النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

قضيـّة شـرف

الزوار من محركات البحث: 13 المشاهدات : 656 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    العقابي
    تاريخ التسجيل: May-2010
    الدولة: في بيتي
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,092 المواضيع: 220
    صوتيات: 18 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 404
    مزاجي: الحمد لله أولا وآخرا
    المهنة: كلشي و كلاشي
    أكلتي المفضلة: زرازير شوي
    موبايلي: هواوي
    آخر نشاط: 15/July/2020
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى علاء إرسال رسالة عبر Yahoo إلى علاء
    مقالات المدونة: 8

    قضيـّة شـرف

    بعد ساعات سيلتف حبل المشنقة حول عنقي، أجلس القرفصاء في الزنزانة المعتمة وأطلق لفكري العنان مستحضراً تفاصيل الحادثة، فلست مجرماً لأعدم، ما فعلته كان بوازع من غيرة وحمية على فتاة مغلوب على أمرها.. فأنا غريب عن هذا البلد ولغتي تعجز عن إيضاح الحقيقة.. كما أني فقير لا أملك المال لأحامي عن نفسي.. كل شيء حولي معقّد وشائك.. ولا أملك إلا منطق الحق وضمير قرر أن يبقى صاحياً مادمت حياً.. أبكي وأنا أختنق في هذا القبر المقفر وحيداً تتناهبني وساوس الإعدام والخوف من المجهول، حاولت أن أعبر عن ظلامتي لكن لساني خذلني، حتى المترجم الذي جاءوا به لينقذني قلب الحقيقة وشوّه الصورة إذ لم يفهم مرمى الحادثة ودوافع القتل وحيثيات القضية.
    الله يدرك ما في أعماقي، وهو وحده من سينقذني من حكم الإعدام كما أنقذت شرف فتاة من الدمار المؤبد، فليس كل من قتل كان سفاكاً للدماء، فما فعلته بإرادة عاقلة وعقل واعٍ، فالمعركة الشرسة التي نشبت بيني وبين المقتول في الخربة المهجورة كانت محاولة للدفاع عن نفسي بعد أن تلبسه الشيطان فجرد قلبه عن كل رحمة وشفقه، فقد ظل يثاورني ليتخلص مني خشية افتضاحه لأني عرفته تماماً وحفظت ملامحه بشكل دقيق، وحينما هممت لأقف على قدمي كي أهرب تشبث بساقي وهو مطروحاً على الأرض، ثم نهض بقامته المديدة ليعاود مهاجمتي، اضطررت لدفعه بقوة فسقط على حافة الصخرة المرمية قرب محول الكهرباء، نزف رأسه وفارق الحياة.. ومن فوري ذهبت لمركز الشرطة لأسلّم نفسي وأشير إلى مكان الجثة.
    إجراءات التحقيق السريعة والتي تفتقد إلى التحري الدقيق أدانتني رغم أني بريء الذمة نقي السريرة أقول وأفعل الحق كعقيدة وإيمان.
    وما كنت إلا عابر سبيل خرجت في ذلك المساء لأشتري الخبز لمخدومي الكهل الذي استخدمني لسنوات، وفي طريقي سمعت صراخ الفتاة في الخربة النائية وحسيساً مريباً أثار فضولي.. أسرعت الخطى مذعوراً فوجدتها تقاوم الذئب بضراوة، غلى الدم في عروقي وانتفضت حميتي فهاجمته كالنمر المسعور وخلصت الفتاة من قبضته وأنا أدفعها بعيداً (اذهبي إلى بيتك بسرعة)، لكنه تشبث بي كالمسعور وأراد أن يقتلني حتى لا أبلغ الشرطة، فهو أحد الموظفين في السوق المركزي، قررت في تلك اللحظة أن أنفذ بجلدي وأعود أدراجي فلا رغبة لي في المشاجرة إطلاقاً لأني رجل مسالم جداً، جئت إلى هذا البلد الطيب لأتكسّب وأبعث أجر عملي إلى أولادي في وطني (الهند).
    فمخدومي الذي خدمته طوال هذه السنين بجد وإخلاص تخلى عني وأسقط إقامتي ولم يؤمن ببراءتي أبداً ولم يحاول حتى مساعدتي، فقد ظن كغيره أني قتلت الرجل من أجل فتاة عشقناها معاً فتخلصت من غريمي لتصفى لي وحدي، حفظت بعض الحقائق خشية أن تتعرض الفتاة إلى الفضيحة إن تلوث اسمها في قضية شرف.. فهي جارتي تسكن ذات الحي، صبية في المدرسة الثانوية تماثل ابنتي (سارة) في السن، شعرت وأنا أدافع عنها كأني أذود عن (سارة) وأعرف أية كارثة ستحل في هذا البيت المنكوب لو افتضحت الفتاة، وأي سكين سينحر شرفها حتى العار المؤبد، وثبتُ أنقذها حتى لو أرقت دمي رخيصاً، فالقضية إنسانية محضة.. والاستحقاق العادل ستمنحه السماء لي في يوم ما، لكني بكيت ذل أولادي الذين سيذلهم اليتم من بعدي، فسيبقون بلا معيل وكفيل، فالراتب الذي أبعثه لهم كل شهر سينقطع بعد إعدامي وستفتك بهم فاجعة فقدي وترديهم موارد الفقر والجوع.
