TODAY - August 21, 2010
بين غياب ثقافة الهزيمة والاشارة الى افتعال المشكلة
الشغب .. يضرب ملاعب الكرة العراقية بقوة ويعطل مبارياتها
عبدالجبار العتابي من بغداد
ضرب الشغب ملاعب كرة القدم العراقية ضربات موجعة ادت الى تدهور الاحوال واختلال العلاقات ما بين الاطراف جميعها ، بل انه عطل العديد من المباريات مثلما افقد العديد من الفرق فرصا سهلة للفوز والحصول على مرتبة متقدمة ، كما انه ضرب في المستوى العام للمباريات التي تحولت الى مجرد ركض خلف الكرة من اجل الوصول الى المرمى وتسجيل هدف والتخلص من هرج ومرج الجمهور وضغوطاته.
صنع شغب الملاعب عداوات ونشر كراهية وخلق اجواء لم تعرفها الكرة العراقية من قبل تمثلت في الاعتداءات على المحكمين واللاعبين والمدربين وليس انتهاء بالجمهور ، وساءت الاحوال الى درجة وصلت الى ان يقرر الاتحاد العراقي لكرة اقامة بعض المباريات بدون جمهور !! ، وتلك من أسوأ ما يمكن ان تكون عليه لعبة كرة القدم التي لا تكون لها جماليات الا بالجمهور.
وفيما يرى البعض ان هذه الظاهرة خطيرة جدا ولا بد من الوقوف في وجهها واجهاض محاولاتها لتكون حالة ، تشير اللجنة الاولمبية العراقية الى ان هناك من يقف وراء افتعال هذه الازمات لغايات في نفسه.
فالشهر الاخير شهد العديد من حالات الشغب التي تأذى بسببها اطراف اللعبة ، والتي ادت بالاتحاد الى جعل مباريات دوري النخبة الكروي في بغداد بلا جمهور ، ومنها تلك التي اقيمت ضمن منافسات الجولة الثالثة (الاخيرة) من المرحلة الثانية لدوري النخبة فقط .. ثلاث مباريات بلا جمهور : الصناعة مع بغداد ،الطلبة مع الزوراء والكهرباء مع اربيل ، بالاضافة الى التطور الخطير الذي حصل في شغب مباراة الجوية وكربلاء التي قرر الاتحاد اعادتها بلا جمهور وهو ما رفضته ادارة كربلاء ولم تحضر فريقها الى ملعب نادي الكرخ حيث كان من المقرر ان تقام يوم الخميس ،بحجة ان جمهور الجوية هو المتسبب في اصابة حكم المباراة الذي اوقف المباراة وكانت نتيجتها التعادل ، ورفض كربلاء اللعب جعل الاتحاد يعده خاسرا بثلاثة اهداف ، وهو ما رفضته ادارة كربلاء التي توعدت الاتحاد بأقامة دعوى قضائية ضده !!.
هذا الشغب اللافت للنظر والانتباه والشديد الوطء على واقع كرة القدم العراقية جعل الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم يصدر بيانا في محاولة منه لردع الجماهير لاسيما للفرق الجماهيرية وتأشير محاولات فرض عقوبات صارمة ضده ، فقال الاتحاد في بيانه انه يتابع بألم شديد تفشي ثقافة الشغب عند بعض المحسوبين على جماهير اندية النخبة متناسين ان كرة القدم هي رسالة محبة ووئام وان الخسارة في مباراة لا تعني الخروج عن النص المتعارف رياضيا واجتماعيا ، واضاف : كاتحاد نؤكد رفضنا التام لمثل تلك التصرفات التي لا تمت الى الاخلاق الرياضية بشيء فان الاتحاد العراقي لكرة القدم لن يألوا جهدا في اجتثات العناصر المسيئة التي تحاول خلق الازمات على المدرجات بل قد يذهب الى ابعد من ذلك فيما ظل هذا البعض مصرا على افعاله المشينة، كما يرجو الاتحاد من الاعلام الرياضي بكل مفاصله والمعروف بوقفاته الشجاعة دائما وبجانب الحق الى تبصير ممن اغوتهم روح التمرد على الاخلاق الرياضية وافهامهم ان كرة القدم تحتمل كل شيء الا الاساءة الى رسالتها السامية التي تسير جنبا الى جنب مع الاخلاق العربية، ويبين الاتحاد ان وأد هذه الظاهرة الغريبة يتطلب وقفة من الجميع لابعادها نهائيا عن الملاعب العراقية والى الابد .
