اخترت العنوان على طريقة عناوين برنامج (بالحرف الواحد) لاحمد ملا طلال.
لا افكر ابدا بنظرية المؤامرة ولا احبها، .. غالبا نظرية المؤامرة يؤمن بها البسطاء من الناس بسبب عدم وضوح الدوافع وغياب المعطيات عن اذهانهم .. ولكن انا احسب الامور بالرياضيات وبالمنطق .. فربما يتوهم العديد من ابناء الشعب البسطاء إنه هذا السباق "الاعلامي" لتشكيل الكتلة الاكبر هو بالفعل سينتج كتلة "أكبر" تشكل الحكومة و اخرى يتم دفعها إلى المعارضة .. ومهما تكون نية المتسابقين .. عن تعمد اظهار الجهل او الجهل .. فهذا السباق مجرد زوبعة اعلامية لن تنتج إلا المحاصصة المذمومة نفسها من جديد
فعلى الرغم من إن الدستور العراقي يعطي امكانية للكتلة الاكبر "داخل البرلمان" صلاحية ترشيح رئيس مجلس الوزراء، (الذي يقوم بتكليفه رئيس الجمهورية عبر بلتيقة دستورية زائدة للغاية) إلا إن البرلمان نفسه ذو صلاحيات واسعة في مراحل ما بعد تعيين رئيس المجلس الوزراء فالبرلمان بامكانه:
- الموافقة او عدم الموافقة على الوزراء المرشحين منفردين،
- اقالة اي وزير في الدولة او رئيس هيئة مستقلة بعد استجوابه
- اقالة رئيس الوزراء نفسه
- عرقلة تمرير قانون الموازنة و هو ما يؤدي إلى شل عمل الدولة
- تشريع قوانين مختلفة قد تعرقل عمل الحكومة
- التدخل في عمل الهيئات الرقابية مثل النزاهة وغيرها التي تحتاج إلى دعم البرلمان
هذه وغيرها من صلاحيات البرلمان الواسعة وفق الدستور العراقي .. التي تجعل الحكومة مكبلة ومشلولة إذا كان البرلمان ليس في صفها.
وقد يظن المراقب، إنه اذا استطاعت الكتلة الاكبر جمع اكثر من نصف عدد البرلمان + 1، وبالتالي تشكل حكومة مدعومة من البرلمان بهذا النصف .. كل ما تحتاجه الكتلة الاكبر هو 165 مقعد لتمرير اي قانون ودعم ترشيح الوزراء من الكتلة الاكبر وغيرها .. و هذا الكلام صحيح نظريا .. ولكن لنأتي إلى التطبيق العملي
- في كل الدورات السابقة .. كان نصاب الجلسة يتحقق بـ معدل 170 نائب (يصل إلى 200 في احسن الاحوال) .. و هذا بسبب: أولا (استيزار النواب او تعيينهم في مناصب) وثانيا (الغيابات والاجازات المرضية والايفادات والعلاج والحج والعمرة وغيرها للنواب) و ثالثا: عدم محاسبة مجلس النواب، في كل الدورات السابقة على غياب اي نائب مهما تجاوزت عدد غياباته، و بعض النواب بالفعل حضر فقط لتأدية القسم ثم لم يره احد بعدها.
- اذا كانت قد دفعت اكثر من 100 مقعد إلى المعارضة .. فهذا يعني إنه بامكان المعارضة كسر نصاب اي جلسة مهما كانت .. حسب النقطة السابقة، خصوصا إنه سيحاولون الانتقام من الحكومة المشكلة من غيرهم باي طريقة و هذا يؤدي إلى الشلل التام للدولة.
- حتى لو قامت الكتلة الاكبر بتعيين وزراء وغيرهم من خارج البرلمان وحافظت على العدد الفعلي الذي بامكانه الحضور، فهذا سيؤدي إلى فرض املاءات من قبل نواب الكتلة الاكبر انفسهم على الحكومة لاجل تمرير قوانينها او تعيين وزرائها او تسيير امورها عموما، فبمجرد تخلف النائب من الكتلة الاكبر عن الحضور، تستغل المعارضة الامر .. وتبدأ عندها المزايدات والمساومات و تنتهي بمحاصصة مقيتة داخل نفس الكتلة الاكبر.
النتيجة هنا .. إنه إذا كانت هذه المعلومات في بال السياسيين فهم يدركون اهمية المحاصصة لضمان مصالحهم .. و حتى اذا كانت هنالك "كتلة شريفة" لا ترضى بالمحاصصة .. وتختار صف المعارضة منذ البداية .. ستبدأ الترغيبات لاشراكها بالحكومة لان بقاء تلك الكتلة او ذلك الحزب خارج المعادلة يربك الامور ويشكل مصدر خطر على الحكومة التي تحاصص الاخرون على مواردها.
هذه النتيجة لن تتغير، لا في هذه الدورة ولا الدورات القادمة، لان الدستور (والرياضيات) يؤدي إلى هذه النتيجة .. و ما لم تتغير المعطيات لن تتغير النتائج، و يكمن الحل في الحقيقة في تغيير المعطيات، وتغيير المعطيات يكون بصورة اساسية عبر تغيير الدستور لاجل انشاء نظام ديمقراطي رئاسي (او شبه رئاسي) تكون فيه الكتلة الفائزة في الانتخابات (ولو بفارق مقعد واحد عن غيرها) قادرة على تشكيل الحكومة بنفسها دون خوف من تكبيلها من البرلمان،
ولكن اذا كان تغيير الدستور مستحيلا كما يظن البعض .. فهذه الخطوات ستساهم في تصحيح الواقع السياسي للبلاد
- ان يكون النظام الداخلي لمجلس النواب حازما بخصوص غيابات النواب، بالضبط كما يفعل مع الموظفين على الملاك العام. ( قطع االراتب والانذار ثم الفصل)
- ان يكون القضاء حازما وجادا في محاسبة المفسدين ويأمن القضاة على حياتهم، وتكون الهيئات الرقابية جادة وحازمة ويأمن افرادها على حياتهم، وبالتالي حتى لو حصلت احدى الكتل على وزارة مثلا، فلن تستطيع الافساد فيها.
- عدم استيزار النواب او تعيينهم في مراكز الدولة العليا، وابقائهم كنواب فقط.
- قمع المليشيات المسلحة خارج سلطة الدولة وسلطة القائد العام للقوات المسلحة
- تقليل الوزارات والدوائر الحكومية وترشيقها وتخفيض ميزانياتها إلى ادنى حد ممكن، وخصخصة مرافق الدولة المختلفة القابلة للخصخصة والتمهيد للقطاع الخاص ليستلم مهمة تطوير البنية التحتية وخدمة المواطنين فاذا لم تكن هنالك اموال في القطاع العام، فلن يتكالب احد عليه.