أكمل الركب الكريم (رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه) رحلته في طريق وعر حدَّده المؤرِّخون وعرفوه، فعن عروة رحمه الله قال: "فَأَجَازَ بِهِمَا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، ثمَّ مَضَى بِهِمَا حَتَّى حَاذَى بِهِمَا السَّاحِلَ أَسْفَلَ مِنْ عُسْفَانَ [1]، ثمَّ اسْتَجَازَ بِهِمَا حَتَّى عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَمَا جَاوَزَ قُدَيْدً [2]، ثمَّ سَلَكَ الْخَرَّارَ [3]، ثمَّ أَجَازَ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمُرَّةِ [4]، ثمَّ أَخَذَ عَلَى طَرِيقٍ يُقَالُ لَهَا: الْمَدْلَجَةِ [5]، بَيْنَ طَرِيقِ عَمْقٍ [6] وَطَرِيقِ الرَّوْحَاءِ [7]، حَتَّى تَوَافَوْا طَرِيق الْعَرْجِ [8]، وَسَلَكَ مَاءً، يُقَالُ لَهُ: الْغَابِرُ، عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةَ [9]، حَتَّى يَطْلُعَ عَلَى بَطْنِ رِئْمٍ [10]. ثمَّ جَاءَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قِبَلَ الْقَائِلَةِ [11]" [2].

وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا خَرَجَ بِهِمَا دَلِيلُهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَرْقَطَ، سَلَكَ بِهِمَا أَسْفَلَ مَكَّةَ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا عَلَى السَّاحِلِ، حَتَّى عَارَضَ الطَّرِيقَ أَسْفَلَ مِنْ عُسْفَانَ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا عَلَى أَسْفَلِ أَمَجَ [13]، ثُمَّ اسْتَجَازَ بِهِمَا، حَتَّى عَارَضَ بِهِمَا الطَّرِيقَ، بَعْدَ أَنْ أَجَازَ قُدَيْدًا، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا مِنْ مَكَانِهِ ذَلِكَ، فَسَلَكَ بِهِمَا الْخَرَّارَ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْمُرَّةِ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا لِقْفًا [14]. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: لَفْتًا [15]. قَالَ مَعْقِلُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الهذلي:

نَزِيعًا [16] مُحْلِبًا [17] مِنْ أَهْلِ لَفْتٍ *** لِحَيٍّ بَيْنَ أَثْلَةَ [18] وَالنِّحَام [19]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا مَدْلَجَةَ لِقْفٍ، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ بِهِمَا مَدْلَجَةَ مَحَاجَّ [20]- وَيُقَالُ: مِجَاجٍ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ- ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا مَرْجِحَ [21] مَحَاجَّ، ثُمَّ تَبَطَّنَ بِهِمَا مَرْجِحَ مِنْ ذِي الْغَضْوَيْنِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: الْعُضْوَيْنِ [22]- ثُمَّ بَطْنَ ذِي كَشْرٍ [23]، ثُمَّ أَخَذَ بِهِمَا عَلَى الْجَدَاجِدِ [24]، ثُمَّ عَلَى الأَجْرَدِ [25]، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا ذَا سَلَمٍ [26]، مِنْ بَطْنِ أَعْدَاءِ مَدْلِجَةٍ تِعْهِن [27]، ثُمَّ عَلَى الْعَبَابِيدِ [28]. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: الْعَبَابِيبُ، وَيُقَالُ: الْعِثْيَانَةَ. يُرِيدُ: الْعَبَابِيبَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا الْفَاجَّةَ [29]، وَيُقَالُ: الْقَاحَّةُ [30]، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: ثُمَّ هَبَطَ بِهِمَا الْعَرْجَ، وَقَدْ أَبْطَأَ عَلَيْهِمَا بَعْضُ ظَهْرِهِمْ، فَحَمَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ، يُقَالُ لَهُ: أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ، عَلَى جَمَلٍ لَهُ- يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الرَّدَّاءِ- إلَى الْمَدِينَةِ، وَبَعَثَ مَعَهُ غُلاَمًا له، يقال له: مسعود بن هنيدة، ثم خَرَجَ بِهِمَا دَلِيلُهُمَا مِنَ الْعَرْجِ، فَسَلَكَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْعَائِرِ، عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةٍ- وَيُقَالُ: ثَنِيَّةُ الْغَائِرِ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ- حَتَّى هَبَطَ بِهِمَا بَطْنَ رِئْمٍ، ثُمَّ قَدِمَ بِهِمَا قُبَاءَ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، لاِثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، حِينَ اشْتَدَّ الضَّحَاءُ، وَكَادَتِ الشَّمْسُ تَعْتَدِلُ [31].

