ســــفرُ الحيــاة
أبَتْ لي مِلَّـــتي , وأَبىَ إبائـــي
قـــبولَ الـــذلِّ دَرءًا للبـــلاءِ
فليـــسَ لِهامـــة تُحنىَ لعبـدٍ
لغــــيرِ الله تلـــقى من دَواءِ
أبيتُ على الطَّـوىَ وتبيتُ نفسي
تعــــللُّ فاقــــتي بالكبريــــاءِ
ولستُ أرى بضيقِ العيشِ عيـــبًا
ولا أنَّ الفضيلـــــةّ في الثـَّـــــراءِ
ولا انا أشتكي حالي لعبـدِ
فما غـــــيرُ الإلهِ به رجــائي
فربَّ غــدٍ به فرجٌ قريبٌ
وربَّ العســرِ يُتبعُ بالرَّخـاءِ
وأصبرُ في الشّـدائدِ عن يقينٍ
بعدلِ اللهِ في مجرى القــضاءِ
وما أرضى وُرُودَ الوِرْدِ هُـونًا
ولو غِـــلِّي تسبَّبَ في فَنائي
ولا قبّــلتُ كفـــًا أرتجيــه
لأمر لابســـًا ثوبَ الـرِّياءِ
ولا أرجو المــودَّةَ من لئــيمٍ
وإن غالــى وأقســــمَ بالولاءِ
ولا يوما رفعـتُ غَـــطاءَ قِــدرٍ
لخلٍ .. كي يُـصانَ غطا إنائـي
ولو خلٌ أباح لنا بسِّـــرٍ
حفظـتُ السِّـــرَّ عن دَانٍ وناءِ
ولو أعطي لعافٍ بعضَ فضلٍ
فإنَّ الأمـــرَ يبقى في الخـــفاءِ
وأحفظُ مـن حيــاءٍ مــاءَ وجــهٍ
لعافٍ مثــلما أحفظ حيــائي
وألقىَ صــاحبي منِّي بــوجــهٍ
بشـــوشٍ .. نـَــمَّ عــن صدقِ الإخـاءِ
وأغفــرُ عـن رضىً زلاَّتَ صــحبٍ
وأرْعـــىَ وُدَّهُــــم خــوف الجــفاءِ
وإن داريــتُ عــن حِــلمٍ ســفيهًا
أمَــطْتُ أذىً تعلَّـــقَ بالــرِّداءِ
وإن ألفيــتُ طيرًا فـوق غُــصنٍ
وحيــدًا ..نُـحْتُ مــن فـرْطِ العَـزاءِ
أواســـي جُـــرْحَ مــكلــومٍ وأبــكي
كــأنـي منـــهُ أولــىَ بالبــكاءِ
تـَـذَكـَّـرْ يا ابنَ آدمَ رُبَّ نُصْـــحِي
يفــيدُ , ولســـتُ أرنو للثَّــناءِ
ولســتُ بِـمُـــدَّعٍ أنِّــي حكـــيمٌ
ولا أنَّــي اكتــشفتُ دواءَ دائِــي
فـــبرُّ الـوالــدينِ عليـــكَ فـــرضٌ
ولا تنســـاهما وقـــتَ الـدُّعــــاءِ
ومَــنْ طـلبً العُــلى من غــيرِ جَـهد
كَــراقٍ دونَ جُــــنحٍ للفضــاءِ
ومــا الإنســانُ إلا ظلُّ ســـطر
بســـفرٍ صِـــيْغَ من طــينٍ ومـاءِ
ومهما طال عيشك سوف تُمحى
مِـنَ الــدُّنــيا.. فســطِّرْ للبــقاءِ!
شعر حمال زيادة
حقوق النشر والتأليف محفوظة للشاعر
القصيدة منشورة في ديواني الحمدانيات الثاني في مصر عام 1997 م