المشاركة الأصلية كتبت بواسطة VIP Engineer
اولا اقدم اعتذاري لتأخري في تدوين قرائتي, بسبب كثرة الانشغالات وضيق الوقت..
وقطعا قرائتي لن تكون بمستوى طرحكم.. لكن ساحاول على كل حال:
بداية الرحلة مع الرواية تنطلق من وصف لشجرة الكستناء زرعها شخص مجهول في بلد ما في الشمال. هذه الشجرة تكون المدخل لوصف المجتمع المسيحي في العصور الوسطى ثم تتقلص المساحة ليركز هرمان على دير ماريابورن, ذلك الدير الذي شهد العديد من مشاهد التناقض والصراع, بالرغم من كونه مكان ديني يتصف بالقداسة والنقاء.
فمن مشاهد التنافس ما تجسده شخصية نرسيس ذلك المعلم الشاب الذي جاهد حتى استطاع الوصول لمستوى عالٍ في الدير. فنرسيس كان يعيش صراعا بين عقله الذي يدعوه الى عدم الانجرار نحو عواطفه حتى يبقى محافظا على هيبته وبين روحه العطوفة واحاسيسه الحنونة, خصوصا اتجاه غولدموند. وحتى الاخير كان ايضا في صراع بين تحقيق حلم والده بان ينال مكانة عالية في الدير ليصل على الاقل الى صف الرهبان المبتدئين, وبين حبه للحياة والتمتع بملذاتها والذي كان الدافع له لكسر قوانين الدير والخروج مع بعض الفتية الى احدى القرى المجاورة والالتقاء مع بعض الفتيات.
مشهد اخر من التناقض وهو ما يجسده مثقفوا الدير الذين كانوا ينظرون الى الاب الرئيس نظرة دونية مليئة بالسخرية كونه لا يجيد اللغة اللاتينية ويجهل اللغة اليونانية. وحتى الاب الرئيس دانييل كان في صراع مع نظرته لنرسيس, فاحيانا يرى فيه شخصا متغطرسا بسبب انعزاله ولكونه ليس لديه اصدقاء, واحيانا يراه موهوبا رائع الحديث والتفكير جدير بالمكانة التي وصل اليها.
وحتى صداقة بطلي الرواية, نرسيس وغولدموند, والتي بدأت مع نهاية الفصل الثاني وبداية الفصل الثالث لم تسلم من الدخول في صراعات مختلفة. صداقة كانت بدايتها اشبه ما تكون باستجواب من نرسيس لمعرفة خوالج نفس غولدموند, او محاولة منه لتخفيف الشعور بالذنب بسببه كسره قواعد الدير واقترافه للمعصية, الا انه في الفصول التالية من الرواية نقرأ انجرار غولدموند لحياة المتعة واللهو مع النساء بعيدا عن مفاهيم الدير وطريق الرهبنة. ثم بدأت المكائد تحاك ضدهما امام الاب دانييل الذي لم يقف عائقا امامها بالرغم من كونه كان يرى انها لا تخلو من خطر.
نهاية القصة مأساوية عندما مات غولدموند وهو يحدث صديقه نرسيس
من الاقتباسات التي بقيت عالقة في ذاكرتي:
- ( اه, نعم , افكر في الموت وافكر كيف تشكلت حياتي. حين كنت فتى, وكنت انت ما تزال طالب فقه, كنت اود ان اصبح حكيما مثلك. وبينت لي كيف اني لا انفع لذلك. ومن ثم اتخذت المنحى الاخر للحياة, وتبعت احاسيسي وسهلت النساء لي السبيل للعثور على المتعة في ذلك).
- (خاض نرسيس صراعا ضاريا مع نفسه. وانتصر وظل وفيا للطريق التي اختارها, ولم يخفف قط مثال ذرة من خدمته الصارمة. بيد انه تكبد خسارة صديقه, وغالى ايضا من ادراكه مدى المساحة الهائلة التي احتلها ذلك الصديق في قلبه, في حين ان عليه ان يتكرس بكليته لله ولاداء واجبه)
اكتفي بهذا القدر واعتذر على الاطالة