فيما مضى ذكرنا ان عمليات الديناميكا الحرارية اما ان تكون قابلة للانعكاس بحيث يعود النظام الى حالته الاولى دون ترك اي اثر على النظام نفسه او على بيئته, واما عمليات لا انعكاسية وهي العمليات الفعلية لاي نظام ديناميكي.
ومن المصطلحات الرائج استخدامها في الترموديناميك هو مصطلح (
الدورة الترموديناميكية ) (
Thermodynamic cycle) , و التي تتكون من عدة حالات (States) لوسط الشغل وبين كل حالة واخرى تتغير الخصائص الفيزيائية , مثل الكثافة والضغط ودرجة الحرارة, للدورة. وبعد كل دورة كاملة يعود النظام الى حالته الاولى. واذا ما اخذنا المحرك الحراري مثالا فانه احد اجهزة الدورة الديناميكية, حيث ان مائع التشغيل للمحرك الحراري يعود الى حالته الاولية في نهاية كل دورة.
امثلة على الدورات الترموديناميكية
وتعتمد كفاءة دورة المحرك الحراري بشكل كبير على كيفية تنفيذ العلميات الفردية في كل حالة من حالات الدورة, باستخدام وسائل تقلل من الجهد المطلوب لتشغيل المحرك وتحقيق اقصى فائدة, ولا يمكن الحصول على ذلك الا باستخدام العلميات القابلة للانعكاس. فليس من المستغرب ان تكون الدورات الاكثر كفاءة هي الدورات القابلة للانعكاس, اي الدورات التي تتكون بالكامل من العمليات العكسية. وكانت
دورة كارنو ( Carnot cycle) , المنسوبة للمهندس الفرنسي سعدي كارنو ( Nicolas Léonard Sadi Carnot ) , هي الاشهر بين الدورات الديناميكية الانعكاسية.
تتكون دورة كارنو من اربعة عمليات: عمليتان ( Isothermal processes) ذات درجة حرارة ثابتة, احدهما عالية والثانية منخفضة, وعمليتان ( Adiabatic processes) تتغير فيهما درجة الحرارة اما صعودا; كما في الحالة 4-1 في الرسم التالي, او هبوطا; كما في الحالة 2-3 في نفس الرسم.
مع ملاحظة ان مائع التشغيل يكون معزولا حراريا في العمليات ذات درجة الحرارة المتغيرة.
وبالرغم من ان دورة كارنو هي الحد الاقصى للمثالية التي يمكن ان تحصل عليها اي الة فلا يمكن لاي نظام ديناميكي تجاوز هذا الحد, ولكن حتى هذه الدورة ذاتها لم تصل الى مستوى المثالية المطلقة. فلم يتمكن كارنو من تحويل كل الحرارة الى جهد دون فقدان اي شئ منها, فالقانون الثاني للديناميكا الحرارية وضع حدا لاحلام كارنو وطموحه.
ومع هذا لم تكن محاولات كارنو عديمة الفائدة, فقد استنتج كارنو من تلك التجارب مبدأين مهمين في علم الديناميكا الحرارية:
1. ان كفاءة المحرك الحراري الذي يعمل بالعمليات اللا انعكاسية اقل من من كفاءة المحرك الذي يعمل بالعمليات القابلة للانعكاس.
2. جميع المحركات الحرارية القابلة للانعكاس والتي تعمل بين نفس الخزانين لها نفس الكفاءة.
لكن ما مدى صحة هذين المبدأين؟ هل هناك برهان على ذلك؟ لنبرهن على كل واحد منهما على حدة.
البرهان على المبدأ الاول: لنفترض وجود محركين حراريين, احدهما انعكاسي والاخر لا انعكاسي, يعملان بين الخزانات نفسها. الان يتم تزويد كل محرك بنفس كمية الحرارة (
QH). كمية العمل التي ينتجها المحرك الحراري القابل للانعكاس هي (
Wrev), والتي ينتجها المحرك غير القابل للانعكاس (
Wirrev).
ولنفترض ان كفاءة المحرك اللا انعكاسي افضل من كفاءة المحرك الاخر, في انتهاك لمبدأ كارنو الاول, وبالتالي فان اللا انعكاسي يوفر عملا بكمية اكبر من نظيره الانعكاسي. ولكن ماذا لو عكسنا عمل المحرك الحراري واصبح جهازا للتبريد, كالثلاجة مثلا؟ ستكون الية عمل الثلاجة كالتالي: تحصل على الطاقة من مدخل (
Wrev) وتحوّل الحرارة الى الخزان (High temperature) ذي الحرارة المرتفعة, سيتلقى المحرك اللا انعكاسي تلك الحرارة بنفس الكمية مما يعني ان صافي التحول الحراري لهذا الخزان سيساوي صفرا. بعبارة اخرى اننا يمكن ان نستغني عن الخزان ذي الحرارة العالية. وهذا يعني ان التبادل الحراري سيكون بين خزان واحد, في انتهاك للقانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية الذي ينص على ان الانتقال الحراري لابدّ ان يكون بين مجالين.
اذن افتراضنا ان كفاءة المحرك اللا رجعي اعلى من كفاءة نظيره الانعكاسي لا يمكن ان يصح, وعليه تثبت صحة مبدأ كارنو الاول,
فلا يوجد اي محرك حراري اكثر كفاءة من المحرك الحراري العكسي الذي يعمل بين الخزانات نفسها.
البرهان على المبدأ الثاني: يمكننا ان نتبع نفس الية الاثبات التي استخدامناها للمبدأ الاول. ولكن لنستبدل المحرك اللا رجعي باخر انعكاسي اكثر كفاءة وبالتالي يوفر عملا اكثر من المحرك الانعكاسي الاول. ومن خلال اتباع نفس المنطق السابق ينتهي بنا الامر الى وجود محرك ينتج كمية صافية من العمل في حين لا يحدث تبادل حراري الا في خزان واحد, وهو ما يشكل انتهاكا للقانون الثاني كما اسلفنا.
وعليه نستنتج انه لا يمكن ان يكون اي محرك حراري قابل للانعكاس اكثر كفاءة من محرك اخر ايضا قابل للانعكاس ويعمل بين نفس الخزانين.
مواضيع قد تهمك:
-
عمليات الديناميكا الحرارية غير القابلة للانعكاس
-
القانون الثاني للديناميكا الحرارية
حصريا لمنتديات درر العراق