طواف الوداع هو الذي يطوفه الحجاج من هم ليسوا من أهل مكة قبل خروجهم من الحرم ويكون ذلك آخر عهدهم بالبيت، ويُطلق عليه -أيضًا- طواف الصَدْر، فإذا أراد الخروج إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ» [1]. وإن شاء الحاج قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما: «اللَّهُمَّ إنِّي عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتنِي فِي بِلاَدِك حَتَّى بَلَّغْتنِي بِنِعْمَتِكَ إلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلاَّ فَمِنَ الآنَ فَارْضَ عَنِّي قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلاَ بِبَيْتِك، وَلاَ رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي، وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طَاعَتَك مَا أَبْقَيْتنِي، وَاجْمَعْ لِي بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [2].

وقد خُفِّف عن الحائض، فالحائض والنفساء ليس عليهما طواف الوداع.
الحائض لا يلزمها طواف الوداع لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ» [3]. في رواية لـ أبي داود: «لاَ يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ» [4]. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُخبر أن صفية طافت طواف الإفاضة قال: «فَلْتَنْفِرْ إِذًا» [5]. ودلَّ هذا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض، أمَّا طواف الإفاضة فلا بُدَّ لك منه [6].


خطأ شائع:

المكوث بمكة بعد طواف الوداع فترة زمنية طويلة، وهذا مخالفٌ لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، مع مراعاة أنه لا بأس -كما قال أهل العلم- بالإقامة اليسيرة لأداء الصلاة أو انتظار الرفقة أو إصلاح عطل في السيارة أو شراء ما لا بُدَّ منه، ولكن إذا طال المقام، فإن الأحوط إعادة طواف الوداع.

المصدر:

- كتاب الحج والعمرة أحكام وخبرات، للدكتور راغب السرجاني.

[1] البخاري: كتاب الحج، باب طواف الوداع، 1668، ومسلم: كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، 1327 ، وأبو داود، 2002 واللفظ له عن ابن عباس.
[2] ابن تيمية: مجموع الفتاوى، 26/142، 143.
[3] البخاري: كتاب الحج، باب طواف الوداع، 1668 ، ومسلم: كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، 1328.
[4] البخاري: كتاب الحج، باب طواف الوداع، 1668 ، ومسلم: كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، 1327 ، وأبو داود، 2002 واللفظ له عن ابن عباس.
[5] البخاري: كتاب المغازي، باب حجة الوادع، 4140 ، ومسلم: كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، 1211 ، وأحمد 24147 ، واللفظ له.
[6] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، 23/189، 190.