الشمس والرياح..مصادر طاقة أرخص وأكثر رفقا بالبيئة

لم تعد الشمس والرياح مصادر صديقة للبيئة فحسب عند توليد الكهرباء بل إنها أرخص سعرا أيضا مقارنة بالفحم والمفاعلات النووية. ويتوقع الخبراء المزيد من التراجع في الأسعار لاسيما مع زيادة دعم هذا القطاع.


Windenergiepark Brandenburg Deutschland
لا تعد الشمس والرياح مصادر طاقة صديقة للبيئة فحسب، بل إنها أيضا أرخص سعرا مقارنة بالفحم والمفاعلات النووية. ويتوقع الخبراء المزيد من التراجع في أسعار الطاقة البديلة، لاسيما مع زيادة دعم هذا القطاع.
ما هو سعر الكهرباء التي نستخدمها بالضغط على زر الإنارة أو تشغيل الأجهزة المختلفة؟ من الصعب العثور على مستهلك يعرف الإجابة الدقيقة على السؤال في أي مكان، فالضرائب والدعم والأرباح كلها أمور تؤثر على الأسعار، كما أن إنتاج الكهرباء ينتج عنه تكاليف أخرى خاصة بالقطاع الصحي والبيئي وهي بالطبع لا تدخل في سعر الكهرباء ولكن يجب تعويضها من مصدر آخر.
وحاول خبراء من معهد "فراونهوف" الألماني ومنتدى اقتصاد السوق الاجتماعي والبيئي في ألمانيا، الإجابة على هذا السؤال ورصدوا بدقة التكلفة الجانبية والناتجة عن إنتاج الكهرباء من المصادر المختلفة.
طاقة الرياح هي الفائز
تعتبر الطاقة الكهربية التي يتم توليدها من الرياح هي الأرخص سعرا على مستوى العالم فمتوسط سعر الكيلووات/ الساعة من الكهرباء المتولدة من طاقة الرياح يقدر بحوالي سبع سنتات (وحدة اليورو).


يرى الخبرا، أن المستقبل سيكون للكهرباء المولدة من طاقة الشمس وطاقة الرياح.
في الوقت نفسه تتراجع أسعار الكهرباء المنتجة عن طريق الطاقة الشمسية، فوحدات الطاقة الشمسية الجديدة في وسط وجنوب أوروبا تنتج الكهرباء بمتوسط 13 سنتا لكل كيلووات/ الساعة، ويقدر السعر بـ18 سنتا باستخدام وحدات الطاقة الشمسية التي يتم تركيبها على أسقف البيوت الألمانية مقارنة بعشر سنتات لكل كيلووات للكهرباء التي يتم توليدها في وحدات الطاقة الشمسية في جنوب أوروبا.
على الجانب الآخر تزيد تكلفة الكهرباء المنتجة عن طريق مفاعلات الطاقة النووية أو الفحم خاصة مع حساب التكاليف الصحية والبيئية التي يتعين على المجتمع بعد ذلك دفعها.
وخلصت دراسة الخبراء الألمان إلى أن تكلفة الكهرباء المنتجة من مفاعلات الفحم تزيد بمقدار الضعف عن الكهرباء التي يتم توليدها من طاقة الرياح وتتساوي تقريبا مع الكهرباء الناتجة من وحدات الطاقة الشمسية.
وتشير التوقعات إلى أن طاقة الشمس والرياح ستصبح أرخص مصادر إنتاج الكهرباء على الإطلاق بحلول عام 2020ومع تزايد دعم هذا القطاع.
تكلفة اقتصادية ومشكلات صحية
تشير تقديرات العلماء إلى أن توليد الكهرباء باستخدام المواد الصلبة مثل الفحم هي الأكثر كلفة من الناحية الاقتصادية علاوة على تداعياتها السلبية على البيئة. وقدر كبير الاقتصاديين السابق في البنك الدولي ، نيكولاس شتيرن، التكاليف الناتجة عن توليد الكهرباء بهذه الطريقة ، بأكثر من خمسة بلايين يورو بحلول نهاية هذا القرن.
وتتسبب الأتربة الخفيفة الناتجة عن مفاعلات توليد الكهرباء من المواد الصلبة، في تكلفة أخرى في المجال الصحي، إذ أنها تتسبب مثلا في انتشار أمراض الأجهزة التنفسية. فعندما يصاب طفل على سبيل المثال بمشكلة صحية بسبب هذه الأتربة، فإن هذا يعني تكلفة علاج إضافية يدفعها الأبوين أو نظام التأمين الصحي.
موازنة بين التكلفة وحماية البيئة


تعتبر المخاطر العالية هي المشكلة الأكبر في توليد الطاقة من المفاعلات النووية.
تقول باربارا برايتشوبف من معهد "فراونهوف" إن الطاقة الناتجة عن المصادر الصلبة هي السبب الأكبر في الإضرار بالبيئة علاوة على التكلفة المالية. ووفقا للخبيرة فإن المواطن الأوروبي يدفع حاليا في المتوسط نحو تسع سنتات لتغطية تكاليف الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن توليد الكهرباء بهذه الطريقة.
على الجانب الآخر لا ينتج عن توليد الكهرباء من طاقة الرياح، سوى القليل جدا من الانبعاثات الغازية الضارة. أما بالنسبة للخلايا الشمسية فالوضع يختلف بعض الشيء إذ ينتج عنها أيضا انبعاثات غازية نتيجة الطاقة التي تحتاجها لتشغيلها. لكن متوسط التكلفة الإضافية الناتجة عن الأضرار الصحية والبيئية الناتجة عن توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية يقدر بحوالي سنت واحد لكل كيلووات/الساعة.
المخاطر..العنصر الأبرز في المفاعلات النووية
من الصعب للغاية حساب تكلفة الكهرباء الناتجة عن مفاعلات الطاقة النووية. ووفقا لبيانات وكالة الطاقة في كاليفورنيا فإن تجديد أي مفاعل نووي للطاقة حاليا يعني حساب حوالي 20 سنتا إضافية لكل كيلووات/الساعة. لكن في ألمانيا على سبيل المثال يمكن القول إن الكهرباء الناتجة عن المفاعلات القديمة أرخص نسبيا إذ تقدر بحوالي اثنين إلى ثلاث سنتات لكل كيلووات/الساعة.
أما المشكلة الأكبر في توليد الكهرباء بهذه الطريقة فتتمثل في المخاطر. فوقوع أي حادث في هذه المفاعلات يعني أضرارا مالية وبيئية ضخمة، كما حدث مؤخرا مع مفاعل فوكوشيما في اليابان. ويقدر الخبراء الخسائر المالية الناتجة عن حادثتي فوكوشيما وتشرنوبل بمئات المليارات من اليورو. وغالبا ما يدفع المجتمع تكلفة هذه الحوادث.
وقدمت بتينا ماير، الخبيرة بمنتدى اقتصاد السوق الاجتماعي والبيئي دراسة حديثة رصدت فيها الكلفة الإضافية لأسعار الكهرباء. ووفقا لحسابات الخبيرة الاقتصادية فإن الكلفة الإضافية لأسعار الكهرباء التي تنتجها مفاعلات الطاقة النووية، تقدر بحوالي 11 إلى 34 سنتا لكل كيلووات/الساعة. وبوضع هذه الكلفة على أسعار الكهرباء، يقدر سعر الكيلووات من الكهرباء الناتجة عن المفاعلات الجديدة بحوالي 30 إلى 54 سنتا مقارنة بـ 13إلى 36 سنتا للكهرباء الناتجة من المفاعلات القديمة.