هوَ يَاسين حلمي بن السيد سلمان بن احمد بن السيد علي بن السيد حسن، وهو أحد بناة الدولة العراقية الحديثة والمهيمنين على سياستها في عهد نشأتها، حيث ترك السيد احمد الموصل واستقر في بغداد.
ولد ياسين الهاشمي في بغداد عام 1884 في حي شعبي من احياء بغداد يعرف باسم البارودية، ونشأ في اسرة متواضعة، وكان ابوه السيد سليمان مختارا لذلك الحي. يعتقد توفيق السويدي ان اصل الهاشمي من كفري أو من جوار طوزخرماتو ، بينما تؤكد صبيحة ياسين ابنته ان والدها علوي النسب، كانت تسمعه يردد امام العائلة انه اقرب الى الامام زين العابدين من الملك فيصل.
اما عن صلته بكفري فتقول ابنته انها جاءت من زوجته رفيقة عبدالمجيد ابنة عائشة خالة ياسين، وهي عربية من الموصل متزوجة من كردي من اهل السليمانية، كان مديرا للمخبز العسكري العثماني في الموصل، وعم زوجته مصطفى افندي الذي تزوج بواحدة من بنات الاغوات وسكن كفري وعاشت عائلته هناك.
وقد سافر ياسين بعد ان اكمل دراسته الاولية الى إستنبول وتخرج من المدرسة العسكرية ضابطا عام 1902وبعد ان تخرج فيها ضابطا اشترك في الحروب التي نشأت قبيل الحرب العالمية الاولى، ولاسيما في حرب غاليسيا.
ثم تخرج من كلية الأركان عام 1905 تعرف خلال دراسته في كلية الأركان على عدد من الضباط مثل عزيز علي المصري، الذي أسس حزب العهد وانضم اليه الهاشمي، بل أسس فرعا له في الموصل كما تعرف على مصطفى كمال أتاتورك وعلي جودة الأيوبي ونوري السعيد وجميل المدفعي وغيرهم.
وهناك برزت مواهبه العسكرية وبراعته في المسائل التعبوية. والتحق بالجيش التركي في بغداد.
بعد تخرج ياسين الهاشمي في كلية الاركان عاد الى العراق فعين في قيادة الجيش السادس، وانيطت به مسؤولية ادارة وتنظيم الوحدات العسكرية يرافقه في هذه المهمة سليم الموصلي وعلي جودت الايوبي وقام بجولات تفتيشية في شمال وجنوب بغداد لتنظيم وتنسيق الوحدات العسكرية وقدم بذلك تقارير وافية استحسنتها قيادة الجيش، وبقي يمارس عمله هذا حتى عام 1908 وهي السنة التي قامت بها جمعية الاتحاد والترقي بانقلابها ضد السلطان عبدالحميد الثاني حيث استبشر الهاشمي وزملاؤه من ذلك خيرا، ونظر الى هذا العهد الجديد بتفاؤل واضح ورفع الى وزارة الحربية التماسا طلب فيه رفع الغبن عنه، ومنحه رتبة ركن فجاءه الجواب بدون تأخير من وزارة الحربية بمنحه اللقب، وترفيعه الى رتبة ( قول اغاسي) التي تعادل رائد ركن.
ولما لم يكن في بغداد منصبا شاغرا لضابط ركن صدرت الاوامر بنقله الى الشام للعمل في الجيش الثامن ،الا انه بقي في بغداد بشكل مؤقت لإنهاء بعض الاعمال التي وكل اليه انجازها ، وحينما وصل ناظم باشا الوالي الجديد في بغداد واعرب له الهاشمي عن رغبته في البقاء في بغداد تم له ما اراد، وبقي مديرا لشعبة الحركات العسكرية في فرع الجيش السادس في بغداد.
وفي سنة 1913 نقل الى الفيلق الثاني عشر في الموصل بوظيفة رئيس اركان حرب الفيلق ورفع الى رتبة مقدم.
