دعاء الاستفتاح في الصلاة
أهمية الصلاة في الإسلام
تعدّ الصلاة من أهمِّ أركان الإسلام؛ فهي الركنُ الأوّل بعد الشهادتين، وتأكيدًا على عظيم فضلِها فقد كتبها الله -عزَّ وجل- على عباده في السماء ليلةَ الإسراء والمعراج خلافًا لباقي الفرائض الأخرى، والصلاة سببٌ لتكفير الذنوب والخطايا، ولم يُسْتَثنَ من وجوب إقامتها أحدٌ، مثل: المريض والمسافر، ولكنّه رتّب أحكامًا خاصة تسيهلًا عليهم، والصلاة أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، وللصلاة أركان منها قراءة سورة الفاتحة ،وكذلك لها شروط وواجبات وسنن، ويتساءل بعض الناس عن دعاء الاستفتاح في الصلاة، ما هو حكمه، وهل هو واجب أو سنة مأثورة عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
دعاء الاستفتاح في الصلاة
دعاء الاستفتاح في الصلاة هو: دعاء يَدْعي به المصلّي في نفسه بعد التكبيرة الأولى وقبل الشروع بالقراءة، ويعدّ هذا الدّعاء من المسائل الفقهيّة التي بحثها أهل العلم في أحكام الصلاة من حيث الوجوب أو الاستحباب، فقد ذهب عموم أهل الفقه إلى أنّها مستحبة وليست واجبة، ومَن تركها بقصد أو بغير قصد لم يتوجّب عليه شيء، وتكون صلاتُه صحيحة، وقد استدلّوا على ذلك بأن النبي-صلى الله عليه وسلم- لم يُعلّمها للناس إلا عندما سأله عنها أبو هريرة -رضي الله عنه-؛ فقد صحّ في الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ أنّه قال: “كانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: أَرَأَيْت سُكُوتَك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ”. 1) ولذا قال ابن حزم -رحمه الله- في مصنّفه المحلى، بعد سياق هذا الحديث: وَإِنَّمَا لم نذكر ذَلِكَ فَرْضًا، لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، فَكَانَ الِائْتِسَاءُ بِهِ حَسَنًا، في حين نجد أنّ الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- قد عدّها في رواية على أنّ دعاء الاستفتاح في الصلاة من الواجبات، مع العلم أنّ هذا خلاف المعتمد في فتوى المذهب الحنبلي، بل إنّ كثيرًا من فقهاء الحنابلة لم يتطرّقوا لها أصلًا، والقول بوجوب دعاء الاستفتاح قول ضعيف، لا يعتدّ به. 2)
ومن أدعية الاستفتاح الأخرى التي صحّ بها الخبر ما جاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك، وتبًارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك” 3) 4) ومن الأدعية كذلك ما جاء في الصحيح من جملة أدعية الاستفتاح للصلاة قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: “وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماواتِ والأرضِ حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسُكي ومحيايَ ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا من المسلمِين”5) 6)
أهم سنن الصلاة
تعرّف سنن الصلاة بأنها الأقوال والأفعال التي قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاته من غير إلزام بها، وتعدّ من الأمور التي يؤجر المصلي على القيام بها، ولا تبطل صلاته بتركها، وقد قسّمها أهل العلم إلى قسمين، هما: السنن القولية والسنن الفعلية، وبيان ذلك:
السنن القولية
دعاء الاستفتاح بإحدى رواياته المأثورة، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والتأمين بعد قراءة سورة الفاتحة، أي قول: آمِينَ، وقراءة ما تيسّر من آيات أو سورة من القرآن الكريم بعد قراءة الفاتحة، وكذلك الجهر بالقرآءة في مواضع الجهر في التلاوة، والإسرار في مواضع الإسرار، والجهر بتكبيرات الانتقال عند الرفع والخفض في الصلاة، والتسبيح في الركوع و السجود أيضًا، وتعدّ التسليمة الثانية من سنن الصلاة كذلك. 7)
السنن الفعلية
يسنّ للمصلي اتّخاذ سترة أمامه بعد موضوع سجوده في الصلاة، كما يسنّ له وضع اليد اليمنى فوق اليد اليسرى في القيام للصلاة، ويحسن بالمسلم النظر إلى موضع سجوده، ومن السنن الفعلية أنْ يباعد المصلي بين قدميه في الصلاة، وجلسة الاستراحة على رأي من قال بسنّيتها.8) 9)