تحية طيبة
يُعدّ الادمان على المواد المخدرة وتعاطيها مشكلة عالمية ذات ابعاد سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية, وتدخل احيانا في الصراعات الدولية اذا ان تروجيها في البلد العدو يمكن ان يساهم بتحطيم القوى البشرية وبالتالي تكون الدولة المعنية اكثر ضعفا وامكانية التغلب عليها اسهل.
واذا لم تتصدر الدول العربية قائمة الدول التي تعاني من مشاكل المخدرات فانها ليست ببعيدة عن الصدارة. فحسب تقارير المؤسسات التابعة للامم المتحدة فان حوالي 10 % من الشعب المصري و 7 % من الشعب الكويتي يتعاطى موادا مخدرة.
ولم تتوفر احصائيات رسمية دقيقة للوضع في العراق, الا ان تقارير اعلامية تشير الى ان حوالي 30% من الذكور ممن تتراوح اعمارهم بين الـ 18 والـ 30 عاما يتعاطون انواعا مختلفة من المخدرات.
وقد عجزت كل وسائل الردع والترهيب والعقوبات المشددة التي تصل في بعض الدول الى الاعدام لمروجي وتجار المخدرات, اضافة الى سوق النصوص الدينية للتخويف من عقاب الهي غليظ لمن يتعاطى المخدرات او يتعامل معها.
في حين, وخلاف المتوقع, نجحت هولندا نجاحا باهرا اذهل العالم جميعه عندما انتهت السياسية الليبرالية حيال بعض المواد المخدرة الاقل ضررا وجعلته حرية شخصية لمواطنيها. فكان اثر تلك السياسة انخفاض عدد المدمنين والمتعاطين وبالتالي انخفاض مستوى الجريمة لتحتل هولندا صدارة الدول الاقل جرائم.
فالسؤال اذن لماذا لا تنتهج الدول العربية هذه السياسة وتصدر تشريعا قانونيا يجعل من تعاطي المخدرات, ولو بعضها, امرا مسموحا به؟
ولعل الاعتراض على هذه الفكرة مبني على ان نجاح هذه التجربة في هولندا لا تعني بالضرورة نجاحها في دول اخرى, اذ ان الادمان والتعاطي عادة ما يتأثر بعوامل نفسية واجتماعية ومادية وهي عوامل تختلف من مكان لاخر. فالوضع المعيشي في العراق بعيد جدا عما عليه في هولندا. اضافة الى المستوى الثقافي وغياب التوعية يمكن ان تعطي نتائج عكسية وتساهم في زيادة المدمنين, ليكون حل المشكلة اكثر صعوبة مع وقوف القانون بصفها.
لكن مع عجز وسائل الردع التي لم تحقق اي انجاز يُذكر في انخفاض عدد المدنين, فضلا عن القضاء على الادمان نهائيا, فلماذا لا نجرب خيارات اخرى اكثر مرونة؟ فمن المعروف ان كل ممنوع مرغوب, ومتى ما تم اتاحة التعاطي دون ملاحقات قانونية قد يساعد في ابتعاد المواطنين عن هذه الافة.
واذا ما اخذنا الوضع الاقتصادي بعين الاعتبار, اذ ترصد الحكومات اموالا طائلة لمكافحة ترويج المخدرات وانشاء المصحات الطبية لمعالجة الادمان, اضافة الى الاثر السلبي للمخدرات على الايدي العاملة وتحطيم القوى البشرية لتكون قوى غير منتجة, فان تشريع هكذا قانون يوفر كل هذه الاموال التي يمكن استغالالها في مجالات اخرى لتقلل من مشاكل المجتمع.
اضافة الى امكانية انخفاض معدل الجريمة وتشكيل العصابات الاجرامية والتي تمتهن تجارة وترويج المخدرات ولا تهتم للاضرار الواقعة على المدمنين وبالتالي على المجتمع باسره.
والان بعد ان ذكرت بعض سلبيات وايجابيات (التشريع القانوني للسماح بتعاطي المخدرات ), اترك المجال لكم لطرح ارائكم..
فاذا كنتم من المؤيدين للفكرة فما هي الايجابيات المترتبة على هكذا تشريع؟
واذا كنتم من الرافضين ماذا تتوقعون ان تكون سلبيات هذا القانون؟
ملاحظة: ارجو المناقشة بموضيعة وبعيدة عن وجهة النظر الدينية, فهي معروفة للجميع.
مع شكري واحترامي لكل من يشاركنا النقاش