وعمومًا فهذه العلامات ما زال معظمها معروفًا إلى زماننا، وكثير من الجغرافيين يستطيع تحديد الطريق الذي سار فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه في الهجرة. وفي كل هذه الرحلة كان الصديق رضي الله عنه حريصًا كل الحرص على تأمين الطريق، وتفويت الفرصة على المشركين في معرفة طبيعة هذا الركب المسافر.

قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ [32]، وَنَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَابٌّ لاَ يُعْرَفُ [33]، قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ. قَالَ: فَيَحْسِبُ الحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الخَيْرِ [34].

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
[1] عُسْفَانُ: بَلْدَةٌ عَلَى 80 كيلو مترًا مِنْ مَكَّةَ شَمَالًا عَلَى الْجَادَّةِ إلَى الْمَدِينَةِ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص208.

[2] قُدَيْدٌ: وَادٍ فَحْلٌ مِنْ أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ التِّهَامِيَّةِ، يَقْطَعُهُ الطَّرِيقُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ 125 كيلو مترًا. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص249. وقال محمد بن محمد حسن شُرَّاب: على نحو (120) كيلو مترًا. انظر: المعالم الأثيرة ص222.

[3] الْخَرَّارُ: وَادٍ، هُوَ وَادِي الْجُحْفَةِ وَغَدِيرِ خَمٍّ، يَقَعُ شَرْقَ رَابِغٍ عَلَى قَرَابَةِ (25) كيلو مترًا عِنْدَ غَدِيرِ خَمٍّ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص112.

[4] ثنية المرَّة: موضع بين غدير خمٍّ والفرع. انظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص175.

[5] المدلجة: مفعلة، من الدلج: وهو اندلاج الماء على الأرض؛ والمدالج أربع بين وادي الفرع والقاحة؛ وهي: مدلجة لقف، ومدلجة مُجَاج، ومدلجة ثقيب، ومدلجة تِعْهِن، وكلها في طريق الهجرة النبوية. انظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص243.

[6] عَمْق الشيء قعره، والعمق: المطمئن من الأراضي؛ وهو وادٍ من أودية الطائف نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف، والعمق أيضًا: موضع قرب المدينة وهو من بلاد مزينة، ويروى عَمْقَى بوزن سكرى بغير تنوين، وقيل: العمق عين بوادي الفرع. والعمق أيضًا: وادٍ يسيل في وادي الفرع يسمى عمقين. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان 4/156.

[7] الرَّوْحَاء: محطة على الطريق بين المدينة وبدر، على مسافة أربعة وسبعين كيلو مترًا من المدينة. المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص131، وحدده البلادي بخمسة وسبعين كيلو مترًا، انظر: معجم المعالم الجغرافية ص164.

[8] العرج: وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ التِّهَامِيَّةِ، كان يطؤه طَرِيقُ الْحُجَّاجِ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ، جُنُوبَ الْمَدِينَةِ عَلَى (113) كيلومترًا. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص203، ومحمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص188.

[9] ركوبة: ثنية بين مكة والمدينة صعبة سلكها النبي صلى الله عليه وسلم عند مهاجرته إلى المدينة، وتعرف اليوم بـ(ريع الغائر). محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص129.

[10] بطن رئم: رِئْمٌ بِلَفْظِ الرِّئْمِ مِنَ الظِّبَاءِ وَهِيَ الْخَالِصَةُ الْبَيَاضِ، وهو وَادٍ مِنْ رَوَافِدِ وَادِي النَّقِيعِ، يَأْتِي مِنَ الْغَرْبِ... يَبْعُدُ مَصَبُّ رِئْمٍ عَنِ الْمَدِينَةِ قَرَابَةَ 60 كيلو مترًا شَمَالًا. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص145، وانظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص131.

[11] القائلة: الظهيرة؛ يُقال: أَتانا عند القائِلة. والقائلة نِصفُ النهار.

