادوا بانتشار المرض في أحياء غرب القاش، الحلنقه، وبريي، الختمية، الميرعنية، والمربعات.
وقال أطباء إن الحمى المنتشرة في كسلا تنتقل بواسطة البعوض من جنس الزاعجة المصرية الناقلة، ولا يوجد دواء شاف من المرض، ويركز العلاج على تخفيف حدة الأعراض. وقالوا إن المرض يشكل خطورة على الأطفال والمسنين ومرضى السكري والقلب.