خاطرة (درع اليوبيل التنكي) ظمياء ملكشاهي
كان أسرعهم في الركض، أشدّهم بأساً في انتزاع (القواطي) التي تفوحُ برائحةِ الببسي المتحلّل إلى عناصرِه الأوليّة، يمدُّ براثنَه في الكدسِ القميء ويجلو مكامنَ الكنوزِ التي تنفرُ منها القططُ الشاردة. يردّدُ نشيداً عسكريّاً ببسطالٍ مهتريء و بدلةٍ خاكيّة لآخر جنديّ من الجنودِ الذين صدّقوا كذبةَ الحربِ الشريفة. ها هو ينزلُ من تلِّ القُمامةِ ملوّحاً بعلامة النصرِ المبينِ تتحلّقُهُ العيونُ المترقّبةُ لمجيء الضباعِ المنتظرةِ لانتزاعِ بقايا البؤسِ المعلّبِ في ازدراءٍ أسودَ مقيتٍ يبطشُ بالنهارِ الذاوي فوق يبابِ الحقائقِ المجدبةِ حتّى ينتهي اليومُ بمجدِ النقودِ الكليلِ معتصراً عافيةَ أجسادِ النبّاشين الباهتةِ مثل كفنِ عتيقِ في مقبرةٍ فرعونيّة، يملأُ صديدُ الهواءِ العفن رئاتهم الخائرةَ ؛ فتكتظّ أرصفةَ الكسادِ برياحينِ الوطنِ الذابلةِ، تنخرُهُم سوفاناتُ النكباتِ المنتخبة؛ فيشذّونَ عن الهديلِ بنواحهم المستعرِ...والآن لا بأسَ في لحظةِ منكهةٍ بالفرارِ أنْ يجتمعوا ويقرّروا منحه درعَ الإبداعِ في اليوبيلِ التنكيّ؛ تكريماً لبطولتِهِ الفذّةِ في ارتقاءِ المزبلةِ الدسمةِ في يوتوبيا جمهوريّةِ البؤسِ العظيم!