استولت مواقع التواصل على الحياة الاجتماعية الواقعية منذ انطلاقها، وأصبحت الشغل الشاغل لملايين العرب الذين يلجأون إليها لأسباب مختلفة، وبما أنها تمثل انعكاساً في معظم الأحيان للحياة الواقعية، فإن تعقيدات النفس البشرية أصبحت المحرك الأساسي لها.
الكذب والتصنع جزء من العلاقات البشرية، ومن الطبيعي أن تتخذ أشكالاً أكثر احترافية على مواقع التواصل، خصوصاً أن الأطراف المعنية تختبئ خلف أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، بعيداً عن الأعين الخبيرة التي لو أتيحت لها فرصة التواصل الحقيقي لكشفت الكذبة، لكن الأمور ليست بهذه البساطة؛ لأن كل الكلمات التي يتم استعمالها والمواضيع التي تتم مشاركتها والأشخاص الذين تتم متابعتهم، والصور التي تنشر على فيسبوك أو تويتر هي دليل على شخصيتك، وحتى هويتك وعمرك ومستوى تعليمك.
شركات عديدة طرحت وما تزال تطرح برامج لتحليل الشخصيات، من خلال الكلمات التي ترد في تغريداتهم أو منشوراتهم على فيسبوك، في المقابل برزت دراسات عديدة تحلل الشخصية من خلال الصور التي يتم نشرها، ومدى ارتباطها بطباع الشخص في الحياة الواقعية.
ابدأ إعلانك على الفيس بوك بهذه الخطوات (صور)
1- الكلمات المستعملة
هناك أكثر من موقع يحلل الشخصية وفق الكلمات المستعملة على فيسبوك وتويتر، ولعل أكثرها شمولية كان التحليل الذي أجرته شركة «فايف لابز»، وبما أن البحث تناول أكثر من 700 مليون كلمة مستخدمة على تويتر وفيسبوك، سنحاول إبراز أكثرها أهمية، تكرار كلمة الأنا في المنشورات دليل على النرجسية، أما استعمال كلمات «كابوس» و«مقرف» بشكل متكرر فهي دليل على الاضطراب العصبي، في المقابل ورود عبارات «رائع» و«جميل» تدل على شخصية رائعة ومنفتحة.
الإكثار من الاقتبسات دليل على فوقية في بعض الأحيان وانعدام الثقة بالنفس في أحيان أخرى، فهي إما تبجح «بالمعرفة» أو محاولة للتغطية على انعدامها، التعساء بتغريداتهم أو منشوراتهم على فيسبوك إما يعانون من الكآبة، أو من حاجتهم الدائمة للاهتمام.
2- نشر الخصوصيات
الأشخاص الذين يميلون لنشر خصوصياتهم على مواقع التواصل يعانون من الوحدة، وهي انعكاس لمستوى العزلة الفعلية المعيشة على أرض الواقع، ووفق دراسة أسترالية، فإن العلاقة بين نشر الخصوصيات والشعور بالوحدة هي علاقة طردية، كلما زاد عدد المعلومات الخاصة المنشورة، فهذا يعني ارتفاع مستوى الشعور بالوحدة.
3- تحديثات مستمرة عن العلاقة العاطفية
تحديث المعلومات الخاصة بالعلاقة العاطفية دليل على قلة الثقة بالنفس، ولا علاقة لها إطلاقاً بالتعبير عن الحب للشخص الآخر، وأشارت دراسة بريطانية إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالاستقرار في علاقتهم لا يحتاجون إلى تحديثها بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي أو إثباتها لأحد، ويمكن ربط هذه الفئة بفئة «نشر الخصوصيات»؛ كونها معلومات خاصة أيضاً.