وذكر عضو الاتحاد هادي جواد ان اتحاد اللعبة يتحمل جزء من المسؤولية لعدم اتخاذه القرارات الحازمة تجاه المدربين والاداريين الذين يتجاوزون خلال المباريات ،وقال : أن اتحاد الكرة ملزم باتخاذ عقوبات صارمة من اجل حماية اللعبة واطرافها وعدم السماح للجماهير في تعكير صفو منافسات دوري النخبة لاسيما وان اياما قليلة تفصلنا عن نهاية الموسم الكروي 2009/ 2010 ونتمنى ان تسير الامور بدون مشاكل رغم ان الاحداث اشرت وجوب تدخل القوات الامنية وان يتحمل الجميع المسؤولية وان ظاهرة الشغب غير مقبولة .
فيما قال الامين العام في اللجنة الاولمبية الوطنية العراقية عادل فاضل : إن هناك من يحاول ان يفتعل المشاكل لغايات تهدف الى ايقاف عجلة الرياضة العراقية التي حققت نجاجات ملحوظة وبدأت تنافس ولم تعد رقما تكميليا في المشاركات الخارجية ، واضاف : اعمال الشغب والتجاوزات من قبل الجماهير مؤشرة من قبل اللجنة الاولمبية وتم توجيه الاتحادات الرياضية بوجوب الحفاظ على سلامة المباريات واللاعبين والحكام والمدربين والطواقم الفنية والادارية لاسيما وان اجواء التشنج تدفع الجماهير الى الخروج على الروح الرياضية تحت عنوان البحث عن الفوز باي طريقة .
وتابع : أن عدم تنظيم الملاعب وقلة العناصر الامنية والوضع الاجتماعي عوامل تشجع الجماهير على عدم الانضباط ، ونأمل من الاندية والاتحادات توعية الجماهير وتوجيهم للتآخي والتآزر والمحبة ووجوب عدم التدخل في الامور التي لاتعنيهم وان واجبهم هو التشجيع ومؤازرة فرقهم، وان الجميع يتحمل مسؤولية الشغب الذي يحدث حاليا في منافسات كرة القدم، وعندما نبني جيلا يحب العراق فلن يكون هناك داع لوجود عدد كبير من رجال الامن لان الشخص سيكون هو الحريص على سلامة المباراة والملعب واللعبة والعراق، مؤكدا : ان حرية التعبير والديمقراطية لاتعني الاساءة الى الاخرين .
وقد اعرب العديد من المعنيين بالشأن الكروي استنكارهم للمارسات غير الصحيحة من قبل بعض المحسوبين على الجمهور الرياضي ، واشار هؤلاء المعنيون ان هذه الظاهرة تعد آفة لا ترحم ولها عواقب وخيمة خاصة اذا ما تدهورت الاحوال الى الاسوأ ولم يستطع احد كبح جماح هذا الظاهرة التي اشار البعض الى اسبابها التي منها اطالة امد مسابقة الدوري الى حد الملل ومن ثم غياب ثقافة الخسارة عند بعض الهيئات الادارية وكذلك عند الجمهور .
يقول اللاعب الدولي السابق شاكر محمود ومدرب فريق الكهرباء حاليا : ان ثقافة العنف التي اجتاحت ملاعبنا تعد ظاهرة خطيرة لا مناص من الوقوف بالضد منها وايقافها، وعلى الجميع ان يتحمل مسؤولياته في مكافحتها والحد منها لتبقى ملاعبنا آمنة ونظيفة، اذ ان هذه الظاهرة استشرت في المباريات الاخيرة لاسيما بدوري النخبة من خلال الانفلات الامني الذي شهدته هذه المباريات لعدم توفر الحماية الكافية مقارنة بالحضور الجماهيري الذي تشهده مدرجات ملاعبنا المنتشرة في بغداد والمحافظات اذ علينا كرياضيين ان نعكس الوجه الناصع للرياضة العراقية سيما وان الانظار مشدودة علينا بعد ان وحدت الرياضة صفوف ابناء شعبنا في الكثير من المناسبات وهو ما لا يفعله غير اهلها.