[12] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/377، وقال البرزنجي: إسناده صحيح. انظر: صحيح وضعيف تاريخ الطبري 2/62، وقال الصوياني: سنده صحيح رواه ابن جرير بسند صحيح. انظر: الصوياني: السيرة النبوية 1/279، والصحيح من أحاديث السيرة النبوية ص154. وهو عند الحاكم عَنْ عَائِشَةَ ل قَالَتْ: "لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَارِ مُهَاجِرًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مُرْدِفُهُ أَبُو بَكْرٍ وَخَلْفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ اللَّيْثِيُّ فَسَلَكَ بِهِمَا أَسْفَلَ مِنْ مَكَّةَ، ثُمَّ مَضَى بِهِمَا حَتَّى هَبَطَ بِهِمَا عَلَى السَّاحِلِ أَسْفَلَ مِنْ عُسْفَانَ، ثُمَّ اسْتَجَازَ بِهِمَا عَلَى أَسْفَلَ أَمَجَ، ثُمَّ عَارَضَ الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ قُدَيْدًا، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْحِجَازَ، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا ثَنِيَّةَ الْمِرَارِ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا الْحَفْيَاءَ، ثُمَّ أَجَازَ بِهِمَا مُدْلِجَةَ لِقْفٍ، ثُمَّ اسْتَبْطَنَ بِهِمَا مُدْلِجَةَ مَجَاحٍ، ثُمَّ سَلَكَ بِهِمَا مَذْحِجَ، ثُمَّ بِبَطْنِ مَذْحِجَ مِنْ ذِي الْغُصْنِ، ثُمَّ بِبَطْنِ ذِي كَشْدٍ، ثُمَّ أَخَذَ الْجُبَاجِبَ، ثُمَّ سَلَكَ ذِي سَلْمٍ مِنْ بَطْنٍ أَعْلَى مُدْلِجَةَ، ثُمَّ أَخَذَ الْقَاحَةِ ثُمَّ هَبَطَ الْعَرْجِ، ثُمَّ سَلَكَ ثَنِيَّةَ الْغَائِرِ، عَنْ يَمِينِ رُكُوبِهِ، ثُمَّ هَبَطَ بَطْنَ رِيمٍ فَقَدِمَ قُبَاءَ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ". الحاكم (4272)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال ابن حجر: وعند الحاكم من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة نحوه وأتم منه، وإسناده صحيح. انظر: ابن حجر: فتح الباري 7/238، وقال الصوياني: سنده صحيح. انظر: الصحيح من أحاديث السيرة النبوية ص154.

[13] أمج: وَادٍ زِرَاعِيٌّ يُعْرَفُ الْيَوْمَ بِخُلَيْصٍ عَلَى مِائَةِ كيلو متر مِنْ مَكَّةَ شَمَالًا. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص32.

[14] لِقْفٌ: وَادٍ مِنْ رَوَافِدِ وَادِي الْفَرْعِ يَصُبُّ فِيهِ مِنْ ضَفَّتِهِ الشَّمَالِيَّةِ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص273.

[15] قال البلادي: لفت: ثَنِيَّةٌ تُشْرِفُ عَلَى خُلَيْصٍ مِنَ الشَّمَالِ، يَطَؤُهَا الدَّرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَدِيدٍ، سَلَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُهَاجَرَتِهِ، وَتُسَمَّى الْيَوْمَ "الْفَيْتُ"... وَقَدْ هُجِرَتْ لَفْتٌ مِنْ زَمَنٍ، وَلَمْ تَعُدْ مَطْرُوقَةً، وَعِنْدَمَا عُبِّدَ الطَّرِيقُ تَجَاهَلَهَا وَتَرَكَهَا وَأَخَذَ عَنْهَا يَسَارًا فِي حَرَّةٍ لَمْ تَكُنْ مَطْرُوقَةً مِنْ قَبْلُ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص273.

[16] النَّزِيعُ: الغريب. والنَّزِيعُ: الشريفُ من القوم الذي نزَع إِلى عِرْق كريم. ابن منظور: لسان العرب، 8/349.

[17] المُحْلِب: المُعين من غير قومه، وإِذا كان المُعِين مِن قَوْمِه لم يَكُنْ مُحْلِبًا. ابن منظور: لسان العرب، 1/332.

[18] الأَثْلَةُ: موضع قرب المدينة. ياقوت الحموي: معجم البلدان 1/91.

[19] هكذا بالحاء عند ابن هشام، وهي بلفظ: "والنجام". عند السهيلي: الروض الأنف، 4/148، وقال ياقوت الحموي: النِّجَام: جمع نجم؛ مثل: زند وزناد فيما أحسب، والنَّجم: كل ما نبت على وجه الأرض مما ليس فيه ساق: وهو اسم موضع، وقيل اسم وادٍ في قول معقل بن خويلد الهذلي. ياقوت الحموي: معجم البلدان 5/261.

[20] قال ياقوت الحموي: مجاح موضع من نواحي مكة... مدلجة محاج كذا ضبطه بفتح الميم وحاء مهملة وآخره جيم، قال ابن هشام: ويقال مجاج. بجيمين، وكسر الميم، والصحيح عندنا فيه غير ما روياه؛ جاء في شعرٍ ذكره الزبير بن بكَّار وهو مَجَاح، بفتح الميم ثم جيم وآخره حاء مهملة... وأنا أحسب أن هذه هي رواية ابن إسحاق، وإنما القلب على كاتب الأصل فأراد تقديم الجيم فقدَّم الحاء، والله أعلم. ياقوت الحموي: معجم البلدان 5/55.

