قصة عن الغني والحطاب الفقير
في يوم من الأيام كان أحد الأغنياء يمشي في الطريق متباهيا بنفسه وهو يرتدي ثيابا جميلة يتمخطر معتدا بنفسه ورأى أثناء سيره رجلا فقيرا يأتي مسرعا أمامه وهو يحمل حزمة من الحطب على ظهره والعرق يغسل جبينه ... يعمل لأجل لقمة العيش
وينادي بأعلى صوته : أفسحوا الطريق ...... أفسحوا الطريق ...... أفسحوا الطريق !!!
لكن الرجل الغني وقف في طريقه متباهيا بنفسه ولم يستمع للنداء الذي قاله الفلاح الفقير ، فإذ ب الفلاح يصطدم به .. وتمزق ثوب الغني!!!
عندها ذهب الغني للقاضي ليشكو الرجل الفقير بأنه مزق له ثيابه الثمينه
فقال القاضي للرجل الفقير : لماذا لم تفسح الطريق ؟ سكت الفقير ولم يرد على سؤال القاضي... ماذا سيقول !!!!
غضب القاضي وقال للغني : كيف تقاضي رجلا لا يتكلم ؟
قال الغني : إنه يتكلم ... وكان ينادي بأعلى صوته افسحوا الطريق .... افسحوا الطريق ....
قال القاضي : إذا فأنت من يستحق العقاب لما ادعيته على هذا الرجل الفقير ولم تفسح له الطريق!!! وتلك هي عاقبة الغرور .
تعالوا نتكلم على آفة من آفات العصر الجميل :
الغرور والإعجاب بالنفس حالة مرضية تعتري الإنسان بسبب الشعور بالتفوّق على الآخرين، والاعتداد بما عنده من قوة، أو مال، أو جمال، أو سلطة، أو موقع اجتماعي، أو مستوى علمي.
وتلك الظاهرة المرضية هي من أخطر ما يصيب الإنسان، ويقوده إلى المهالك،ويورطه في مواقف، قد تنتهي به الى مأساة مفجعة، صوّرها القرآن بقوله:
(إنّ الانسان لَيطغى * أن رآه استغنى).(العلق / 6 ـ 7 )
وحذر من تلك الظاهرة في ايراده لوصية لقمان لابنه:
(ولا تُصَعِّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحبّ كلّ مُختال فخور).(لقمان) 18
(انك لن تخرِقَ الارضَ ولن تبلغَ الجبالَ طولاً). (الاسراء / 37)
وتعتبر مرحلة الشباب، لاسيما مرحلة المراهقة، من أكثر مراحل حياة الإنسان شعوراً بالغرور، والإعجاب بالنفس، والاستهانة بالآخرين، أو بالمخاطر والاحتمالات، والدخول في المغامرات وكم كان لهذا الشعور المرضي أثره السيّئ على سلوك الشباب بما يجلبه عليهم من مآسي.
فكم يكون للغرور مثلاً عند الفتى والفتاة من آثار سلبية على اختيار الزوج،أو الزوجة، أو التعامل من قبل أحدهما مع الآخر، أو مع أسرته،فالشاب المعجب بنفسه، لا يرى زوجاً مناسباً له الاّ نوادر.
وكم من الشابات بقيت عانساً لم تتزوج بسبب الغرور حتى فقدت شبابها،وتتحول الحياة الأسرية الى جحيم، وربما تنتهي الى الفراق، عندما يفشل المرء في الاقتران بمختار أحلامه، فيتعامل معه باستخفاف وتعال وغرور.
والشاب المغرور بقوته الجسدية يتعامل بتحدّ واستهتار مع الآخرين،وكم انتهى الغرور به الى السجن، أو النبذ الاجتماعي، أو الى أن يكون ضحية الغرور.
بل كم هي حوادث السير التي يذهب ضحيتها عشرات الآلاف في كل عام من الشباب،وانما تحدث بسبب الطيش والمجازفات.
وجدير ذكره أن الإحصاءات تفيد بأن عدد من تقضي عليه حوادث السير يزيد على عدد من يقضي عليه مرض الايدز والسل وأمراض اخرى، وأن ثلاثة وخمسين ملياردولار تفقدها دول العالم الثالث بسبب حوادث السير،وهي تساوي مجموع المساعدات المقدّمة اليها من الدول الغنية بل قد يستولي الغرور على البعض من الشباب فيخجل من الانتساب الى أسرته، أو ذويه، أو مدينته، أو قريته عندما يتوهم أنّ ذلك لا يناسب موقعه المغرور به،بل ويتعالى على والديه عندما يرى نفسه أصبح بوضع اجتماعي غير الوضع الذي ينتسب اليه ويعيش فيه والداه.
بل ويُكّون الشعور بالتفوق العلمي لديه حالة من الاستخفاف بفكر الآخرين وآرائهم، ولقد قاد الغرور العلمي قطاعات الغرور العصر واسعة الى الاستخفاف بالإيمان بالله وبما جاء به النبيون.
أن ظاهرة الغرور والإعجاب بما لدى الشباب من قوة،أو جمال، أو مال، أو شعور بالتفوق الاجتماعي، أو العلمي على الآخرين، هي إحدى المشاكل الكبرى في المجتمع، يجب علاجها، وتثقيف جيل الشباب ثقافة أخلاقية وتربوية، تجنبهم مخاطر الغرور، والإعجاب بالنفس، عن طريق المدرسة، والإعلام، والأسرة،والضبط القانوني، لاسيما بتعريفهم بالنتائج المأساوية التي انتهى اليها المغرورون والمعجبون بأنفسهم..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ..
"لا يدخل الجنه من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "!!!!
نسأل الله السلامه من التكبر والغرور ومن اصحابها ..
ما تعاظم أحد على من دونه إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه... "أبو حيان التوحيد"
من علامات الانهيار العصبي أن يظن الإنسان أن ما يفعله في غاية الأهمية... "برتراند راسل"
الغرور هو المخدر الذي يسكن ألام الغباء..."فرانك ليهي"
الغرور هو أن ترى في نفسك ما لا يستطيع الآخرون رؤيته..."جورج هيجنز"
الغرور هو ما تقدمه الطبيعة الكريمة لتخفيف ألام الحمقى..."بيلامي بروكس"
أكثر الناس تزدهيهم الأماني، ويعبث بعقولهم الإغراء، فإذا هم من صرعى الغرور."طه حسين"
عجبت لابن أدم يتكبر، وأوله نطفة وآخره جيفة..."الإمام علي بن أبي طالب"
الغرور دليل على الذل أكثر منه دليل على الكبر…"جوناثان سويفت"
لا يوجد درجات للغرور، يوجد فقط درجات في إخفاؤه…"مارك تواين"
ما يجعل غرور البعض غير محتمل هو تعارضه مع غرورنا الشخصي…فرانسوا دو لا روشفوكول
اسئلة للحوار:
1/هل الغرور مثل ماقلت افه العصر او هناك من يختلف معي؟
2/هل انت مغرور تكلم بصرحه؟
3/ماذا يعني لك الغرور؟
4/وهل الغرور يشكل نسبه عاليه في الزمن هذا ؟؟؟؟
5/وهل اصبحت هذا الظاهرة هي مرض في المجتمع اما انها شيء عرضي ممكن ان يزول؟
الغرور لدى الشباب : من كتاب( السعادة و الشباب ) لـ محمد صابر الحسين