كيف تتعامل مع طفلك إذا علمت أن له علاقة جنسية بطفل آخر؟
خلال العام الماضيانتشرت رسالة صوتية
أرسلتها والدة طالبة بالمرحلة الابتدائية في مصر على مجموعة محادثة في تطبيق «واتس آب»؛ تسهل التواصل بين أولياء الأمور، وبّخت –والدة الطالبة- من خلالها والدة زميل ابنتها لأنه قبّلها، وتحولت تلك الرسالة الصوتية إلى مُزحة يتناقلها الكثير على هواتفهم الذكية بغرض الضحك، وهذا بعد أن رد والد الطفل موبخًا والدة الطفلة على طريقة معالجتها للأمر معالجة حادة وعصبية، والتي كانت -من وجهة نظره- أقرب للشجار، وأنهى حديثه بأن أبنه الذكر لديه الحق في فعل ما يريد.
لماذا يُقبل طفلك على المداعبات الجنسية؟
تلك الأم كانت محظوظة أن طفلتها أخبرتها عن الأمر؛ لأن عادة ما يخشى الأطفال من معرفة آبائهم عن تلك الممارسات التي لا زلت غامضة بالنسبة لهم، ولكن هل الغضب هو الحل الأمثل لتسوية المسألة دون أن يخلّف وراءه أزمة نفسية في ذهن الطفل تجاه الجنس، والتي ربما تعيق حياته الجنسية في ما بعد؟
السيطرة على النفس في تلك اللحظة صعبة للغاية، خاصة في ظل العيش في مجتمع عربي ملتزم دينيًّا وإجتماعيًّا عن بعض المجتمعات الأوروبية، وحينما يهاجم الأب أو الأم هاجس أن طفله البريء الذي لا يزيد عمره على 14 عامًا؛ يقبل على المداعبات الجنسية بقدر ما يؤهله جسده لذلك؛ يصيبهم هذا بالرعب.
ولكن حتى تستطيع السيطرة على أعصابك فيجب أن تُدرك أن إقبال الأطفال على تلك التجربة ليس بدافع جنسي غالبًا، بل يؤكد لك علم النفس أن الأمر يحدث بدافع الفضول والرغبة في الاستطلاع بجانب المشاهد الدرامية التي يشاهدها الأطفال في التلفاز، وتبدو غامضة بالنسبة لهم حينما يشير المشهد إلى ممارسة جنسية بين شخصيات العمل الدرامي، ومؤخرًا «الإنترنت» الذي فتح للأطفال بوابة قد تأخذهم إلى مشاهدة الأفلام الإباحبة إن لم يكونوا تحت مراقبة جيدة من الوالدين، وتشير تقارير الطبيب النفسي ألفريد كينزي إلى أن 50% من الأطفال عادة ما يقبلون على التجارب الجنسية قبل البلوغ.
تجربة قاسية لأم عربية.. هذا ما أفزعها
فيما يخص الأمور الجنسية؛ معالجة الآباء للأمر سويًا تكون صعبة، ولكنها تكون أصعب في حالة انفصال الآباء، وفي تلك الحالة يقع العبء على عاتق الأم بحكم إقامة الطفل معها، وهذا ما حدث مع السيدة التي شاركتنا -من خلال استطلاع رأي- تجربتها القاسية مع نشاط طفلتها الجنسي؛ حينما أخبرتها الطفلة أنها حزينة لأن زميلها بالمدرسة غاضب منها ولا يتحدث معها، وحينما سألتها الأم عن السبب أجابت الطفلة: «لأننا لم نمارس الجنس آخر مرة رأيته».
