هــــذا أنا
يَتَسَاءَلُوْنَ , فَقُلْتُ : يَا آلَ النُّهَىَ
أَوَ مِثْلُكُمْ مَنْ كَانَ بِيْ لاَ يَعْلَمُ
أَنَا شَاعِرٌ , أَرْضُ الْعُرُوْبَةِ مَوْطِنِيْ
وَإذِا انْتَسَبْتُ يُجِيْبُ عِرْقِيَ وَالدَّمُ
مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِذَا طَلَبْتُ أَشَاوِساً
فَهُمُ الْفِدَاءُ , وَهُمْ لِعَيْنِيْ مَرْهَمُ
وَهُمُ الأَرُوْمَةُ , وَالْخُؤُوْلَةُ , وَالنَّدَىَ
فَالرَّحْمُ عِنْدَهُمُ يُبَرُّ , وَيُكْرَمُ
كَمْ أَمَّهَا مِنْ مُرْسَلِيْنَ لأَمْنِهِمْ
مُوْسَىَ,وَيُوْسُفُ,وَالْم َسِيْحُ,وَمَرْيَمُ
وَبِهَا لإِبْرَاهِيْمَ , جَدِّ نَبِيِّنَا
نَسَبُ الْمُصَاهَرَةِ الَّذِيْ لاَ يُفْصَمُ
مِنْ أَرْضِ تُوْنُسَ وَالْفُرَاتِ وصَعدةٍ
فَانْظُرْ طُرُوْسَهُمُ الَّتِيْ تَتَكَلَّمُ
ومن الخليج إلى الرباطِ أرُومتي
نَشَأتْ ولِيْ بِثرىَ الجزَائر أسْهمُ
أنا أردنيٌّ من دمشقَ وبُرقةٍ
سيفُ ابنِ مُختارٍ بِها لا يثلمً
مِنْ مَكَّةٍ مَهْدِ الْغَطَارِفَةِ الأُلَىَ
أرْسُوْا الْبِنَاءَ فَصَرْحُهمْ لاَ يُهْدَمُ
مِنْ يَثْرِبٍ , وَالْعِطْرُ فِيْ جَنَبَاتِهَا
عَبِقٌ بِأَحْمَدَ , وَالْخُطَىَ تُتَرَسَّمُ
أنَا ثَائِرٌ , وَالْقُدْسُ يَشْهَدُ مَوْلِدِيْ
وَكُرُوْمُ يَافَا , وَالرُّبَىَ , وَالأَنْجُمُ
مِنْ غَزَّةٍ , وَالشِّبْلُ فِيْهَا قَدْ رَوَىَ
أُسْطُوْرَةً , وَالْكُلُّ يَعْلَمُ مَنْ هُمُ
أَنَا شَاعِرٌ حَلَّقْتُ فِيْ كَبِدِ السَّمَا
وَإِلَىَ الْمَعَالِيْ لاَ أَمَلُّ وَأَسْأَمُ
وَإذِا هَبَطْتُ , فَفِيْ الْهُبُوْطِ مَآرِبٌ
وَالْغَوْر أَسْبُرُهُ , وَإِنْ هُوَ مُبْهَمُ
وَأَغُوْصُ فِيْ بَحْرِ الْقَرِيْضِ بِهِمَّةٍ
وَأَلُمُّ شَمْلَ الدُّرِّ مِنْهُ , وَأَنْظُمُ
فِيْ كُلِّ يَوْمٍ كَمْ تُقَالُ تَفَاهَةٌ
يَدْعُوْنَهَا شِعْرَاً !, وَأَنْفُكَ يُرْغَمُ
وَيُرَوِّجُوْنَ بِضَاعَةً مَسْمُوْمَةً
وَتَرَىَ مِنَ الْجُهَلاَءِ مَنْ يَتَرَنَّمُ
وَالشِّعْرُ يَنْدُبُ مَا اعْتَرَاهُ , وَيَشْتَكِيْ
قَوْلاً يَحَارُ بِهِ الِّلِسَانُ , وَيَعْجِمُ
الشِّعْرُ ذَوْقٌ , وَالْبُحُوْرُ جَمَالُهَا
وَزْنٌ وَقَافِيَةٌ , وَمَعْنَىً يُفْهَمُ
الشِّعْرُ وَحْيُ الْمُرْهَفِيْنَ , وَقَوْلُهُ
نَسَمَاتُ صُبْحٍ فِيْ الصُّدُوْرِ تُتَرْجَمُ
أنَا شَاعِرٌ غَزَلَ الْحُرُوْفَ بِمِغْزَلٍ
وَالشِّعْرُ عِنْدِيْ بِالرَّحِيْقِ يُخَتَّمُ
فَإِذَا رَأَيْتُ الشَّوْكَ لَفَّ وُرُوْدَهُ
فَالشَّوْكُ هُدْبٌ حَوْلَ عَيِنٍ قَيِّمُ
وَالطَّيْرُ , لَوْ نَاحَتْ لِفَقْدِ أَلِيْفِهَا
آسَىَ لَهَا , وَأُرَجِّعَنَّ وَأَرْحَمُ
وَالزَّهْرَ أَلْحَظُهُ إِذَا جَنَّ الدُّجَىَ
صَحْوَاً , وَيَرْنُوْ لِلْفَرَاشِ , فَيُلْثَمُ
وَالْبَدْرُ , لو يُخْفِيْهِ غَيْمٌ , لاَ أَرَىَ
عَيْباً لَهُ , فَغَداً يِكِرُّ , وَيَهْجُمُ
وَأَرَىَ الْجَدَاوِلَ , وَالْمِيَاهَ إِذَا سَرَتْ
تَشْدُوْ , وَتَبْذُلُ نَفْسَهَا , وَتُقَسِّمُ
هَذَا أَنَا , أَلْبَسْتُ قَفْراً أَحْرُفِيْ
فَاخْضَرَّ , وَانْتُدِبَتْ إِلَيْهِ الْحُوَّمُ
لاَ غَرْوَ إِنْ تَبِعَ الْكَلاَمُ مَقَاصِدِيْ
وَانْقَادَ حَيْثُ رَمَيْتُ سَهْمِيَ يَخْدُمُ
فَلَرُبَّمَا رَضِعَ الْوَلِيْدُ فَرَاسَةً
أغْنَتْهُ عَنْ لَبَنٍ , إِذَا هُوَ يُفْطَمُ
سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ الْخِطَابَ لأَحْمَدٍ
فَصْلاً . فَفَسَّرَ مَا يُخَطُّ , وَيُرْقَمُ
شعر / جمال زيادة