من المعروف ان السعودية تحقق سنويا مكاسب مالية وتجارية خلال موسم الحج، فيما تتحمل بلدان اسلامية أخرى خسائر مادية.
وسلطت دراسة نشرها موقع " البيت الخليجي للدراسات والنشر"، مؤخرا الضوء على الأرباح التي تكسبها السعودية خلال موسم الحج كل عام، حيث أصبحت تكلفة الحج على الحاج مشكلة حقيقية داخلية وخارجية، ويمكن تقسيم الأموال التي تحصل عليها السعودية من الحجاج الأجانب إلى قسمين، يتكون القسم الأول من التكلفة الكلية بما فيها رسوم تأشيرات الدخول، ويتضمن القسم الثاني الأموال الأخرى التي ينفقها الحجاج في الهدايا، وفي الحالتين تسهم الأموال في زيادة الاحتياطي النقدي للبنك المركزي السعودي.
وأوضحت الدراسة أنه كلما ارتفعت مصروفات الحج ارتفع حجم الاحتياطي النقدي وزاد الاعتماد عليه في تمويل العجز المالي السعودي، لكن إيرادات الحج لا تسهم بتغطية اكثر من 8% من العجز المالي، أما عند إضافة إيرادات العمرة فإن مجموع هذه الإيرادات سوف يعادل 23% من العجز.
وأضافت أن "موسم الحج يساهم في تنمية الأنشطة الاقتصادية للبلد خاصة مكة، حيث ذكرت الغرفة التجارية الصناعية لهذه المدينة بأن موسم الحج يمثل 70% من إيرادات مكة المكرمة السنوية، وله انعكاسات كبيرة على اقتصاديات هذه المدينة في جميع القطاعات، وترى الغرفة بأن موسم الحج أهم بكثير لاقتصاد هذه المدينة من مواسم العمرة."
وبحسب الدراسة فان الحاج ينفق 40% من أمواله للسكن و31% للنقل و14% للهدايا و10% للغذاء، إضافة إلى نفقات أخرى بنسبة 5%، وتتولى الشركات تنفيذ هذه الأنشطة، كما ينعش الحج عدة مهن خاصة تجارة اللحوم والمصارف والحلاقة.
كما ان نظام تأشيرة الدخول الذي ينطبق على الحاج وكذلك على المعتمر يقضي بدفع مبالغ تتراوح بين 3000 و 8000 ريال في حالة تكرار الحج أو العمرة، كما يخضع حج المقيمين السعوديين والأجانب لتصريح خاص، وهنالك غرامات مالية وعقوبات بدنية توقع على من يخالف ذلك.
وأشارت الدراسة إلى ان هناك اتجاهات في السعودية تبالغ في الأهمية المالية للحج والعمرة، حيث تفيد بان إيرادات الشعيرتين مهمة إلى درجة أنها ستصبح قريبا مساوية لإيرادات النفط، لكن الواقع ان إيرادات الحج بلغت 4,2 مليار دولار (16 مليار ريال) العام الماضي، وإذا أضيفت إليها إيرادات العمرة فسيصبح المجموع 12 مليار دولار، في حين أن إيرادات النفط 168 مليار دولار في السنة.
وفي جميع الحالات يمثل الحج مكاسب مالية وتجارية للسعودية. لكنه يخلق مشاكل اقتصادية لغالبية الدول الإسلامية، حيث يكلف مبالغ لا تقوى عليها الغالبية العظمى من المسلمين، وتختلف التكلفة وفق عدة عوامل تتعلق بالبلد الذي ينتمي إليه الحاج والنظام المتبع فيه لتحديد النفقات والبرنامج الذي يختاره الحاج للقيام بالفريضة، كما يتعلق الأمر بالسكن (قربه من الحرم المكي وتصنيفه وسعة غرفه وخدماته) ونوع الأطعمة ووسائل النقل وغيرها.
إذا اقتصرنا على بعض الدول العربية نلاحظ أن المعدل العام للتكلفة كما يلي بالدولارات (الحسابات لا تشمل مصاريف الجيب المخصصة للهدايا): السعودية 2950. السودان 3100. العراق 3800. مصر 4250. موريتانيا 4490. تونس 4500. المغرب 4950. الكويت 7500.
وفي السعودية تستحوذ التكلفة على 5% فقط من معدل الدخل الفردي السنوي، وترتفع النسبة إلى 10% في الكويت و21% في العراق و36% في مصر و38% في تونس لتصل إلى 63% في السودان وإلى 114% في موريتانيا، وعلى هذا الأساس تمثل تكلفة الحج نسبة لا يستهان بها من الدخل الفردي في الدول العربية غير الخليجية.
وفي المغرب يشكل الحج عبئا على مالية الدولة بلغ 163 مليون دولار في العام المنصرم، إضافة إلى الأموال المسموح بإخراجها لكل حاج وقدرها ألف دولار. وهذا يمثل كلفة إضافية قدرها 32 مليون دولار، أما في مصر فالحكومة تدفع سنويا خمسة مليارات دولار لتغطية نفقات الحج والعمرة التي تمثل 1,5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤثر هذا المبلغ تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المصري الذي يعاني من أزمة مالية منذ عشرات السنين.
أما في تونس فيتوقع أن تصل تكلفة الحج للموسم الحالي إلى 51 مليون دولار، حيث يرى التونسيون أن هذا المبلغ مرتفع نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد،لذلك ظهرت اتجاهات تدعو إلى تأجيل الفريضة لهذا العام، بل ذهب بعض الأئمة إلى تحريم الحج لأن "السعودية بتقديرهم تستخدم إيراداته في قتل المسلمين اليمنيين".
وختمت الدراسة بالقول إنه بشكل عام من الناحية المالية تتضرر جميع الدول الإسلامية من مواسم الحج والعمرة، كما أن تكلفة الحج لا تعتبر كلها عبئا على اقتصاديات الدول، لأن الحاج ينفق قسطا من هذه التكلفة في بلده الأصلي كالمبالغ المدفوعة للنقل الجوي وبعض الرسوم والوسطاء.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة بلغ العدد الكلي للحجيج 6,2 مليون شخص، منهم 4,5 ملايين من الخارج، والغالبية العظمى من هؤلاء الأجانب رعايا دول إسلامية و يستهلك هؤلاء سلعا مستوردة من دول غير إسلامية، حيث يتم استيراد المواد الغذائية وحتى السجاد والسبح والملابس من بعض الدول كالصين.