المطلقات والارامل والعوانس ... الاسباب والمعالجات
المحامي / اسماعيل شاكر الربيعي
ان مراكز البحوث الاجتماعية المتخصصة لو قامت باجراء مسح ميداني اجتماعي لسكان العراق لتحديد نسبة المطلقات والارامل والعوانس لوجدت ارقام مخيفة ومذهلة وبالنسبة الى ظاهرة الطلاق فانها اصبحت كثيرة جداً ومنتشرة في كافة محاكم الاحوال الشخصية حيث ان هذه المحاكم اصبحت موجودة في النواحي والاقضية ومراكز المحافظات وجميعها تصدر قرارات بالطلاق او التفريق القضائي بناءً على طلب الازواج المتداعين وقسم منها يرجع الى اسباب مهمة تستوجب انفصال الرابطة الزوجية وقسم منها يعود الى اسباب بسيطة بسبب تدخل اهل الزوج او الزوجة في الوصول الى هذه النهاية المؤلمة ، او قسم منها بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الزوج والتي تتقاطع مع طلبات ورغبات الزوجة مما ينعكس ذلك على حياتهما الزوجية ، ولا اريد الان في هذا المقال الخوض في المأسي التي تترك اثارها على الاولاد وتشردهم في الشوارع وانخراطهم في الجريمة في حالة كون الزوجين لديهما اولاد من حياتهما الزوجية ، المهم في هذا الموضوع ان اعداد المطلقات والارامل بازدياد واصبحن يشكلن ارقاماً كبيرة ، والدليل على هذا الكلام الازدحام الشديد الذي تشهده مديريات التنفيذ في وزارة العدل لمطالبة المطلقات بحقوقهن الزوجية من ازواجهن الذين تنكروا لهذه العلاقة المقدسة . ومن الملفت للنظر ان هؤلاء المطلقات في مقتبل العمر ولم يمض على زواجهن اكثر من شهر او ثلاثة اشهر او سنة او سنتان ، ويضاف الى اعداد المطلقات الان النساء اللواتي اصبحن ارامل لفقدانهن ازواجهن نتيجة الحروب العبثية وما رافق احتلال العراق من قبل امريكا وبريطانيا او الارهاب او الاعمال الاجرامية الطائفية التي حصلت في العراق في عامي 2006 و2007 وما تلاها من تفجيرات اجرامية ، اذن ان اعداد الارامل كبير جداً ، هذا بالاضافة الى ظاهرة العنوسة المنتشرة في البلد نتيجة عزوف الشباب عن الزواج بسبب البطالة من الخريجين وغير الخريجين وقلة مواردهم ، يضاف الى ذلك انه بالاساس ونتيجة للحروب العبثية اصبحت النسبة منذ ثمانينيات القرن الماضي غير متوازنة بين الذكور والاناث ، وامام هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي اصبحت تهدد كيان المجتمع من الانهيار لان النساء المطلقات والارامل اصبحن يزاحمن النساء غير المتزوجات على طلب الزواج لان الحاجة بين الرجل والمرأة هي ليست حاجة كمالية وانما حاجات عضوية واساسية لابد من اشياعها بالطرق الشرعية والقانونية ، يقابل هذه الاعداد الكبيرة من النساء المحرومات من الرجال تطور وسائل الاعلام من خلال الفضائيات التي تبث المشاهد الساخنة التي تحاكي الغريزة الجنسية ... اذن ما هو الحل ... ؟ هل يترك الموضوع هكذا لكي بنهار المجتمع من خلال استشراء ظاهرة الفساد فيه ، ولا اريد هنا ان اتحدث عن ظاهرة الزواج السري في الكليات الاهلية والرسمية وغير ذلك من الظواهر المدانة ، ام يكمن الحل في حلول جذرية للقضاء على هذه الظواهر من قبل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وبصورة سريعة قبل فوات الاوان ... فيقع عبء كبير على السلطة التشريعية من خلال تشريع القوانين التي تعالج البطالة وتعالج شؤون الاسرة والشباب المحتاج الى الزواج وان تقوم ايضاً باصدار التشريعات اللازمة لمعالجة هذه الظواهر وكذلك بالنسبة للسلطة القضائية التي يقع عليها عبء كبيرة من خلال الاقتراح على تقليص النصوص القانونية التي تجيز للمرأة طلب التفريق وكذلك الاقتراح بالغاء الفقرة (4) من المادة الثالثة من قانون الاحوال الشخصية التي تضع القيود على زواج الرجل باكثر من زوجة واحدة او وضع النصوص القانونية التي تعطي الحوافز المادية للرجال للزواج من الارامل والمطلقات كما يجب ايضاً الغاء النصوص التي تعاقب الرجل جزائياً عندما يعقد زواجه خارج المحكمة لانه بامكان المحاكم تصديق الزواجات الخارجية ولا يوجد ضير في ذلك وهذا ينسجم مع تبسيط الشكلية ولا يتقاطع معها . وهكذا الامر بالنسبة للحكومة او السلطة التنفيذية التي ينبغي عليها ان تفكر باعطاء المنح المالية السخية لتشجيع الشباب على الزواج باكثر من زوجة واحدة مع توفير السكن المجاني لهم وغيرها من الامتيازات لغرض القضاء على هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة ، هذا بالاضافة الى توجيه الاعلام لتثقيف المرأة العراقية من اجل التحرر من انانيتها في امكانية العيش مع زوجة ثانية تشاطرها الحياة وافهامها ان ذلك ينسجم مع احكام الشريعة الاسلامية باعتبارها امراة مسلمة ، لاسيما ان النخب السياسية التي تقود العملية السياسية في الوقت الحاضر هي من الاحزاب الدينية التي يهما تطبيق الشريعة الاسلامية لكي تتطابق مع اهدافها وبرامجها السياسية التي ناضلت من اجلها ولكي لا تتناقض بين النظرية والتطبيق .