وقال اللاعب الدولي السابق ومدرب الصناعة حاليا قحطان چثير: تعد ظاهرة الشغب آفة خطيرة في الملاعب وقد عرفناها في الدوريات العالمية، الا انها لم تكن موجودة في ملاعبنا ولكنها استشرت للاسف في الاونة الاخيرة وبالتحديد في مباريات دوري النخبة، حيث ان ما حصل من احداث مؤسفة اجتاحت العديد من ملاعبنا لا تمت الى التشجيع المثالي الذي عرف به جمهورنا الوفي، الا ان الذي حصل يعد اساءة خطيرة وكبيرة الى سمعة الكرة العراقية وعلى الجميع ان يتحمل مسؤولياته لوقف تداعيات هذه الظاهرة، كما ان على اتحاد اللعبة ان يقف بالضد منها كونها ستعرض ارواح الابرياء الى مخاطر جمّة وتعيث خراباً في البنى التحتية للرياضة العراقية التي تشكو النقص الحاد فيها. نتمنى ان لا تتكرر مثل هذه الافعال التي اساءت الى اللعبة وتوفير الحماية اللازمة في ملاعبنا للسيطرة على الانفلات الذي يحصل فوق المدرجات، اذا ما اردنا لملاعبنا ان تبقى آمنة وخالية من هذه الظواهر الخطيرة التي اجتاحتها في الاونة الاخيرة.
فيما قال الزميل الصحفي احمد وهاب : ظاهرة غريبة وغير مالوفة في ملاعبنا الكروية استفحلت بشكل كبير حتى باتت قاعدة وليست استثناء واصبحت ماركة مسجلة فيها حيث ظهرت في ما يقارب من خمس مباريات في دوري زين العراق النخبة وكانت في مباريات الدور قبل الاخير مؤثرة بشكل غير طبيعي عندما توقفت نتيجة لذلك مباراة القوة الجوية وكربلاء بعد اصابة حكمها كاظم عودة كما اعقبت مباراة الزوراء والصناعة احداث غريبة وبعيدة عن الروح الرياضية ولاشك ان عوامل عديدة وراء هذه الظاهرة لعل ابرزها ضعف الدور التنفيذي لاتحاد الكرة وكذلك قلة الاعداد المخصصة لحماية الملاعب من الاجهزة الامنية المختصة في وقت دخلت مباريات الدوري مراحل حاسمة واصبح كل هدف يسجل وكل نقطة تحصد هي فرصة كاملة نحو جني ثمار موسم طويل مما يزيد معه تعصب الجماهير واللاعبين وحتى الهيئات الادارية والتدريبية للاندية مثلما حصل مع ادارة وملاك التدريب في فريق الصناعة من احتكاك مباشر مع جمهور الزوراء كما ان تواجد عدد من الجماهير في مدرجات الملاعب التي لا تمتلك أية روح رياضية هو احد الاسباب الرئيسية في احداث الشغب.
اما الحكم الدولي السابق صباح قاسم فقال : إن ضعف الهيئات الادارية في الاندية المشاركة في الدوري وعدم استعدادها لتقبل النتائج وخاصة السلبية منها اثر بشكل او بآخر على ما يجري الان في الملاعب من اعمال شغب ،واضاف : ان القرارات التي يتخذها الاتحاد العراقي للعبة ليست بالرادعة ولاتؤثر في الحد من الظاهرة ، ولهذا لابد من ايجاد اساليب رادعة توقف عمليات الاعتداء على الحكام واللاعبين والاداريين وحتى الاعلاميين .
وأشار صباح الى : ان كثرة المباريات في الدوري ادى الى الملل لدى الحكام وبالتالي اثر ذلك على اتخاذ القرارات الصحيحة في المباريات التي يقودونها ، كما ان ضعف البنى التحتية للرياضة العراقية له اثر كبير على ما يحدث كون اغلب الملاعب التي تقام عليها المباريات غير محصنة ، وطالب ان يكون هناك تعاون بين الاتحاد المعني باللعبة ووزارات الدولة من شباب ورياضة ولجنة اولمبية ووزارتي الدفاع والداخلية لان المسألة لاتهم اتحاد الكرة وحده وانما تهم الدولة برمتها.