ساعدت الحلقات السنوية للأشجار القديمة علماء الأثار في تحديد تاريخ ثوران بركان في جزيرة سانتوريني، دمر الحضارة المينوسية (المينوية) الغامضة، التي كان مركزها جزيرة كريت.
وتشير شارلوت بيرسون من جامعة أريزونا الأمريكية في المقال الذي نشرته مجلة Science Advances، إلى أن "العلماء يناقشون منذ زمن تاريخ ثوران هذا البركان، فالسجلات والتحف والقطع الأثرية والنصب التذكارية تشير إلى تاريخ، بينما تشير نتائج تحليل الكربون المشع إلى وقت مغاير. والآن تمكنا من التوفيق بينهما".
وقبل ثوران البركان، كان أرخبيل سانتوريني جزيرة واحدة. وفي نهاية القرن السابع عشر قبل الميلاد، تسبب ثورانه في تدمير منتصف الجزيرة مكونا حفرة حجمها 133 كيلومترا مكعبا، غمرتها مياه البحر فورا.
كما تسبب تدمير الجزيرة في حدوث تسونامي أغرق جزيرة كريت والجزر المحيطة بالماء والرماد البركاني، ما قضى على الحضارة المينوسية (سميت بهذا الاسم نسبة إلى أول ملوكها، مينوس)، وهكذا بحسب بعض المؤرخين ولدت أسطورة أتلانتس.
وأضافت بيرسون قائلة: "لا أحد يشك اليوم بأن ثوران البركان حدث فعلا في العصور القديمة. بيد أن ممثلي مختلف التخصصات العلمية يتجادلون بشأن تاريخ الحدث. فالسجلات المصرية القديمة وكذلك مختلف القطع الأثرية التي عثر عليها في اليونان وإيطاليا، تشير إلى أن الكارثة وقعت في بداية القرن السادس عشر عام 1570 أو بعده. ولكن من جانب آخر تشير آثار الرماد البركاني في جليد غرينلاند وعمر القطع الأثرية التي عثر عليها في الجزيرة، إلى أن ثوران البركان وقع عام 1628 قبل الميلاد".
ولحل هذا التناقض، قررت بيرسون وفريقها العلمي توحيد طريقتي علم الآثار "المادي" وتحليل الكربون المشع، باحتساب عدد الحلقات السنوية في جذوع الأشجار. ولكن لعدم وجود عينات كبيرة لهذه الأشجار، قرر الفريق العلمي حل هذه المشكلة بواسطة طريقة مطياف الكتلة الجديدة وأشجار صنوبر من كاليفورنيا عمرها 5 آلاف سنة، وسنديانة من إيرلندا عمرها ألفي سنة.
وبعد احتساب نسبة الكاربون-14 في حوالي 300 حلقة سنوية تشكلت خلال الفترة بين العقدين 18 و15 قبل الميلاد، ومقارنتها بالمقياس الزمني الجيولوجي الكلاسيكي، اكتشف الباحثون أن عمر القطع الأثرية من جزيرة سانتوريني مبالغ فيه. لأنها في الواقع، لم تدفن عام 1628 قبل الميلاد، بل بعد 30-40 سنة، أي في 1600-1580 قبل الميلاد.