بالفرنسية، والعربية الفصحى، والدارجة اللبنانية فنانات شابات كتبن رسائلهن
حول رسّامة المكسيك الشهيرة فريدا كالو
" فريدا كانت حزينة جدا وقوية جدا؛ ترتدي دائما تنانير طويلة من قماش بلدها المكسيك حبا بثقافة بلدها ولتخفي أيضا ساقا لا تحبها بعد أن أتلفها شلل الأطفال؛
تستخدم مرايا وهي ممدة في فراشها لترسم على الكورسيه (المشد) الذي اضطرت لارتدائه لمساعدة عمودها الفقري بعد حادث سير كاد أن يودي بحياتها تعرضت له في عمر ١٨؛ كانت تضفر شعرها وتزينه بشرائط وورود ملوّنة حتى عندما لم تكن تتوقع زوارا.
كانت تحب كتابة الرسائل كثيرا؛ تكتب لأطبائها ولزوجها ولوالدها.
لذا اتفقت ألمى حسون محررة شؤون المرأة بي بي سي
مع فنانات شابات من أربع مدن أن يكتبن رسالة لأي شخص يخترنه ويخبرنه عن شيء يردن فعلا قوله لتكون رسائلهن مادة هذه السلسة
عن التحدي والحب والاختلاف رسائل من رسامات شابات
ج 1
كرستينا
اسمي
كرستينا عتيق (تينا)، عمري 26 سنة.
درست تصميم الغرافيكس، أعيش في بيروت ولم أقم أي معرض بعد.
رسمت مرة بسبب أنف أختي، ثم قررت توسيع هذا العمل ليصبح سلسلة قصيرة عن أشياء أسمعها من النساء حولي والتي تقيد حياتهن في المجتمع. سمعت تعليقات رائعة عن هذه المجموعة من الرسوم والتي أسميتها "مش حلو البنت.."، وبدأت نساء بإرسال جمل عن مواقف أو تعليقات يسمعنها لأرسمها.
تينا الصغيرة،
أتذكر أنك قضيت معظم طفولتك أمام التلفاز تتأملين الممثلين الأجانب، معتقدة أنّ عالمهم هو عالمك. اعتقدتِ أن عائلتك مثل العائلات التي تظهر على شاشتك الصغيرة، بتقاليدهم وثيابهم وتاريخهم. لا ألومك على أنك كنت تكرهين شكل عينيك وشفاهك الكبيرة وشعرك المنفوش. كنت دائما تكبسين على شفاهك ليظهروا أصغر وليصبحوا متل شفاه الممثلات. وعندما لاحظت أمك ذلك كانت تقول لك "كل البنات عم تكبّر شفايفها تا تصير متلك"، لكنك لم تكوني لتقتنعي.
كانت أمك تصبغ شعرها باللون أشقر، وكنت تريدين أن تكوني مثلها. وأختك كانت بشرتها أكثر بياضا منك، مثل أمك، وأنت كنت تنزعجين جدا من ذلك. في ذاك الوقت، لم تكوني تعرفين شيئا لا عن عالمك ولا عن هويتك. لم تكوني تجلسين مع أهلك لتستمعي إلى حكاياتهم. موسيقاهم لم تكن موسيقاك، وتاريخهم لم يكن تاريخك.
هل تذكرين عندما اتصلت جدتك على الهاتف وأنت أجبت واعتقدتْ أنها طلبت الرقم الخطأ؟ وعندما دخلت محل ثياب وتكلمت معك المرأة بالإنجليزية لأن شكلك بدا أجنبيا، هل كنت سعيدة؟
جعلت شعرك أملس، وغيرت طريقة كلامك وثيابك، هل كنت تحسين أنك لست عربية؟ وقبلك، أمك فعلت الشيء نفسه أيضا، وجدتك كذلك. كنت تعتقدين أن أمك بشعرها الأشقر تشبه مادونا Madonna، وجدتك بصورها القديمة كانت تشبه الممثلات بأفلام هوليوود القديمة. أنت من كنت تشبهين؟
عندما كنت حزينة، وكان هذا معظم وقتك، كانت أمك تشجعك على أن تتكلمي أمام المرايا لتقوى شخصيتك. أمضيت وقتا طويلا أمام المرآة حتى أصبحت ملامحك غريبة عنك؛ ملامح فتاة حزينة أخرى، وجه مشوه، وعيون أكبر من اللازم. حواجبك كانت عريضة وكثّة، وشاربك أسود على شفاه غريبة. وعندما بلغت سن المراهقة تجنبتِ المرآة كلياً. كانت مصدر كآبة لك وأنت تنتظرين أن تتغير ملامح وجهك.
تخلصتِ من كل الصور التي كنت موجودة فيها والتي التقطها أبوك دون علمك. أردت أن تنسي وجهك.هل تتذكرين ماذا كان يقول عنك الشباب؟ "منّك كتير بشعة، فيكي تكوني حلوة إذا شلتي عويناتك وحطيتي مكياج".
يوما ما ستكبرين، ستنظرين إلى نفسك وستحاولين أن تجمعي كل ما فقدتيه من هويتك. ستحاولين أن تحبي عيني جدتك الواسعتين، وشعرك المنكوش، وخصرك العريض. ستحاولين أن تسمعي موسيقى بلدك وأن تقرأي قصائدها. ستشعرين أنك مقصرة، وبطيئة. لكنك تدريجيا ستتعلمين أن تحبي نفسك. سترسمين فتيات يشبهنك، قد يظهرن بملامح عربية مثلك، لتحبي جمالك. ستسألين جدتك لمَ لم تلبس - ولا حتى مرة واحدة - ثيابا لبنانية، وستجيبك "كان دارج اللبس الأجنبي، كان أحلى".وستلاحظين أن دورة كره النفس والهوية المشتتة لم تبدأ معك بل هي أقدم منك بكثير.
وعندما تحاولين كتابة رسالة إلى نفسك في الصغر ستعانين مع العربية المكسرة وستخافين الفشل ولكن الفشل هو عدم المحاولة.
كرستينا (تينا)
تموز/يوليو 2018
النص كان مكتوبا باللهجة المحكية اللبنانيةد