قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ))
إن أغلب الناس في تقييمهم للأشخاص، يعتمدون على القول، ولكن علياً
عليه السلام يقول: (أيها الناس!.. من عرف من أخيه وثيقة في دين،
وسداد طريق؛ فلا يسمعن فيه أقاويل الرجال.. أما إنه قد يرمي الرامي،
وتخطئ السهام، ويحيل الكلام.. وباطل ذلك يبور، والله سميع وشهيد..
أما إنه ليس بين الباطل والحق إلا أربع أصابع، وجمع أصابعه
ووضعها بين أذنه وعينه، ثم قال: الباطل أن تقول:
سمعت، والحق أن تقول: رأيت).. ليس معنى ذلك أن الناس كلهم فسقة،
ولكن (السيف قد ينبو، والجواد قد يكبو).
فإذن، إن وظيفة المؤمن عندما يسمع من أخيه كلمة سيئة؛
أن يعمل بهذه الروايات: ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
قوله: (احمل أخاك المؤمن على سبعين محملاً من الخير)..
وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً،
وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا)!..
وعن جعفر الصادق (عليه السلام): (إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره،
فالتمس له عذرًا واحدًا إلى سبعين عذرًا.. فإن أصبته،
وإلا قل: لعل له عذرًا لا أعرفه).. ليس معنى ذلك أن يكون كالنعامة،
يدس رأسه في الرمال، ويقول: ليس من صياد!..
و كذا لا يظن السوء و الشر بالمسلمين، و لا يحملن ما له
وجه صحيح من اعمالهم و اقوالهم على وجه فاسد، بل يجب
ان يحمل كل ما يشاهده من افعالهم و حركاتهم على احسن الوجوه
و اصحها، ما لم يجزم بفساده، و يكذب وهمه و سائر حواسه،
فيما يذهب اليه من المحامل الفاسدة و الاحتمالات القبيحة
المحرمة، و يكلف نفسه على ذلك، حتى يصير ذلك ملكة له،
فترتفع عنه ملكة سوء الظن بالكلية. نعم، الحمل على الوجه
الصحيح على تقدير عدم مطابقته للواقع، لو كان باعثا لضرر
مالي او فساد ديني او عرضي، لزم فيه الحزم و الاحتياط،
و عدم تعليق اموره الدينية و الدنيوية عليه، لئلا يترتب
عليه الخسران و الاضرار.