كانت الأيام سوداء في كل يوم من حياتي ... كل شي كان أشبه بالروتين الرتيب
حتى جاء اليوم الذي كادت أن تتغير فيه حياتي .....
كان يوم الأمتحان المصيري.. و أذا بي أجد نفسي بين مطبات حياة لم تعرفها براءة قلبي ألتفت يميناً ويساراً فقط لأبحث عن ساعة أرى فيها كم تبقى لي من الوقت ..أشعر بنزول أخر قطرة دم في شرياني بل في حياتي كلها ,فأتكأت أستريح على تلك الشاكلة لكي أتخلص من ذلك القلق الذي ينتابني كأنني أمرأة أجاءها المخاض ك,أنني عشيق لا أستطيع البوح بذلك الألم في صدري و أنا أنتظر جوابأ ممن أحب,فسهرت حتى أنقطع ذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين الليل و النهار..بعدها استسلمت الى النوم ,كأن ذلك الحلم الذي أستمر لثلاث ساعات قد أخذ دقيقتين من وقتي.لم أشعر بذلك الا بعد استيقاضي راكضا" ... أنها الثامنة ...بحركتي المضطربه وعيوني الناعسه وجسدي المصاب بالأڪتئاب ..وشجار والدي مع والدتي صباحا" وصريخ والدتي المزعج... تظـاﮪرت بـ أن لا شيء يـحدث ..... ذهبت لأرتدي ملابسي مسرعا" وخرجت من المنزل...
أنا الآن بأنتظار السائق ولكنه كالعادة لديه ضرفٌ عائلي ولا يستطيع أن يحضر على ذلك الموعد اللعين ...
يا آللهي أنه شي مقرف أشعر وكأنني أُقتل بطريقة غير مباشرة !! كل شيء يقتلني حتى صراخ الطفل الذي ولد عند جارتنا ليلة البارحة و كأن ولادته كانت نذيرُ شؤم ...
فلم يكن لي بدٌ ألا أن أنتظر الحافلة ..."تلك المحروسة أتت ,نعم أنها هي ,هي تلك الحافلة " أصبحت أصرخ لا واعياُ ...كأنها عروسي ..لعل القدر أبتسم لي في تلك اللحظات الساحقة ..وعند وصولي متأخرا" للقاعة الأمتحانية ..مكان تأسيري في كل أمتحان و محل تعذيبي في كل مرة ..كنت أشعر فيها بأنني سجينٌ دون أدنى تهمة ,و عندها تذكرت في أحدى لحظاتي الأرباكية التي تجعلني ءأخذُ نفساً عميقاً عدة مرات و مرات ...تذكرت أنني نسيت حقيبتي ياللهي كم انا غبي!! حاولت الدخول ولكن ذلك الحارس الماكر الذي يشبه هتلر في رسم شاربيه ,و هو يتلمسهما بقرافة ,يا اللهي ليس لدي الوقت لأتمعن في وجهه الذي لفحته الشمس و هو يقول لي: لقد تآخرت لا تستطيع الدخول هذه هو القانون انا اسف بني .. و لا أستطيع تذكرَ كم شتمته في تلك اللحظة !! لا آستطيع العوده مبكرا"الى المنزل ..الآن أنا تائه تزاحمني جميع همومي و فوقها لا أستطيع فعل شيء ما ,لا أستطيع الذهاب لمكان ما حتى ,فوالدي سوف يغضب لو عدت للمنزل و ذلك الحارس التافه يحول دون دخولي للمدرسة , فقررت الذهاب ألى المكتبة التي تقع بالقرب من المدرسة لحين أنتهاء الدوام الرسمي ...فذهبت للجلوس فيها أتمعن فيها برفق ,أنظر للكتب في زواياها و على رفوفها ...ااه أنا منهك من كل شيء لا أستطيع حتى تناول أحد الكتب لأشغل نفسي بقراءته ..أدس يدي في جيبي علّي أجد سيجارة أُلهي فمي بها ثم تذكرت: أواه ..أمين المكتبة لا يسمح لي بالتدخين ...دعني أتكأ على الكرسي ذاك أنه مريح بعض الشيء .. وبشكل مفاجئ ..بين الضوء النافذ من أبواب المكتبة أنعكس على صدغيها و بين تذبذب شعرها في الهواء الطلق كانت عيناي تجذبني لكل شيء في تلك الفتاة التي دخلت المكتبة..لا أستطيع أن ءأخذَ عيناي منها ,تحولت في تلك اللحظة عيناي الى عينا شخص بذيء ..كانت تتحدث مع أمين المكتبة و أنا أنظر اليها بتمعن شديد لا أستطيع مقاومة عيناي الناعسة المتعبة بعد ليلة طويلة .."ماذا ؟؟أنها تتجه نحوي حاملةً بعض الكتب ,ماذا تريد؟هل ستحادثني؟هل تعرفني مسبقاً؟" ..كانت تلك الأسئلة تدور في رأسي و دون أسئذان ملأت الكرسي بجوار الكرسي الذي كنتُ أجلسُ فيه ,و كانت ترتدي صليباً جميلاً لفت أنتباهي من أول وهلة نظرت فيها لها...و فجأةً ألتفتت ألي و كانت عيناي لا تبارح عينيها الجميلتين اللتين لم تكادا أن تغوران بعد,و أجدها تسألني:"في أي مرحلة أنت؟"..أنا الآن أنظر الى شفتيها الناعمتين و هما يتحركان برفق و أنا لا أعي ما تقول حتى كررت سؤالها بنبرة أعلى "في أي مرحلة أنت؟" ..و تحول أنتباهي فجأةً ألى ما تقول ,فأجبتها بصوت منهك :"السادس العلمي"..و سرعان ما أجابتني باسمة "مثلي أنت"..لا أستطيع وصف تلك اللحظات ..و كأن كل الدنيا لم تكن يوماً ,بدأت تحادثني و أنا أتمعن جيداً بكلامها ..أنغرس في نفسي بكل كلمة تخرج منها و هي تنتظر في كل سؤال تنطق به أجابتي لحظات ..كنت مستغرقاً فيها بأستيعاب تفاصيل كلماتها ..مستغرقاً بالبحث عن جواب لكل تساؤلاتها ..لم أشك أبداً بأنها كانت بداية ً لصداقة متينة تربطنا..و لم أتخيل أنها ستكون من أقرب أصدقائي لي..
