NRT
إنه قس لا يثير الانتباه انتقل عام 1993 من الولايات المتحدة الأمريكية إلى تركيا للقيام بأعمال التبشير للكنيسة الإنجيلية، إلا أنه اتهم بالتجسس وتحول إلى لعبة في أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة فمن هو هذا القس؟
وبحسب تقرير لموقع (D.W) الالماني فان "الكنيسة الإنجيلية جماعة صغيرة تضم عشرات الأعضاء الذين يلتقون بانتظام في قاعة بأحد البيوت في المدينة الساحلية إزمير في غرب تركيا، في وسطهم القس الأمريكي أندرو برانسون، إنه يعزف على الغيتار ويغني ويصلي معهم. هكذا تظهره صوره على الموقع الإلكتروني للجماعة، هكذا كان الوضع في كنيسة ديريلس بإزمير قبل أن يتم اعتقال برانسون، وقبل أن تبدأ تهديدات سياسية مرتبطة بشخصه، وقبل أن تدخل علاقة الشريكين في حلف الناتو، الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، في أزمة".
من منطقة متدينة إلى تركيا
واضاف التقرير، ان "هذا التطور لم يتخيله برانسون البالغ من العمر 50 عاما عندما قدم مع زوجته عام 1993 إلى تركيا، وقد انتقل من قرية بلاك مونتان في كارولاينا الشمالية حيث المعتقد المسيحي جزء لا يتجزأ من الثقافة والناس ينتخبون الجمهوريين، والزوجان برانسون هما عضوان في كنيسة إنجيلية التي يتمثل شعارها الرسمي في أن الوحدة هي الأساسية وليس الحرية والإحسان أساس كل شيء".
وقد تفرغ برانسون لأعمال التبشير في تركيا التي يعد 99 في المائة من سكانها مسلمين، والتبشير لم يعد محظورا في تركيا منذ عام 2003، إلا أنه غير مرحب به، حيث قتل عام 2007 مبشر ألماني وتركيان اعتنقا المسيحية، لكن برانسون لم يتخل عن عمله التبشير، بل إنه أسس عام 2010 كنيسة القيامة في إزمير.
واوضح، انه "بعد ست سنوات تغير كل شيء، فقد كان يريد تمديد تأشيرة إقامته، إلا أنه اعتقل خلال موعد عادي في الـ 7 من تشرين الأول 2016 ـ بعد مرور ثلاثة شهور على محاولة الانقلاب الفاشلة التي أدت إلى اعتقال الآلاف من موظفي الدولة والقضاء والشرطة والجيش أو تسريحهم أو إعفاؤهم من الخدمة، وحتى زوجة برانسون اعتقلت لبضعة أيام قبل إطلاق سراحها، وبعد 63 يوما من الاعتقال كانت التهمة واضحة وهي أن برانسون عضو في منظمة إرهابية مسلحة، كما أنه قام بأعمال تجسس والمشاركة في التخطيط للمحاولة الانقلابية وتقديم الدعم لحزب العمال الكردستاني المحظور، وهي تهم يعتبرها سياسيون أمريكيون ومراقبون دوليون مبالغ فيها".
في الواقع سافر برانسون من حين لآخر إلى المناطق الكردية في جنوب شرقي تركيا، إلا أنه قام هناك برعاية لاجئين سوريين، ولا توجد أدلة بأنه شارك في مؤامرات ضد الحكومة التركية، وهو يدعي دوما ويصر على براءته، ويؤكد أن السياسة بعيدة عن كنيسته.
وعندما طالبت الحكومة الأمريكية عام 2017 بإطلاق سراحه، رد أردوغان بعرض يقضي باستبداله بالداعية فتح الله غولن المقيم منذ 1990 في المنفى الأمريكي، ويتهمه أردوغان بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف 2016 ويطالب الولايات المتحدة يترحيله إلى تركيا لاعتقاله ومحاكمته.
أهمية الناخبين الدينيين بالنسبة إلى ترامب
واشار التقرير الى ان "هذا العرض تجاهله ترامب وحكومته إلى حد الآن، وازداد النزاع حدة وتفاقمت الأزمة بين البلدين، وإن الناخبين في الولايات المحافظة التي يطغى عليها التدين مهمون جدا بالنسبة إلى الجمهوريين في انتخابات الكونغرس النصفية في الخريف المقبل، ويريد ترامب والحزب الجمهوري أن يرى هؤلاء الناخبون كيف يبذل جهوده من أجل إطلاق سراح القس برانسون، وبالنسبة إلى نائب الرئيس مايك بينس فإن هذه القضية لها بعد شخصي أيضا، إذ أنه انجيلي متدين محافظ، وهو مصر على إطلاق سراح برانسون".
ورغم كل هذه الدوافع السياسة والدينية فإن الوضع بالنسبة إلى القس المسجون لم يتحسن، بل العكس، فوضعه الجسدي تدهور، حسب ابنته التي قالت بأنه فقد 25 كيلوغراما في الحبس، وفي رسالة له نشرتها جماعته في تموز الفائت كتب بأنه يشعر بالضعف، وفي نهاية تموز تم إطلاق سراحه مؤقتا ووضع تحت الإقامة الجبرية حتى الـ 12 من تشرين الأول، موعد جلسة التحقيق الثانية معه، ولا أحد يعرف متى سيستعيد حريته ويعود إلى جماعته من جديد.