4- سلوك المراقبة والمقارنة
يمكن الحديث عن نوعية من الاستخدام لمواقع التواصل، الإيجابي والسلبي. الاستخدام الإيجابي يتمثل بالتواصل مع الأصدقاء والمشاركة والتفاعل وهو دليل على تقدير للذات وللآخرين. أما السلوك السلبي فهو عبارة عن المراقبة والمقارنة، أي مراقبة مسار حياة الآخرين دون المشاركة، أو التفاعل معهم ثم مقارنتها بمسار حياتهم الخاصة، هذا الفئة من المستخدمين تعاني من الاكتئاب بالدرجة الأولى، ومن الحسد والغيرة بالدرجة الثانية.
فيديو| لعبة «بوكيمون» تثير ضجة واسعة بسبب إثارتها.. حملها الآن
5- أخبار الحمية والنظام الغذائي
كلمة واحدة تصف هذه الفئة، النرجسية، فهم يحبون الاستعراض وشغلهم الشاغل هو مظهرهم الخارجي، لكنها صفة لا يمكن تعميمها؛ إذ تبرز فئة أخرى تنشر المعلومات الصحية، من أجل التوعية، وهي عادة تكون معلومات عامة مفيدة، لا معلومات عن حميتهم الخاصة، كما هي حال محبي الأوزان المثالية، فإن كان النشر بمعدل طبيعي، فهذا الشخص يهتم لغيره، أما إن كانت تنشر بشكل مبالغ فيه فهذا الشخص مدعٍ يحاول إيهام الآخرين بأنه يعرف أكثر من غيره.
6- نوعية المواضيع أو التغريدات المعاد نشرها
نشر المقالات الثقافية والأخبار، أو إعادة تغريدها دليل على الانفتاح والثقافة والإبداع. أما نشر المواضيع التي لا أهمية لها أو المحرجة أو الإباحية أو التحريضية والعنصرية، فدليل على شخصية معادية للمجتمع.
7- نشر الصور والمعلومات عن أطفالكم
تقسم هذه الفئة إلى نوعين، رغم أن الدراسات لا تشجع على نشر صور الأطفال على مواقع التواصل. الفئة الأولى التي تنشر صور أطفالها لشعورها بالفخر الحقيقي بهم، وللتعبير عن محبتهم مقابل فئة تنافسية تختار الصور والأحداث بعناية فائقة؛ لتظهر للآخرين بأنه وعائلته أفضل منهم.
8- هوس المشاهير
متابعة شخصية مشهورة أمر صحي وطبيعي، وهي تشكل بحد ذاتها مدخلاً لمعرفة الشخصية. فنوعية المشاهير الذين تتابعهم دليل على ما يستهويك من أفلام أو كتب أو موسيقى، وهي بطبيعة الحال دليل واضح جداً على شخصيتك. لكن العلاقة مع المشاهير قد تأخذ البعض إلى حالة الهوس فيقوم بالانخراط بشكل كبير بكل ما يقوم به هذا النجم أو تلك النجمة. ويكون على استعداد للدخول في معركة مع الآخرين بسبب انتقاد نجمه المفضل. وذلك يدل على أن هذه النوعية لا تمتلك حياة خاصة به. وهو شخصية تابعة لا قائدة.
تجمع جميع الدراسات بأن عدد الصور والسيلفي المنشورة على مواقع التواصل هي دليل على النرجسية، وإنما بشكل عام يمكن الحديث عن أنواع مختلفة من الصورة ودلالاتها المختلفة:
الصور الكرتونية: إن لم يتضمن البروفايل الخاص بهم أي صورة شخصية، فهذا دليل على انعدام تام بالثقة بالنفس.
صور المشاهير: قلة تقدير للذات بحيث يفضل أن يضع صورة شخصية مشهورة، عوضاً عن صورته؛ لأنه يراه أو يراها أفضل منه.
توثيق كل لحظة ممكنة: شخصية نرجسية تسعى للحصول على الانتباه بشكل دائم.
سيلفي من دون انقطاع: نرجسية لا حدود لها.
صور حزينة: شخصية كئيبة.
وفي النهاية هناك الفئة التي تنشر بين حين وآخر صورة «طبيعية» لها، أو صورة لمشهد جميل يبعث على الراحة، فهذه الفئة متفائلة معتدلة في حياتها.