وفي الموصل اظهر ياسين الهاشمي نشاطا بارزا في التنظيم القومي وصار مسؤولا عن فرع جمعية العهد التي اسسها عزيز علي المصري في استنبول ونشاطه السياسي حتى قيام الحرب العالمية الاولى حيث نقل فيلقه الى سوريا وجعل مقره حلب ثم نقل الى دمشق رئيسا لأركان حرب الجيش الرابع
ومنها نقل الى استنبول حيث استبسل اثناء الحرب في الحفظ على مضيق الدردنيل ثم ارسل الى الجبهة الأوروبية اذ أبدى استبسالا فيجبهة غاليسيا رقي بعدها الى رتبة زعيم ركن (عميد ركن) فقد تسلم في منتصف آب 1916 مواضعه الى جانب القوات النمساوية قائدا للفرقة 20 وكان الى يمينه الفرقة 26 النمساوية والى يساره الفرقة 19 التركية وحينما تعرضت الفرقة النمساوية يوم 19 آب لهجوم روسي شديد نجحوا خلاله من اسقاط دفاعاتها الاولى والثانية كانت فرقة الهاشمي الـ 20 تبدي صمودا بوجه القوات الروسية التي اضطرت الى التراجع بخسائر فادحة امام قوات الهاشمي ما أدى بالامبراطور الالماني غليوم الثاني الى تهنئة الهاشمي وتقليده الوسام الحديدي، كما كافأته الحكومة النمساوية بتقليده وسام الصليب النمساوي، ومنحته قدما ممتازا مرتين فيما قلدته القيادة التركية وسام الكفاية الذهبي.
كان يقود المعارضة في مجلس النواب العراقي، وكان من أحد السياسيين في العراق ابان العهد الملكي حيث شغل منصب رئاسة الوزراء مرتين بعد سقوط الحكومة الفيصلية في سورية بقي الهاشمي يعمل تاجرا ولم يوفق فتركها إلى العراق عام 1922.
بسبب طبيعته القيادية ونزعته القومية صار يتدرج في المناصب حتى تسلم وزارة المواصلات عام 1922 انتخب نائبا عن بغداد عام 1924 وشكل حكومته الأولى عام 1924.
شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 10 أشهر وأصبح عبد المحسن السعدون رئيسا للوزراء من بعده.
اشتهر ياسين الهاشمي بكونه أول رئيس وزاء عراقي يتم الاطاحة به عن طريق انقلاب عسكري حيث قام بكر صدقي بانقلابه الشهير عام 1936, ففي صبيحة 29 تشرين الاول 1936 استيقظ الناس في بغداد ليشاهدوا طائرات ترميهم بمنشورات تخبرهم بحادث خطير، هو ان الجيش طلب من الملك غازي اقالة حكومة ياسين الذي استجاب لطلب الملك غازي المغلوب على امره ولم يغادر دست الحكم فقط بل ان الهاشمي غادر العراق الى بيروت.
صباح يوم 21 كانون الثاني 1937 وردت من بيروت الى بغداد برقية تنعي وفاة ياسين الهاشمي نتيجة نوبة قلبية شديدة لم تمهله غير لحظات،
وعلى اثر هذه الكارثة ابرق العميد طه الهاشمي شقيق الفقيد الى الملك غازي يخبره بالوفاة ويرجوه الموافقة على ارسال الجثمان الى بغداد ليدفن فيها، واخبر القنصل العراقي العام في بيروت بذلك الذي اخبر العميد بموافقة بغداد بشرط ان لا يكون طه مع الجثمان، ثم اشيع ان حكومة بغداد سوف تجري مراسم الدفن سرا وفي غسق الليل بل ان الحكومة العراقية القت القبض على القائمين بمراسم الاستقبال في بغداد وهم صادق البصام وداود السعدي وصادق حبة،
في ذلك الوقت ارسلت سوريا وفدا الى بيروت لاستقبال رفات الهاشمي ودفنه في مرقد صلاح الدين الايوبي في باحة المسجد الاموي بدمشق بناء على رغبة الحكومة السورية، ولما رفضت حكومة بغداد استقبال الجثمان اصبح لا مناص من دفنه في مقبرة صلاح الدين الايوبي حيث جرت له مراسم تشييع مهيب شارك فيه كافة طبقات الشعب وأبنته الصحافة السورية تأبينا مؤثرا مشيدة بفضله ومواهبه الكبيرة.
المصدر: المشرق