Frederic Burton, The Meeting on the Turret Stairs, 1864
ارتبط الرسّام فريدريك بيرتون بحركة الفنّانين ما قبل الرافائيليين،
وكان مثلهم يحترم المعلّمين القدامى ويميل إلى رسم أعمال تصوّر قصصا عاطفية أو ذات مضمون أخلاقيّ ووعظيّ.
وغالبا ما كان يستلهم صوره من أفكار الأدب وأساطير القرون الوسطى.
هذه اللوحة تُعتبَر أشهر وأفضل أعمال الرسّام. وقد اختيرت عام 2012 كأفضل لوحة في ايرلندا.
وفيها يصوّر حكاية دنمركية تعود إلى القرون الوسطى عن فتاة تُدعى ايليلا وقعت في حبّ احد حرّاسها الإثني عشر ويُدعى هيلدبراند.
لكن يبدو أن والد المرأة لم يكن راضيا عن تلك العلاقة، فأمر أبناءه الستّة بالتخلّص من الحارس قتلاً.
لكن هذا الأخير اظهر انه خصم عنيد، فقتل والدها ثم قتل خمسة من إخوتها بينما أبقى على حياة الأخير
، أي أصغرهم، بناءً على توسّلات ايليلا.
وقد مات هيلدبراند في ما بعد متأثّرا بجراح أُصيب بها أثناء تلك المبارزات. وبعد مقتله، قام شقيق المرأة الذي نجا من القتل بربطها إلى حصان ثم سحبها وسجنها داخل إحدى القلاع القديمة إلى أن ماتت بعد ذلك بفترة قصيرة.
وقد تجنّب الرسّام في اللوحة تصوير الدماء أو العنف الذي نتج عن ذلك الصراع مفضّلا أن يتبنّى تفسيرا ناعما للقصّة،
فرسم لحظات الوداع الأخيرة والعابرة التي تخيّل أنها جرت بين وهيلدبراند وايليلا عندما تقابلا للمرّة الأخيرة على سلالم إحدى القلاع الحجرية بعد تلك الأحداث الأليمة.
وفي اللوحة يظهر الحارس وهو يلثم ذراع ايليلا ويهمّ باحتضانها. وبينما تشيح بوجهها عنه،
تسقط أزهار بيضاء من يدها على الأرض في إشارة إلى العلاقة القصيرة التي ربطت بينهما والنهاية المفجعة التي آلت إليها.
موقف المرأة الضعيف يوحي بالحبّ المجهَض أو الممنوع. كما أن انعدام أيّ تواصل بالعيون ومنظر المرأة
وهي على وشك سحب ذراعها والمغادرة، كلّ ذلك يشير إلى صعوبة وغموض اللحظة.
شخصية المرأة، خاصّة، تجذب الانتباه،
وتصويرها من الخلف يُظهِر ثوبها وجزءا من وجهها فقط. والفستان الأزرق الذي ترتديه اسكندينافيّ الطراز مع فراء ابيض وزخارف لطيور. وهذه التفاصيل تذكّر بالأشياء القديمة من القرون الوسطى.
اهتمّ الرسّام بأدقّ التفاصيل في الصورة واستخدم فراشي ناعمة لإنتاج صورة واقعية،
ووضع اسكتشات متعدّدة بالقلم الرصاص والألوان المائية وجرّب العديد من الألوان. وقد ترك توقيعه بالأحرف الثلاثة الأولى من اسمه مع تاريخ اللوحة في أسفل اليسار على الجدار.
فريدريك ويليام بيرتون
رسم بيرتون هذه اللوحة وهو في قمّة مجده الفنّي.
وقد بيعت في ما بعد إلى شخص يُدعى ادوارد وايت،
ثم تعاقب على امتلاكها أشخاص عديدون طوال أربعين عاما.
وفي عام 1898، اشترتها امرأة تعرف الرسّام واسمها مارغريت ستوكس. وقبل وفاتها عام 1900، أوصت بأن تذهب الصورة مع عدد آخر من أعمال بيرتون إلى ملكية الناشيونال غاليري في ايرلندا والذي ما تزال فيه إلى اليوم.
لأن بيرتون لم يكن يتحمّل رائحة الألوان الزيتية، فقد رسم اللوحة بالألوان المائيّة. ولهذا السبب، وخوفا من أن يؤدّي تعريضها للضوء الطبيعيّ وعلى فترات ممتدّة إلى تآكلها وشحوب ألوانها، قرّر المتحف أن لا يعرضها سوى لساعة واحدة ولأربعة أيّام في الأسبوع، ثم تعاد إلى مكانها داخل خزانة خاصّة خلف أبواب موصدة. وهذا العامل أضفى على هذه الصورة مزيدا من الفتنة والغموض.