ما هي الضوئيات السيليكونية (Silicon Photonics)؟منذ ابتكار الترانزستور قبل أكثر من 60 عاماً مضت، استخدمت الرقائق شبه الموصلة الإلكترونات للاتصالات. كل جيل جديد من الأجهزة قدم عدداً أكبر من الترانزستورات في مساحة صغيرة تعمل على سرعات أعلى. اليوم، حجم صناعة أشباه الموصلات يتعدى الـ 250 بليون دولار سنوياً حيث تحتوي الشريحة الواحدة من نوع (CMOS - أشباه الموصلات بمكملات أكاسيد المعادن) مثلاً على مليار أو أكثر من الترانزستورات. هذه الدارات الكهربائية المركبة لا تزال تعمل ضمن الظاهرة الكهربائية 100% <بمعنى أنه لا يوجد أي ظواهر فيزيائية أخرى كالصوتية أو الحرارية مثلاً ليستفاد منها في مبدأ العمل وإنما الكهرباء بشكل كامل - المترجم>.في غضون ثمانينات القرن الماضي، قُدِمت الاتصالات الضوئية المبنية على الليزر والكوابل الضوئية العاملة على مسافات بعيدة. وبدلاً من التكلفة المنخفضة للسيليكون، كانت الاتصالات الضوئية بحاجة إلى مواد غريبة لتشغيل الليزر، الكاشفات (Detectors)، المرشحات (Filters)، المضمنات (Modulators)، والمحولات (Switches). كانت أجهزة الاتصال الضوئية تجمع يدوياً من مئات القطع بل ولازالت حتى اليوم في كثير من الحالات. بالرغم من أنها كانت مكلفة، كان للاتصالات الضوئية ميزة في قدرتها على إرسال مقدار مهول من البيانات إلى مسافات طويلة، حتى أن الإنترنت بنيت على عمود فقري من شبكات الاتصالات الضوئية.الضوئيات الفوتونية تستحضر الاتصالات الضوئية إلى صناعة أشباه الموصلات، بما يمكن لنطاق جديد كامل من التطبيقات. الإلكترونيات الضوئية (Opto-electronics) تصنع على نفس شرائح (CMOS) باستخدام نفس المعدات والطرق المستخدمة في الرقاقات الإلكترونية. فالشرائح تعالج في نفس منشآت تصنيع أشباه الموصلات التي تعالج الرقائق الإلكترونية وتقطع الشرائح على شكل رقائق مثلها، وبإمكان الرقائق الضوئية هذه أن تكون غير مكلفة تماماً كأقرانها الإلكترونية. وعند الحاجة إلى التصنيع بكميات كبيرة، تقوم منشآت تصنيع أشباه الموصلات بمعالجة المزيد من الشرائح على نفس الطريقة.الضوئيات السيليكونية تنفي الحاجة إلى التجميع اليدوي لمئات القطع. شرائح الضوئيات السيليكونية هي أصغر بكثير جداً من تلك المركبة يدوياً والتي تبدل بها. تستطيع الشريحة السيليكونية الضوئية أن تدعم سرعات توصيل بيانات تصل إلى 100 جيجا بت لكل ثانية (Gbps) لشريحة بنصف قياس طابع بريدي، الأمر الذي يمكن من سرعات اتصال أسرع بين المعالجات المركزية (CPU) العاملة على الحواسيب الكبيرة (Super Computers) ذات السرعات العالية والذاكرة أو المعالجات المركزية الأخرى. هذه التكنولوجيا الجديدة تمكن الموجهات (Routers) والمبدلات (Switches) في مراكز البيانات (Data Centers) من الاتصال بأنبوبة تحتمل سرعة مقدارها 100 Gbps بدلاً من 10 Gbps. هذه الرقائق تستطيع أن تمكن الوحدات الإكترونية المعززة (Backplanes) في الحواسيب عالية الكفاءة من العمل على سرعات 100 و 400 Gbps أو حتى 1 Tbps (تيرابت (ألف مليار بت) لكل ثانية). في السابق، كانت الحلول الضوئية المجمعة من وحدات منفصلة تغلف في وحدات محكمة الإغلاق. ذرة من الغبار بين أي من المكونات تعوق مسار الضوء وتجعل المنتج عديم الفائدة. على العكس من ذلك، الضوئيات السيليكونية معزولة ذاتياً بطبقات الرقاقة نفسها. وبدون الحاجة إلى الإغلاق المحكم، تستطيع هذه الرقائق إعادة استخدام التغليف القياسي المستخدم في صناعة الإلكترونيات. ميزة أخرى هائلة للاتصالات الضوئية هو فصل الموجة المتعدد (Wave Division Multiplexing – WDM). مع هذه الميزة، تستطيع 4، 8، أو حتى 40 قناة من الضوء، كل على تردد مختلف، من العمل بالتوازي على جديلة ضوئية واحدة. الكوابل الضوئية رخيصة خاصة إذا كانت جديلة واحدة تستبدل الكثير من الكوابل النحاسية. على سطح اللوحة الحاسوبية نفسها، تستهلك مسارات النقل الضوئية مساحة أقل من المسارات الكهربائية، بما يسمح بالمزيد من المساحة للمعالجات المركزية والذاكرة ورقائق التبديل (Switching Chips). وعلى مستوى أنابيب النقل الأكبر، الاتصال الضوئي أقل كلفة بكثير عن تلك باستخدام الكوابل النحاسية.نحن في المرحلة المبكرة من الضوئيات السيليكونية. القدرة على الحصول على توصيل أسرع وأصغر يقدم لصناعة أشباه الموصلات عالماً جديداً كاملاً من الفرص. الجيل الجديد من مراكز البيانات والحواسيب عالية الأداء وبالنهاية مستخدمي منتجات الفيديو كلهم سينتفعون من التوصيل الضوئي المبني من الضوئيات السيليكونية.التوصيلة البصرية لشركة كوتورا وهي ليست أكثر من رقاقتين صغيرتين عاملتين بالضوئيات السيليكونية، تستطيع هذه التوصيلة نقل بيانات بسرعات تصل إلى 100 جيجابت لكل ثانية وأكثر.
حجم الشريحة المتكامل بما ينفي الحاجة إلى مئات القطع وهو فعال اقتصادياً لكميات مليونية من هذه الوحدات.
المصدر: مجلة مجتمع الهندسة الكهربائية (EEWeb.com) الإصدار الـ (46) تاريخ 15-حزيران-2012