    (يا رب أنت وحدك من تعلم أنني بريء وإليك أحتكم.. فأنا رجل فقير، غريب، وحيد، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، أرجو النجاة منك لا من عبدك.)
    أشعر بالبرد والخوف كلما اقترب موعد إعدامي، أزهد الطعام والماء الذي يأتوني به كل يوم، فقد بلغ بي اليأس ذروته، فما معنى أن أحيا ساعات ضائعة أتعذب مرعوباً بينما الموت ماثل أمامي كمارد مفترس يكشّر أنيابه في كل حين ويتجسد في مناماتي على هيئة وحوش ضارية تهاجمني وتنهش لحمي.
    الإهانات التي تعريني كل يوم كفيلة بأن تدفعني دفعاً إلى الهروب من الحياة والالتقاء بالموت حتى لو كان أمراً مفجعاً، فالركل والضرب والبصق على وجهي يترك داخلي جرحاً مزمناً وزهداً في حياة تقتل إنسانيتي وتسحق كل اعتباري، الجوع، العطش، الخوف، غرائز متوحشة تضطهدني وتنخرني إلى حد أن أتهيأ للموت وأستعد له حتى الشهادة، وأتساءل كيف سأنسلخ عن جلدي وجسدي، وكيف ستزهق روحي، وهل سأحتمل الحبل الغليظ على عنقي النحيل، أزدرد الغصة مرتعداً والمغص يشتد عليّ كل حين فأذهب إلى المرافق لألفظ كل ما في جوفي من فضلات وأتقيأ رعافاً مراً أحسب أنه عصارة ذعري المتراكم، حتى أني فقدت مشيتي المتوازنة فكنت أستند على الحائط كالضرير، فساقاي ترتعشان بشدة لا تقويان على حمل معاناتي.
    وحانت ساعة الإعدام..
    وسيسألني جلادي ماذا تتمنى وتشتهي قبل أن يحط يد القدر سيفه ليقطع عنقي.. لم أفكر بشيء لأني فقدت عقلي وفقدت معه كل شيء.. حتى الرغبة في الحياة، تفتح باب الزنزانة ويأتيني صوتاً مدوياً بحجم خوفي وبكثافة رعبي المحفور في عظمي.
    - (راجـو)
    أبلع ريقي لاهثاً.. والصوت المختنق يغوص إلى جوفي.
    يصرخ آمراً:
    - راجو... ألم تسمعني؟!
    أخرج من باطني المتقوقع داخل صدفة تحميني من مقصلة الإعدام المتربصة.
    - هيا معي إلى مكتب الضابط.
    لم أجد داخلي قدرة على النطق.. الخرس يغلفني بالجَلَد ويكبّل عقلي عن استنتاج أشياء مزعجة، مشينا خلف جنازة الصمت حتى حجرة الضابط.
    دخلت وأنا مطرق بانتظار حكم العدالة على رجل مستضعف بائس، ابتسامة الضابط وهو يشير إلى (أبي أحمد) جاري الذي أنقذت ابنته:
    - (أبو أحمد) جاء ليشكرك.
    عانقني وقبّلني قائلاً:
    - لقد اعترفت ابنتي أنك أنقذتها من هذا الوحش وأنا مدين لك بكرامتي يا راجو.. وسيطلق الضابط سراحك بعد أن شرحت له ملابسات القضية.
    شهقت شهقة كادت أن تلفظ روحي، تصبب عرقي فشعرت أن الأرض تميد بي والسقف سينهار فوقي، الإغماءة اللعينة تباغتني في المواقف الحرجة.
    الضابط:
    - ما بك مضطرباً؟
    أجلسوني وقدموا لي العصير بعد أن استنزفت كل عصاراتي خوفاً وترقباً.
    تم الإفراج عني، وبعد أيام قدّم لي والد الفتاة ثروة خيالية تقدر بـ (10000 دينار) عرفاناً وتقديراًً لشهامتي النادرة، وهذا هو وعد السماء الذي انتظرته من رب العباد، والجزاء العادل الذي لا يقبل الشك أو التضليل.
    حجزت أول طائرة تأخذني إلى الهند.. فالمبلغ الذي معي كفيل بأن يعيشني وأولادي ملكاً مدى الحياة، شكرت الله عز وجل أن منحني من فيضه هذه النعم، بعد أن أخرجني من السجن بريئاً وأعادني إلى أولادي غانماً سالماً.

  2. #2
    من أهل الدار
    الصبر كميل يا زكية
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: مُرني
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 14,201 المواضيع: 2,060
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 6137
    مزاجي: كده..اهو ^_^
    آخر نشاط: 16/July/2024
    مشكور
    عاشت الايادي

  3. #3
    من أهل الدار
    العقابي
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحامي احمد التميمي مشاهدة المشاركة
    مشكور
    عاشت الايادي
    انت العايش حبيبي .. نورت

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال