كيف يمكن التخلص من بقايا الزئبق بشكل آمن؟
أصبح الزئبق موجوداً في كل مكان حولنا، فهذا المعدن الثقيل السام لا يوجد فقط في الالكترونيات والبطاريات وأنظمة الصرف الصحي، بل أيضاً في المصابيح الموفرة للطاقة وفي حشو الأسنان. فما هي الطريقة الأمثل للتخلص من بقاياه؟
الزئبق مادة سامة، وإذا ما ألقيت في الطبيعة، فهي تعود للإنسان وتخزن في الدم والأنسجة والعظام. وفي كثير من الدول النامية، يتعرض الناس لمخاطر صحية ضخمة، نتيجة تعاملهم الخاطئ لمع أشياء تحتوي على زئبق، وخاصة الأجهزة الالكترونية والحواسب الآلية والمصابيح الموفرة للطاقة، والتي عادة ما تلقى بطريقة خاطئة مع القمامة العادية. وكثيراً ما يقوم أطفال من العاملين في جمع القمامة ويلعبون بهذه البقايا دون أن يدركوا خطر هذه المواد على صحتهم. ويعلق يوخن فلاسبارت، رئيس المكتب الألماني لحماية البيئة على هذا الأمر وعلى صور شاهدها في الهند، قائلاً: "إنها صور مروعة". ولحماية البشر، اعتمد الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار حظراً على تصدير الزئبق.
عملية معقدة لتنظيف بقايا الزئبق
في دول الاتحاد الأوروبي يجب التخلص من الزئبق بطريقة رفيقة بالبيئة، ولكن كيف يحدث ذلك؟ في شركة إعادة تدوير مصابيح الإنارة الأكبر في ألمانيا، وهي شركة ديلا في إيسن، هناك يتم تفريغ الشاحنات التي تحمل المصابيح القديمة من مختلف المناطق في أوروبا، وتتم تعبئة أنابيب الفلورسنت الطويلة في رقائق بلاستيكية، وتوضع على أرفف خشبية، أما المصابيح الصغيرة الموفرة للطاقة فتوضع في صناديق معدنية.
توضع مرشحات الكربون الملوثة بالزئبق والمحفزات والنفايات الصناعية الملوثة بالزئبق في أفران دوارة. بعدها توضع أنابيب الفلورسنت القديمة في مصانع خاصة لتقطيع الزجاج. وفي حال تسرب أي نسبة من غاز الزئبق، يتم شفطها على الفور بأجهزة خاصة، كما يعمل فلتر كربوني بتنظيم الهواء مباشرة حتى لا يتعرض أي عامل للأذى بسبب استنشاق غاز الزبق السام.
أفران خاصة لإعادة تدوير الزئبق
ويتم تنظيف الزجاج من المسحوق الفلوري، ثم يباع الزجاج النظيف إلى شركات صناعة المصابيح الزجاجية مجدداً، وكذلك القطع المعدنية للمصابيح. فتبقى الحمأة البيضاء، والتي تحتوي إلى جانب بقايا جزئيات الزجاج، عنصري الإتريوم واليوروبيوم، بالإضافة إلى الزئبق السام. ولفصل هذه العناصر، يضع المهندسون الحمأة في مجفف شبيه بمجفف الملابس، فيوضع في بيئة مفرغة ثم يسخن إلى 370 درجة مئوية، فيتبخر الزئبق، فيخرج غاز الزئبق من ناحية والعناصر الأخرى من الناحية الأخرى.
وإلى جانب جهاز تنظيف المصابيح، تشغل شركة إعادة التدوير أفران دوارة يتم بداخلها تنظيف كل المواد الملوثة بالزئبق، خاصة المرشحات الكربونية والمحفزات الصناعية. في هذه الأفران أيضاً يتم تبخير غاز الزئبق ثم تنظيف البخار على عدة مراحل. ومثلما هو الحال في عملية إعادة تدوير المصابيح، تبقى هنا أيضاً حمأة تحتوي إلى جانب الزئبق على عناصر قيمة مثل معدن الموليبدينوم. وبعد فصل العناصر، يبقى الزئبق النقي في نهاية الأمر. ويوضح المهندس أولريش أوغوشتات: "نقوم بتركيز الزئبق من خلال استخدام الكبريبت لتحويله إلى كبريتيد الزئبق". كانت هذه المادة تستخدم من قبل الفنانين قديماً، و"حيث أنهم عاشوا طويلاً رغم ذلك، فهذا يؤكد أن الزئبق المعالج بهذه الطريقة ليس ضارا مثل الزئبق"، كما يضيف أوغوشتات. ولذلك يقومون بعد ذلك بتخزين هذه المادة في مناجم تحت الأرض.
كيف نتعامل مع سموم الزئبق يوميا؟
مادة جميلة، لكنها سامة
يعود تاريخ استخدام الإنسان لمادة الزئبق إلى العصور القديمة. وفي العصور الوسطى، شكل الزئبق مادة مهمة للاستخدامات الكيميائية والطبية أيضاً. وفي العصر الحديث اكتشف العلماء أن هذه المادة سامة للغاية.
وفي الحياة اليومية، ينصح الخبراء في حال انكسار مصباح موفر، أن يتم تهوية الحجرة فوراً ولمدة 15 دقيقة على الأقل، ومن الضروري إبعاد الأطفال والحوامل عن هذه الغرفة لحين التأكد من خلوها من أثار هذا الغاز. أما حشو الأسنان، فمن الأصعب اكتشاف تسرب الزئبق منه، ويؤكد الأطباء حسبما نقل موقع Zentrum der Gesundheitالألماني أن كثير من الأعراض المعتادة مرتبطة بتسرب الزئبق، فهو يظهر في شكل إرهاق وصداع وألم في اليدين والقدمين، ومذاق معدني في الفم، بالإضافة إلى رعشة في اليدين وشعور بضعف في العضلات وتسارع ضربات القلب، كما يصحبه أحياناً شعور بالدوار لا سبب له.
ويمكن لتراكم الزئبق في الجسم التسبب في أمراض مثل ألزهايمر ومرض باركينسون والتصلب المتعدد واضطراب الذاكرة والاكتئاب، بحسب الموقع. وفي حال الشعور بهذه الأعراض أو بعضها يجب استشارة الطبيب وفي حال كون الزئبق هو السبب، يجب البدء بإزالة الحشو المتسبب في هذه المشكلة، وبعدها يجب تنظيف خلايا الجسم والأعصاب من الزئبق. وهناك عدة نظم غذائية تساعد في عملية تنظيف الجسم من هذه المادة السامة، وإن كانت هذه العملية تستغرق وقتاً طويلاً.