منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان والى يومنا هذا وكل إنسان لديه مهنة أو حرفة يعمل بها حيث، ولكن مع التقدم والتطور والانفتاح على العالم الذي يعيشه العراق حاليا أهمل الكثير بعض المهن اليدوية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، فأخذت هذه المهن التي تعبر عن تراث وحضارة قديمة لا تليق بالشباب الجديد بالإضافة الى الاستيراد ودخول كافة البضائع الى العراق الذي اثر تأثير واضح وملحوظ على هذه المهن، فنلاحظ إقبال الناس عليها اكثر لان سعرها رخيص واصبح الانسان العراقي اليوم لا يبحث عن النوع ولكن يبحث عن السعر المناسب فنجد الكثير منها بطريقه الى النسيان وبعد ايام قليلة اذا استمر هذا حالها فلا نجد لها اثر في العراق.
وكان لموقع نون لقاءات مع عدد من أصحاب هذه المهن للتعرف على تاريخ هذه المهن وتاريخ نشأتها فكان لقائنا الأول مع الحداد ( السيد مقدام إبراهيم) حيث قال: تعتبر هذه المهنة قديمة جدا حيث كان يستخدمها العرب لصناعة الادوات التي تستخدم في الزراعة والنخيل بالإضافة إلى الكثير من الأدوات مثل عدد الحرب كالسيوف والدروع واسنة الرماح وحذوات حوافر الخيل والخناجر وغيرها من تلك العدد.
وأضاف تطلق كلمة حداد على كل من يتعامل مع الحديد سواء في تصنيعه وتشكيله او في صيانته حيث يطرق الحديد بعد ان يسخن في النار ومن ثم يصنع ويشكل المنتجات المطلوبة.
وتابع لا ينقرض عملنا ولكن الاستيراد العشوائي اثر عليه، مما جعلني اضطر في اغلب الأحيان ان اشتري مبارد تجارية وأحولها الى سكاكين لكي ابيعها بسعر رخيص لان الإنسان يبحث عن السلعة الرخيصة ولا يهمه ان كانت جيدة او اصلية.
تبقى مشكلتنا الاساسية هي نحن مبعثرين الان كل شخص منا يعمل في مكان بينما كنا في السابق مجوعين داخل سوق واحد ولكن النظام البائد هدم سوقنا، نطالب الحكومة المحلية مساعدتنا والنظر في حالنا بجمعنا بسوق واحد لان مهنتنا تعتبرتراثية لأنها من المهن اليدوية القديمة.
من جانبه بين الصفار (حسن ماشي) الذي تجاوز الستين من عمره، ان كل انسان كان في السابق وما يزال يلقب تبعا لمهنته وعمله، تعتبر مهنتنا تراثية وعريقة حيث كانت الدلة الكربلائية من اغلى الدلات في العالم كل شيء يدوي أحسن الميكانيكي لان يوجد فيه متانه وليس خفيف كالتجاري، ادواتي التي اعمل بها ورثتها عن والدي الذي بطبيعة حاله ورثها من والده مثل (السنادين بانواعها والناي والدرناي والجرماله والبنج بالاضافة الى المكينة التي يتجاوز عمرها اكثر من (150) سنه).
واضاف كان سوق الصفارين في السابق خان ابو الدبس مجموع فيه كافة صفارين كربلاء، حيث كان الناس قديما ياتون لنا لتجهيز نيشان العروس الذي يعتبر من ضمن جهازها المتكون من ( طشت ومواعين وجبجير طبخ وقدر ومصفاة)،أكثر زملائي في المهنة مات والباقي منهم تركوا هذه المهنة فمثلا السيد صادق كان أستاذ في النقش لكن لكثرة المستورد حاليا تدهور عملنا فيعمل حاليا طباخ.
وتابع في يوم وانا اعمل واطرق تفاجاءت باحد الاشخاص لا اعرفه يجلس جنبي وهو يقول: فاعل فاعل فعول، سالته ماذا تقول؟ اجاب: ان اللحن الموسيقي اخذوه من الصفارين ونحن ندرسه الان حيث اذكر استاذي وهو يدرسني واطبق هذا على الطرق الذي انت تطرقه الان.
اعمل حاليا المشاعل والهوادج للمواكب والطوس والقامات والسبيل والسطل والمشربة يحضر لي في بعض الاحيان الفرقة القومية للتمثيل اعمل لهم بعض الاعمال.
واضاف النجار (رسول حسن داود)، مهنة النجارة من المهن اليدوية الأثرية حيث يعود تاريخها لأكثر من 100 عام، يعمل حاليا بهذه المهنة (5-6) محلات بعد ان كانوا كثيرين في السابق والسبب يعود ان اصحاب هذه المهنة القديمين كبروا بالسن والبعض منهم توفى، وان اولادهم لا يرثون هذه المهنة الشريفة ويتحججون بالتطور والانفتاح الجاري حاليا.
واضاف ورثت هذا العمل من والدي اعمل ربد كرك وغرابيل ويدات المناجل والسكاكين ويدات سكاكين التكريب وتختات اللحم، والحجلة الخشبية للطفل يبقى والد الطفل يبحث عنها لان الطبيب يصفها لتقوية أرجل الطفل، كان في السابق يأتي الينا البدو ياخذون منا فؤس للحطب كي يستخدموها للطبخ، الان البدو يستعملون الغاز وتنور الغاز في الصحراء، كانت كربلاء في السابق تعتبر مركز لهذه السلع حيث نجد اغلب المحافظات تاتي الى كربلاء لتحصل على هذه السلع.
وتابع حصل فتور في عملنا في الفترة الاخيرة لان عملنا يتاثر بعمل الفلاح والفلاح لا يعمل الان بعضهم ترك الزراعة والبعض يوعز عدم عمله لعدم حصوله على الكاز والكيمياوي.
خشب شجرة الصفاف نتركه معرض للشمس لمدة سنة كاملة كي يجف ونعمله ربد لكرك يبقى عند الفلاح اكثر من اربعة سنوات، اما الربد الصيني المتوفر بالسوق حاليا فعمره قصير جدا لا يتجاوز الثلاث اشهر.
ارفد بلدية كربلاء بالمكانس والعربات والماسحات وغيرها من أدوات التنظيف وأيضا مديرية الماء والمجاري بالكرك والقزمة وغيرها من المواد التي تستخدم للحفر.
وفي ختام تحقيقنا نلاحظ مناشدة اصحاب هذه المهن الحكومة المحلية بجمعهم بسوق خاص بهم في أي مكان كي يساعدوهم في مواصلة عملهم والحفاظ على هذه المهن التراثية القديمة من الانقراض.
ان بعد مرور فترة من الزمن لا نجد لهذه المهن الاثرية من ذكر سوى في الكتب، لعدم القدرة على السيطرة على الاستيراد الداخل الى البلد الذي لايقارن بما يصنعه العراقيون لانهم ورثوا عملهم من ابائهم واجدادهم اما الاجنبي فيعتمد على الاله لذلك نجده ليس بالجودة والمتانة العراقية اليدوية .