قال تعالى { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } ( يونس / 58 )
فالعيد رحمة ومنة من الله تعالى على عباده بعد صيام وقيام شهر كامل ، العيد فرح وسرور يقول ابن الأعرابي ( سمي العِيدُ عيدا لأنه يعود كل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد ) ويقول ابن عابدين ( سمّي العيد بهذا الاسم لأنّ لله تعالى فيه عوائد الإحسان ) .
وتتميز أعيادنا نحن المسلمين عن غيرها من أعياد الكفار بأنها قربة وطاعة وشكر لله تعالى على هذا اليوم وعلى إتمام صيام رمضان ، فيبدأ المسلمون صباحهم السعيد بأداء صلاة العيد ، بعد الشروق بثلث ساعة تقريبا ، بعد أن يغتسلوا ويتطيبوا ويلبسوا أحسن ما يملكون من زينة من زينة اللباس قال تعالى { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ( الأعراف / 31 ) و ثبت أنّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل في هذين اليومين – عيد الفطر والأضحى - . ( أخرجه مالك في الموطأ بسند صحيح ) ويستحب الأكل قبل الخروج وأن تكون على تمرات ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا . ( أخرجه البخاري في صحيحه ) .
وفي العيد تتجلى معاني الروح الإسلامية السامية ، فتتآلف القلوب ، ويجتمع الناس بعد افتراق ، ويتصالحون بعد قطيعة ، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض " تقبل الله منا ومنك " ( إسناده صحيح ) .
ويتذكر المسلمون الموسرون إخوانهم المعسرين ، فيخرجون زكاتهم ، لتشمل الفرحة كل بيت وأسرة ، وهذا هدف من أهداف تشريع الله لزكاة الفطر .
ومن مظاهر الفرح بالعيد زيارة الأقارب والأرحام ، وخاصة زيارة وصلة الوالدين لما في ذلك من إدخال الفرح والسرور عليهما ، قال صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " ( متفق عليه ) .
يقول بعض الشعراء وقد أجاد
زُوْرُوْا أَقَارِبَكُمْ زُوْرُوْا أَحِبَّتَكُمْ --- تَبَادَلُوْا صَفْـوَ كَأْسٍ طَابَ رَيَّاهُ
فَالْعِيْدُ رَوْضٌ مِنَ التَّحْنَانِ يَبْعَثُهُ --- أَهْلُ الصَّفَاءِ وَعَيْنُ الْحُبِّ تَرْعَاهُ
ومن أجمل مظاهر الفرحة في العيد اللعب والضرب بالدف ، فعن عائشة رضي الله عنها قالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَار ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْر : أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا " وفي رواية " وَفِيهِ جَارِيَتَانِ تَلْعَبَانِ بِدُفٍّ " ( رواه مسلم )
وعن أنس رضي الله عنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " ما هذان اليومان " ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ، ويوم الفطر " ( أخرجه أحمد بسند صحيح ) .
وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين