TODAY - August 23, 2010
في استقامة الظهر تكمن الصحة والأناقة
تعلم المشي بطريقة صحيحة يرفع رأسك عاليا ويجنبك الآلام
هناك مدارس متخصصة لتعلم المشي برأس مرفوع وظهر مشدود
لندن
لا تستغربي إذا اشتكيت لخبير من آلام في الظهر والكاحلين أن تسمعيه ينصحك بأنه عليك أخذ دروس في تعلم المشي على أصوله. وقد تسمعين هذه النصيحة أيضا من مجربة عانت من المشكلة في السابق ولم تخرج منها إلا بمشقة النفس، أو من مدربي اليوغا، التي تعتبر أيضا احد أهم العلاجات التي ينصح بها في حالات آلام الظهر الصعبة. الاستغراب من هذه النصيحة سببه أننا نعتقد ان تعلم المشي تجاوزناه في سنوات الطفولة الأولى، لكن الحقيقة التي يؤكدها الخبراء ان هناك مشيا وهناك مشي صحيح. فهذا الأخير من شأنه أن يعوض عن ساعات من العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية، لأنه اسلوب وقاية يرافقنا لمدى الحياة، ثم ان هذه الدروس قد تكون ممتعة ولا تستغرق سوى 10 حصص على مدار أشهر، وبالتالي يمكن ان تعوض عن الرياضات المختلفة التي لا يميل لها العديد منا. في هذه الدروس يقوم المدرب بالتدريب على المشي بقدمين متوازيتين، مع توزيع ثقل الوزن بالتساوي، على ان يكون الجسم في وضع مستقيم، وهو الأمر الذي قد يبدو سهلا لكنه صعب التطبيق لأن هذا يعني تخلصنا من عادات خاطئة كبرت معنا ورافقتنا لسنوات طويلة. فمما لاشك فيه ان تغير إيقاع الحياة وزيادة مسؤوليات المرأة، والرجل ايضا، ما بين العمل خارج البيت وداخله، يضطرها للركض والمشي بسرعة من دون ان تلتقط انفاسها أو تفكر كيف تمشي بطريقة صحية، هذا عدا ان حملها لحقائب كبيرة الحجم محملة بالأثقال من اكسسوارات العصر، وإقبالها المحموم على احذية بكعوب عالية باسم الموضة، أمور لا تساعد على الإطلاق. يقول جوناثان فيتزغوردون، وهو مدرب «يوغا» يمتلك مركزا خاصا به في بروكلين: «يعتقد قلة منا أننا لا نحتاج إلى دورة تدريبية على المشي، كما لا نحتاج إلى دورة للتدريب على التنفس، لكن معظم الأميركيين لا يعرفون كيف يخطون، وهي المشكلة التي لاحظتها لأول مرة بين تلاميذي الذين أدربهم على اليوغا. قد يدخلون عليك في خطى مريعة، ثم يقومون بأداء حركات يوغا على نحو رائع، ويستمعون إلى كل ما أقوله حول الاستقامة الجسمانية. وبمجرد انتهاء الدرس، يعودون إلى الوضع السيئ».
ولمساعدة الطلاب على ممارسة ما يتعلمونه في الشارع، أضاف فيتزغوردون دروسا للسير في دروس اليوغا، بالإضافة إلى تدريسه لمجموعات صغيرة وأفراد. ومعظم زبائنه من الأشخاص الذين يذهبون إلى الأطباء وخبراء المعالجة اليدوية والمعالجين بالتدليك بحثا عن راحة من آلام العضلات أو المفاصل. ويحاول الزبائن، بتعليمات من فيتزغوردون، تصحيح نظام الحركة بدلا من التركيز على الركبتين أو الظهر المؤلمين كل بمفرده. ويشرح فيتزغوردون السبب: «الجسد مثل الماكينة، فكل جزء يقوم بوظيفته الخاصة به، ولكن جميع الأجزاء متصلة».
ولكن على النقيض من السيارة، يتميز الجسد أيضا بالقدرة على أن يعوض أي جزء، كما يقول: «إذا تلف إطار السيارة، فلن تذهب إلى أي مكان، ولكن إذا جرحت قدمك، يمكنك أن تعرج وتستمر في السير. ولذلك، تصاب الماكينة كلها بالإجهاد».
كان الدكتور كيث كولبر، وهو طبيب أطفال حديثي الولادة في لوس أنجلوس يعاني من تآكل في القرص الفقري، يأمل في تجنب الجراحة عندما حجز في عدد من الحصص الخاصة للتدريب على السير مع شيري يرورمان معلمة اليوغا وطبيبة العلاج الطبيعي ألفت كتابا بهذا الشأن بعنوان «امش لنفسك جيدا» في عام 1999. وعندما رأته برورمان وهو يسير حافي القدمين وبدون قميص في صالة تدريبها، لاحظت أنه يثني ظهره ليتفادى الألم، فساعدته من خلال هذه الدروس على استعادة استقامة ظهره على الوجه الملائم، ليتوزع ثقل وزنه على الأركان الأربعة لقدميه.
قال كولبر (46 عاما): «بمرور الوقت، أصبحت مشيتي طبيعية أكثر، واشعر بألم اقل. وأصبحت كلما شعرت بألم في ظهري، أذهب للسير لمسافة ميل أو اثنين، واشعر بتحسن في النهاية، لأنني قمت بالتعديلات الصحيحة».
معظم مشاكل أوضاع الوقوف تحدث عندما لا تؤدي عضلات الجسم الوظائف المراد منها. على سبيل المثال، يشعر الأشخاص الذين لا يستخدمون عضلات المعدة عندما يسيرون بالإرهاق، لأنهم بهذا يجبرون عضلات الظهر على تعويض ذلك والقيام بمهمة مضاعفة. والخطوة الصحيحة هنا هي إعادة استقامة أوضاع بقية الجسم، مثل دفع الفخذين الداخليين إلى الخلف، واستقامة عظمة العُصعُص. هي تعديلات صغيرة، ولكنها تعطي نتائج كبيرة، لأن التدريبات قد تساعد على التخفيف من مشاكل أنسجة لينة معينة، وإن لن تتمكن من تصحيح تشوهات العظام. وبالتأكيد، تعلم المشي على النحو الصحيح شيء، والقضاء على عادة عمرها 30 أو 40 عاما أمر آخر. تقول الطبيبة هيدي براثر، الأستاذ المساعد في جراحة العظام في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس، إن الأشخاص الذين يتلقون تدريبات قوية في اليوغا ويشتركون في ثماني حصص أو أكثر ستكون لديهم القدرة الذاتية على اختيار الاستمرار، ولكن مثل ذلك الاتجاه نادر لدى الأغلبية.وتضيف: «في بعض الأحيان أخبر المرضى أن الأمر ليس بدنيا بل عقلي، فهم يحتاجون إلى أن يفكروا في كيفية مشيهم. ومعظم الأشخاص لا يريدون أن يفعلوا ذلك، بل يفضلون علاجا سريعا». لكن لحسن الحظ ان من يتعلم الطريقة الصحيحة للمشي ويستمر عليها لفترة طويلة، فإنها تصبح جزءا منه، وبالتالي لن يقع في خطر العودة إلى الطريقة القديمة، وبهذا يتخلص من الآلام ويكتسب طولا ومشية انيقة وصحيحة.