بداية هذا الصباح كانت الاجمل في الأسبوع الماضي.
قبلتني طفلّتي واخبرتني إنها تريد ان تعانقني قبل ترك الفراش ثم جلسنا سوية وتناولت الفطور مع أمها وشربت انا شاي بكل هدوء.
الأسبوع الماضي لم يكن سهلا في علاقتي مع طفلتي. كانت هناك موجات من الصراخ بذبذبة لا يستطيع الوصول اليها سوى الأطفال وضربتني بشكل يومي واخبرتني إنني أحمق وإنها لا تريد ان تكون معي والتصقت بأمها التي لم تنجو من صراخها.
في موجات الصراخ التي كانت تحدث ونحن نتناول العشاء او حين أحاول مساعدتها للخروج من السيارة كنت اشعر برغبة عميقة لمبادلتها الصراخ لأقول لها إنني قادر ان اصرخ بصوت اعلى وكنت اعرف إنني سأخيفها في حين انها لا تخيفني رغم إنني اتضايق حين افتح باب السيارة لها فترفسني.
سألت زوجتي عن رأيها فقالت إن ماندا لم تستقر في مجموعة الحضانة الجديدة ولم تسترخي بعد مع معلمتها وهي تعودت ان تنام أكثر في العطلة الصيفية وكل هذه الأشياء تسبب لها ارتباكا وتعبر هي عنه بالصراخ.
قبل يومين صرخت بي وهي في السيارة فقلت لها إنني سأضعها في سريرها حتى تعود الى رشدها وبعدها تستطيع ان تأتي لتناول الطعام معنا وكانت الساعة حينها الخامسة مساءا.
بعد خمسة دقائق من الصراخ سكتت وحين ذهبت لاطمأن عليها وجدتها نائمة بعمق ونامت حتى الصباح التالي دون حراك.
في الامس نامت في الساعة السابعة مساءا بعد ان تناولت الطعام واليوم افاقت وهي سعيدة جدا كما كانت في السابق وطلبت مني ان اخذها الى دار الحضانة لتلعب مع رفاقها.
ونحن نمشي الى الحضانة فكرت بتأثير الأشياء الجسدية على مزاج الانسان. كم يؤثر علينا الجوع والتعب والنعاس والكبت الجنسي وكم يؤثر علينا التواجد في مكان جديد لم نتعود عليه؟
فكرت أيضا بالطريقة التي احتوينا فيها مزاج ماندا المتعكر وكيف إننا لم نصرخ بها حين صرخت ولا ضربناها حين ضربتنا وتصورت إنني لو فعلت ذلك لكنت سأعاقبها على تعبها وخوفها ونعاسها فأجعل الأشياء الجسدية فكرية وامنعها من ان تكون صادقة في التعبير عن جسدها ومن ثم أكسر اعمدة العلاقة المحبة بين اب وطفلة.
هناك صراعات كثيرة تحدث بيننا نحن البشر ونتصور فيها إن من صرخ بنا يكرهنا ولا نفهم إنه قد يكون جائعا او متعبا او خائفا او مكبوتا وحين لا نستطيع ان نحتويه نرد عليه الصاع صاعين فنصرخ دفاعا عن قيمة مفترضة في عقولنا كأن تكون-ليس من حق طفل ان يصرخ بأبيه وتصبح العلاقات ردود أفعال على أشياء لا يفهمها أحد لأنها تتعلق في أصلها بحاجات حقيقية ويتعالى في عالمنا الصراخ.