الانبار/ SNG- من قلب مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار، وتحديدا في سوقها الكبير، يتجمع العشرات حول موكب حسيني، مزين بالشعارات، وتعتليه راية كبيرة بالاسود القاتم، خط عليها “ياحسين”، وبينما يصدح مكبر الصوت بقصيدة للرادود الحسيني باسم الكربلائي، تنبعث رائحة الاكلة العاشورائية الشهيرة (القيمة).
يخال لناظر هذا المشهد انه في كربلاء او احدى مدن جنوب العراق، لكن القائمين على هذه المواكب يقولون ان المدينة تشهد لاول مرة فعاليات حسينية بهذه الكثرة بمشاركة الاهالي ومنتسبين في القوات الامنية، وعلى امتداد مدن الانبار المترامية الاطراف، ابتداء بمركز المدينة، وصولا الى الثرثار وليس انتهاء بجزيرة الرمادي.
وتقدم هذه المواكب مختلف انواع الاطعمة؛ الشاي والماء، لكنها تشترك جميعها بطبق (القيمة) ذائع الصيت في هذه المناسبة. يقول الشاب (عمر أحمد) أحد منظمي موكب شباب الرمادي، (هذا هو موكبنا الثاني بعد تحرير الرمادي، ففي العام الماضي كان موكبنا الأول لكنه لم يكن بهذا الحجم وهذا الاقبال الكبير حيث كان معظم الناس ما زالوا متخوفين من بطش اجرام داعش، أما دعم الموكب فهو ذاتي من تبرعاتنا نحن الشباب المستقلين”.
وبينما يكمل احمد حديثه، وصل رجل مسن، الى الموكب، ويبدو انه يريد الحديث عن الحسين بتفانٍ: “الحسين ليس للسنة ولا للشيعة فحسب فهو إمام كل مظلوم في العالم وفي الأنبار تلقينا الظلم الكبير من معظم شيوخ عشائرنا وقادتنا الذين كانوا يتاجرون بدمائنا، لست فقير الحال لكني أحضرت أولادي معي لننال من أجر الموكب الحسيني (موكب شباب الرمادي) ولنقدم المساعدة والتبرعات معهم”.
في جزيرة الرمادي- منطقة البو ذياب، تجمع اخر لانباريين، امام موكب كبير، نظمه أفراد من الجيش (اللواء 39 – الفرقة العاشرة – الفوج الأول)، يقول الجندي (وهاب رزاق كريم) من محافظة النجف “كنا نروم عمل موكبا صغيرا فنحن جنود على قدر حالنا لكن تفاجئنا بالتبرعات التي انهالت علينا من أهالي الرمادي مرحبين بالفكرة ومشاركينا العزاء”.
وبالقرب من كريم، يقدم الجندي البصراوي (وسام صبيح سالم) الطعام والشراب مع رفيقيه الجنديين الأنباريين (مهند وأحمد) يساعدهم في ذلك (خير الله حامد) من مدينة الناصرية.
وفي الثرثار الى الشمال من الرمادي، موكب باسم “أحباب الحسين”، أقامه جنود تابعون الى السرية الثانية مع الاستخبارات، يقول المقاتل خلف لطيف المشعلاوي لـ (نيو نيوز): “في الأنبار لا تشعر بالغربة في الأنبار ترابط لقتال الظلاميين كما فعل ذلك إمامنا الحسين”.
ووجه المشعلاوي رسالة شكر إلى أهالي الأنبار قائلاً: “إخوتي في الأنبار كنا نتخوف من الدوام في مناطقكم قبل رؤيتها لكن الاعلام المسيس والساسة الطائفيين قد خدعونا نحن بين أهلنا وناسنا فشكر لكرمكم ولأخلاق الضيافة التي غمرتمونا بها لأخر قطرة دم سوف نقاتل من أجلكم ومن أجل عراقنا الموحد”.
وحول المواكب يعلق رجل الدين السني “مازن مزهر الحديثي” وهو إمام وخطيب جامع الفاروق في منطقة التأميم غرب الرمادي “الشعائر الحسينية هي استلهام الدروس والاعتبار من سيد الشهداء، والثورة.. فيجب ان نعلم اجيالنا من هو الحسين ولماذا خرج ولماذا استشهد ولماذا رفض ظلم الظالمين وما يقام في الرمادي من استذكار واحتفال واحتفاء لتأبين بشعائر فيها دروس وتذكير بسيرته ونهجه ومآثره”.
ويكمل الحديثي، “هذه الطقوس ليست تقليدا لإيران او للشيعة او انه للتملق والزلف لجهة او مذهب او طائفة، كما يدعي البعض، بل هو بل هو من صلب الدين الاسلامي فإسلامنا وقرآننا وسنة نبينا يأمرنا بأن نقتدي بسير الصالحين نجدد العهد والبيعة للوقوف بوجه المفسدين ومحاربة الباطل واهله والظلم وزبانيته وكما نعاني اليوم من الارهاب الاعمى فقد عانى الحسين عليه السلام وال بيت النبي الاكرم من كثير من الظلم والجور والاجحاف”.