كانت لديها تلك النظرة التي تبدو أحيانًا كأنها مخصصة لتأخذ التائه إلى نفسه..."أصبحت في فترة قصيرة الملجأ حين أود الإختباء ..بل أحياناً أشعر بأنها والدتي التي لم تلدني يوماً..كانت تشعر بكل ما بداخلي ..كانت تربت على كتفي حين أحزن ..,كانت تتوقع الكلمات التي سأنطق بها دوماً ..كانت أكثر من أن أسميها "توأمي الروحي" . و أنا الآن فقط أجاهد للبقاء بجانبها دائما". كنا صديقين لفترة طويلة في حياتي ..حتى تجرأت في يوم ما وقلت لها بكل ما أملكه من مشاعر ,بل بكل ما أحسه برقة الأنثوات,و أنا مرتبك بأن أخدشها: "أحبك"...و لم أكن أتوقع أجابتها التي كانت:"وانا اكثر".. لا استطيع أن أصف سعادتي في تلك اللحظة العميقة ..
أتذكر تلك الليله جيدا" كانت ليلة القدر بكل قدرها و بسماءها الصافية و سوادها الحالك و نجومها المضيئة التي تملأها و تجعل القمر يختبأ وراءها ..نعم,لم يكن هناك قمر علّ الباري أختارها في تلك الليلة لتكون القمر الوحيد في هذا الكون..أنه يوم مميز لي و لها ,كنت أرتدي أجمل ما لدي و كنت أشم عطرها النسائي البارز , كان نسيم الهواء يداعب ذوائب شعرها ..و في كل لحظة يلفتني جزء منها, و مع ذلك لم تكن تلك الليلة طويلة كفايةً ,فالوقت جانبها يجري بسرعة .. و بعدها بدأت الساعات العسيرة تأتي واحدة تلو الأخرى لأقرر أخبار عائلتي بقصتي مع تلك الفتاة, ولكن بسبب أختلاف الديانه بيني وبينها ..رغم أننا كلينا لم نهتم لذلك الأختلاف ,كان بعيداً عن مشاعرنا أتجاه بعضنا البعض,كنا كلينا نطمح لكلينا ...كان الجواب الرفض من الطرفين وبسبب أصراري على الزواج بها و أقراري بحبها اضطربت علاقتي مع عائلتي,و أنتهت تلك الخلافات بطردي خارج المنزل ... لم يكن في حينها أحد بجانبي سوى أختي وزوجها فقررتُ الذهاب لهم للبقاء في منزلهم لفتره من الزمن ...وأنقطع جميع تواصلي مع فتاتي لفترة دامت شهر _على ما أتذكر_,بعدها حاولت التواصل معها..الهاتف كان مغلقاً ..حساب الفيس لها غير منشط ..يا اللهي ..ماذا يحدث؟..هل حدث شيء سيء لها .علّها أحبت غيري و أنتستني ..لربما جعلها فراقي تعتقد أنني أحببت غيرها فقررت الأبتعاد عني...وبعدها بستة أشهر ..علمتُ أنها توفيت بسبب صراعها مع مرض السرطان..لم أصدق الخبر كان الأمر صدمةً بالنسبة لي ,ماذا أفعل؟ كل شيء تحطم في داخلي ,و تمردت أعصابي عليّ حتى فقدت الأحساس بها شيئاً فشيئاً ,كل شيء أصبح شفافاً لا لون فيه في نظري ....اصبح جسمي يرتجف والحراره في كل جسمي منتشرة ,كل شي جميل قد تلاشى ..وكأنه حلم أستمر للحظات قصيرة . .أصبح جسدي منهك لم يعد يستطيع العيش في هذه الزُحام المتراكم فقد ضيعت دليلي ..اه يا تُرى هل اجد نفسي يوماً بعدها ؟!
لا أعتقد, فالحظ سقط مني... منذ الصغر وتاه كثيراً وتهت أنا أيضاً ،وبقينا نبحث عن بعضنا ولازلنا.
اليوم17\8\2018 عيد رحيلك عن
الكوكب المقرف .جلبت الورد والهدايا اعرف انك تحبينها
كل عام والغياب بالف بعد.. وانت في قلبي
نص مشترك
زهراء محي
مؤرفين