في البداية ظنت الأم أن الطفلة لا تفهم ما تقوله ولكن بعد استفسار تأكدت أن زميل ابنتها يمارس الجنس معها بشكل بدائي لأنه لم يصل إلى البلوغ بعد، والطفلة تتعامل مع الأمر على كونهما اثنين في علاقة حب كما تشاهد في الأفلام والمسلسلات، ولم يكن هناك شيء يقلق الطفلة سوى أن زميلها غاضب، وهي لا تريد أن تغضبه؛ الأمر أصاب الأم بالجنون وضربت ابنتها بعنف موبخًة إياها، ولكن رد الفعل هذا لم يسفر عن نتيجة مفيدة، وأسرة الأب أخذت الطفلة من الأم، والأم استسلمت للموقف لأنها شعرت –وفقًا لما قالته– بأن تلك الطفلة لم يعد هناك أمل في عودتها إلى حالتها الطبيعية مرة أخرى.
يخبرك علم النفس أن ما ظنته هذا الأم صحيحًا؛ فتلك الطفلة حاليًا تعاني من خلل نفسي قوي بسبب تلك العلاقة الجنسية التي خاضتها مبكرًا، ولكن أيضًا الاستسلام ليس الحل، فالطفل لا يدرك المعنى المُجرد للجنس؛ فهو يحاكي ما يراه في الدراما وعلى أرض الواقع؛ خاصة إذا كان قد تعرض للأفلام الإباحية في سن صغيرة، وعلى الآباء الاعتراف بأن جزءًا من الخطأ يقع على عاتقهم، وفي حالات ممارسة النشاط الجنسي بين طفلين بدرجة تعدت التلامس أو مشاهدة الأعضاء الجنسية بغرض الفضول؛ ينصح الطب النفسي بأن الأطفال الذين خاضوا تلك التجربة في حاجة ماسة للعلاج النفسي المتخصص.
«لو كان ذكرًا لكان الأمر أهون»
يشاركنا أحد الآباء الذي يعيش مع أسرته في مصر، أن الموقف الذي مر به مع ابنته الصغيرة كان من أصعب المواقف التي واجهته؛ لأنه لم يستطع أن يدير الحديث، واضطر للجوء إلى زوجته، وهذا حينما كان يلعب مع طفلته ذات السبع سنوات، وفجأة أخبرته أنها تريد أن تريه شيئًا، وخلعت كل الملابس التي تغطي الجزء الأسفل من جسدها وأشارت إلى أعضائها التناسلية، وشُل الأب في تلك اللحظة -وفقًا لتعبيره- وولى الأمر للأم، وترك المنزل هاربًا شاعرًا أن هناك مُصيبة حلت على أسرته، وحين سألناه عن اختلاف الموقف إذا كانت تلك الوقعة حدثت لطفله الذكر؛ فأكد أن الأمر سيكون أهون كثيرًا عليه.
ولكن رد فعل الأب قد يخلّف وراءه أثرًا نفسيًّا سيئًا في العقل الباطن للطفلة، حتى وإن عالجت الأم الأمر معها في ما بعد، وفي تقرير أصدره المجلس العربي للطفولة والتنمية؛ أكد أن إعراض الآباء عن تقديم العون للطفل في تلك اللحظة، والإجابة عن أي تساؤل في ما خص هذا الأمر يكون له أثر «فادح» على حد تعبير التقرير، الذي أوضح أن السبب وراء حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال، يتمثل في عدم وجود وعي جنسي لدى الأطفال، وغياب إدراكهم بحدوده.
وفي دراسة أجريت في جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، أثبتت أن كل طفل من أربعة أطفال يتعرض للاعتداء الجنسي، و49% من الأطفال الذين يقل عمرهم عن 14 عامًا يتعرضون للتحرش، وحتى إن كان الطفل يفعل تلك الممارسات بالتراضي بينه وبين طفل آخر، فلا بد وأن هناك من شجعهم على هذا الفعل، سواء كان شخصًا على أرض الواقع تحرش بالطفل، وهذا الطفل قرر أن يعيد التجربة مع طفل مثله، أو كانت إحدى وسائل الإعلام والترفية مررت رسالة ذات بواطن جنسية للطفل؛ فعلى الآباء الحديث بهدوء مع الطفل دون إظهار أي علامات فزع حتى يشجعوا الطفل على الحديث أكثر، ويصلوا إلى السبب في النهاية.