[21] مرجح: شعب يصبُّ في مجاج. محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة ص175.

[22] قال البلادي: لَيْسَتِ الْغَضَوَيْنِ وَلَا الْعُضْوَيْنِ؛ إنَّمَا هُمَا الْعَصَوَانِ: بِإِهْمَالِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ، مُثَنَّى عَصَا، يُقَالُ لَهُمَا: الْعَصَا الْيُمْنَى وَالْعَصَا الْيُسْرَى، وَيَجْمَعُونَهُمَا "الْعِصِيَّ": تَلْعَتَانِ تَجْتَمِعَانِ ثُمَّ تَصُبَّانِ فِي وَادِي مَجَاحٍ أَحَدُ رَوَافِدِ وَادِي الْفَرْعِ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية ص227، وقال محمد بن محمد حسن شُرَّاب: ذو العضوين- بالضاد المعجمة أو المهملة: شعبتان تجتمعان ثم تصبان في مجاح: وهي مسيل ماء. انظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص175، 193.

[23] قال ياقوت الحموي: كَشْرٌ: بالفتح ثم السكون، وهو بدوُّ الأسنان عند التبسُّم: جبل قريب من جرش، وفي حديث الهجرة: ثم سار بهما بعد ذي العضوين إلى بطن كشر. وهما بين مكة والمدينة. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان 4/462، وقال محمد بن محمد حسن شُرَّاب: ذو كشد: وفي السيرة "كشر" بالراء، وهو تصحيف، وتُعرف اليوم بـ(أم كشد): تلعة تسيل في وادي ثقيب من الجنوب مقابلة الأجرد، يأخذها الطريق إلى القاحة. انظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص175.

[24] قال ياقوت الحموي: الجَدَاجِد: جمع جَدْجَد، وهي الأرض المستوية الصلبة، وفي حديث الهجرة أن دليلهما تبطن ذا كشر، ثم أخذ بهما على الجداجد، بجيمين ودالين، ويجوز أن يكون جمع جُدْجُد؛ وهي البئر القديمة، وأظنها على هذا آبارًا قديمة في طريق ليس يُعلم. ياقوت الحموي: معجم البلدان 2/112، وقال البلادي: الْجَدَاجِدُ لَا تُعْرَفُ الْيَوْمَ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص80.

[25] قال البلادي: الْأَجْرَدُ كَاَلَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ؛ جَاءَ فِي النَّصِّ: ثُمَّ أَخَذَ بِهِمَا عَلَى الْجَدَاجِدِ، ثُمَّ عَلَى الْأَجْرَدِ. يُعْرَفُ الْيَوْمَ بِأُجَيْرِدٍ -تَصْغِيرٌ- شِعْبٌ يَصُبُّ فِي وَادِي ثُقَيْبٍ، وَثُقَيْبٌ أَحَدُ رَوَافِدِ الْقَاحَةِ، وَهُوَ وَمَرْجِحٌ وَالْمُدَالِجُ، عَلَى طَرِيقٍ قَدِيمٍ قَدْ هُجِرَ، وَهُوَ طَرِيقُ الْهِجْرَةِ.... وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ تَقَعُ جُنُوبَ الْمَدِينَةِ عَلَى قَرَابَةِ (160) كيلو مترًا، قَرِيبَةً مِنْ وَادِي الْفَرْعِ، بَلْ تَصُبُّ مِيَاهُهَا فِيهِ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص17، 18، وانظر: محمد بن محمد حسن شُرَّاب: المعالم الأثيرة ص175.

[26] ذو سَلَم: وادي سلم: بالحجاز... وذو سلم: وادٍ ينحدر على الذنائب، والذنائب: في أرض بني البكَّاء على طريق البصرة إلى مكة. ياقوت الحموي: معجم البلدان 3/240، وقال محمد بن محمد حسن شُرَّاب: موضع مذكور في طريق الهجرة النبوية. المعالم الأثيرة ص121.

[27] قال السهيلي: تِعْهِنَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَالْهَاءِ وَالتَّاءُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ عَلَى قِيَاسِ النَّحْوِ فَوَزْنُهُ فِعْلِلٌ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ مِنَ اشْتِقَاقٍ عَلَى زِيَادَةِ التَّاءِ أَوْ تَصِحَّ رِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ تُعْهِنُ بِضَمِّ التَّاءِ فَإِنْ صَحَّتْ فَالتَّاءُ زَائِدَةٌ كُسِرَتْ أَوْ ضُمَّتْ وَبِتِعْهِنَ صَخْرَةٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عِقْيٍ عُرِفَتْ بِامْرَأَةِ كَانَتْ تَسْكُنُ هُنَاكَ فَمَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَسْقَاهَا فَلَمْ تَسْقِهِ فَدَعَا عَلَيْهَا فَمُسِخَتْ صَخْرَةً فَهِيَ تِلْكَ الصَّخْرَةُ فِيمَا يَذْكُرُونَ. انظر: السهيلي: الروض الأنف 4/149، وقال ياقوت الحموي: تِعْهِنُ: بكسر أوله وهائه، وتسكين العين، وآخره نون: اسم عين ماء سُمِّيَ به موضع على ثلاثة أميال من السُّقيا بين مكة والمدينة. ياقوت الحموي: معجم البلدان 2/35، وقال البلادي: تِعِهِّنُ: مُخْتَلَفٌ فِي ضَبْطِ تَائِهِ، وَأَهْلُهُ الْيَوْمَ يُشَدِّدُونَ الْهَاءَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ: وَادٍ مِنْ كِبَارِ رَوَافِدِ الْقَاحَةِ، يَأْتِيهَا مِنَ الشَّرْقِ مِنْ جِبَالِ قَدَسٍ، فَيَدْفَعُ أَسْفَلَ مِنَ السُّقْيَا عَلَى مَرْأًى مِنْهَا. انظر البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص62، 63.

[28] العبابيد: قال ياقوت الحموي: رُوي في اسم هذا الموضع العبابيب، بعد الألف باء أخرى، ثم ياء آخر الحروف، ثم باء أخرى، ورُوي فيه أيضًا العثيانة، بالعين المهملة والثاء المثلثة، وياء آخر الحروف، وبعد الألف نون، كل ذلك جاء مختلفًا فيه في حديث الهجرة: إن دليل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر مرَّ بهما على مدلجة تعهن ثم على العبابيد، قال ابن هشام: العبابيب، ويقال: العثيانة. فمَنْ رواه عبابيد جعله جمع عبَّاد، ومَنْ روى عبابيب كان كأنه جمع عبَّاب من عببت الماء عبًّا فكأنه -والله أعلم- مياه تعبُّ عبابًا وتعبُّ عبًّا. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان 4/73. وقال البلادي: الْعَبَابِيدُ أَوِ الْعَبَابِيبُ لَا تُعْرَفُ الْيَوْمَ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص198.

[29] قال البلادي: الْفَاجَّةُ بَعْدَ الْفَاءِ وَالْأَلِفِ جِيمٌ مُشَدَّدَةٌ ثُمَّ تَاءٌ مَرْبُوطَةٌ: جَاءَتْ فِي ذِكْرِ هِجْرَةِ النَّبِيِّ  إلَى الْمَدِينَةِ، وَخَلَطَ الْمُتَقَدِّمُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَاحَّةِ، بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُمَا مُتَجَاوِرَتَانِ. فَالْقَاحَّةُ هِيَ الْوَادِي الرَّئِيسِيُّ، وَالْفَاجَّةُ، رَافِدٌ مِنْ رَوَافِدِهِ، يَصِبُّ فِيهِ مِنَ الشَّرْقِ، يَأْتِي مِنْ جِبَالِ قُدْسٍ. البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص233.

[30] قال ياقوت الحموي: قاحة الدار وباحتها واحد، وهو وسطها، وقاحة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة قبل السُّقيا بنحو ميل... وقد روي فيه الفاجة، بالفاء والجيم. ياقوت الحموي: معجم البلدان 4/290.

[31] ابن هشام: السيرة النبوية 1/491، 492.

[32] قَوْلُهُ: "وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ". يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ شَابَ، وَقَوْلُهُ: "يُعْرَفُ". أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ بِالسَّفَرِ مِنْ مَكَّةَ وَلَمْ يَشِبْ، وَإِلَّا فَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَانَ هُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَسَنَّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. انظر: ابن حجر: فتح الباري 7/250.

[33] وَنَبِيُّ اللَّهِ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَسَنَّ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَيُّمَا أَسَنُّ أَنَا أَوْ أَنْتَ؟". قَالَ: أَنْتَ أَكْرَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنِّي وَأَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْكَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا وَهَمًا. قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا ظَنَّ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا لِلْعَبَّاسِ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا، فَيَلْزَمُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي سِنِّ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَكُونَ أَصْغَرَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ. ابن حجر: فتح الباري 7/251.

د. راغب السرجاني
[34] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، (3699).