أيهما يتضرر أكثر الطفل أم الطفلة؟
أحد الآباء الذين تواصلنا معهم أكد لنا أنه لا يجد عيبًا في ممارسة ابنه للجنس حتى وإن كان مبكرًا، ولكن هذا حينما يكون ذكرًا، فهو يدل على نشاطه الجنسي الصحي وأن جسده يعمل بشكل سليم -من وجهة نظر الأب-، ولكنه يتخيل أن الأمر يكون أصعب إذا كانت ابنته في الموقف نفسه؛ ولذلك ربما لن يقبل أن يخوض ابنه تلك التجربة ليس بسبب أن الأمر سيؤذي الابن، ولكن لأن الطفلة شريكته في الفعل ستكون هي المتضررة وليس ابنه.
ولكن الطب النفسي لا يوافق الأب في تلك النظرية، فالضرر يقع على كلا الطفلين بغض النظر عن جنس الطفل، وقد تظهر بعض السلوكيات الخاطئة على الطفل الذكر الذي خاض تلك التجربة مبكرًا، وعلى الآباء أن يكونوا واعين لها، مثل تجول الطفل عاريًا في المنزل بعد أن يبلغ من العمر 11 عامًا.
وقد يلجأ هذا الطفل الذي لم يوبخ على فعلته إلى تهديد أطفال آخرين لممارسة الجنس معه، والأسوأ في الأمر حينما ينكشف أمر الطفل؛ فلن يحدث فارقًا كونه ذكرًا؛ فكل الآباء سيقصون الطفل عن باقي أطفالهم خوفًا من أن يتعرض لأبنائهم بسوء، وعلى عكس ما تخيل الأب الذي شاركنا رأيه؛ فأصابع الاتهام ستوجه للطفل الذكر وليس الفتاة لأن المفاهيم المعرفية للمجتمع العربي تشير إلى أن الذكر هو من يأخذ الخطوة الأولى دائمًا، حتى وإن لم يكن هذا صحيحًا على أرض الواقع.
اغضب ولا تغضب.. ما هي الأفعال الجنسية غير الطبيعية التي قد يجربها الطفل؟
بعد قراءة هذا التقرير قد تتساءل: وماذا لو كان طفلي يمارس الجنس بالفعل مع أحد زملائه ولم يخبرني؟ ولهؤلاء الآباء نشرح لهم ما صنفته الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بالطبيعي وغير الطبيعي في الممارسات الجنسية لدى الأطفال، على سبيل المثال قد تظن أن الاستمناء في سن صغيرة يعد فعلًا غريبًا، ولكنه ليس كذلك بل هو شائع وطبيعي ويعود إلى رغبة الطفل في استكشاف جسده؛ فإذا علمت أن طفلك يمارس الاستمناء فليس معناه أنه يمارس الجنس مع طفل آخر.
إذا انطوت التجربة الجنسية للطفل على مشاهدة الأعضاء التناسلية للطرف الآخر أو لمسها بغرض الاستكشاف فهذا الأمر لا يدعو للفزع، ولكنه أيضًا يدعو للحذر نظرًا إلى أن الطفل الذي أقدم على ذلك يكون بداخله فضول قوي تجاه الجنس الآخر، ويمكن للأمر أن يتطور عن ذلك إن لم يتم تثقيف الطفل ثقافة جنسية صحية.
ولكن إذا حاول الطفل أن يدخل فمه في فمك أثناء التقبيل، أو محاكاة العلاقة الجنسية أثناء اللعب مع بقية الأطفال، أو لمس الأعضاء التناسلية للحيوانات بشكل مستمر؛ كل تلك الأعراض تمنح إنذارًا للآباء كما أكدت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، وعلى الآباء اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الأمر، واللجوء إلى متخصص نفسي.