حرف الواو: -الكورد وليس الكرد-
م . محمد أمين محمد
من الملاحظ وجود تباين في كتابة اسم الشعب الكوردي بين أبناء هذا الشعب في سوريا والعراق حيث تستخدم كلمة ( الكورد ) في كوردستان العراق بينما يستخدم ( الكرد ) في كوردستان سوريا , و في اللغة العربية , وحول دقة وصحة كتابة الاسم وطريقة لفظه والجذر التاريخي ومصدره , فقد كتب العديد من الكتاب والمؤرخين الكورد والاجانب , حول ذلك , حديثا وقديما , عن هذا الموضوع ليتم حسم الامر في النهاية لصالح وجود حرف الواو كما هو معتمد في كوردستان العراق , انسجاما مع جذر الكلمة وطريقة لفظها .
حول هذا الموضوع قدم الدكتور برهان شاوي بحثا قيما بعنوان ( الكورد وليس الكرد ) في صحيفة ( 58 ) الكركوكية – اشتقاقا من رقم المادة في الدستور العراقي المؤقت حول كركوك - تناول فيها الباحث الموضوع باستفاضة ودقة علمية بالغة ومستعينا بمصادر تاريخية ثابتة , أثبت من خلالها في النهاية على أن حرف الواو هو جزء من أصل الكلمة وان عدم وجوده خلاف لحقيقة الكلمة واللفظ والحقيقة التاريخية وبالاستعانة بذاك البحث وجدت من الضروري التأكيد على هذا الموضوع ودعوة قيادات الحركة الكوردية في سوريا وكذلك المثقفون الكورد من باب اولى , لانها مهمتهم في المقام الاول , بمراجعة الامر , وتصحيح الكلمة بما ينسجم مع الحقيقة التاريخية التي تثبتها الدراسة .
( ان حقيقة لفظ الكورد تعود بجذورها الاولى الى اللغة السومرية حيث هي مشتقة من لفظ ( كور) وهي كلمة سومرية تعني الجبل , ومن اشتقاقات النسب في اللغة السومرية اضافة الياء او الدال بحيث يكون معنى لفظ ( كوردي ) بالسومرية هو الجبلي وهي التسمية التي كان السومريون يطلقونها على سكان الجبال المجاورة , والحضارة المجاورة, وقد جاء ذلك في بعض الرقم السومرية التي تعود للالف الرابع والثالث قبل الميلاد . و في اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع والفلسفة من جامعة برلين الحرة في العام 1987 ذكرت الباحثة الالمانية ( هانالورا كوخلر ) معتمدة على مصادر علمية وتاريخية عديدة , بان اول ذكر للفظ ( الكورد ) جاء في بعض الرقم والوثائق السومرية في الالف الثالث قبل الميلاد , كما يذكر العالم جودفري درايفر في كتابه ( وثائق ملوك سومر وأكد ) الصادر باللغة الانكليزية في العام 1923 , على ان تلك الوثائق والرقم الطينية تذكر شيئا عن بلاد الكورد وبنفس اللفظ تقريبا , وقد اكد المستشرق الروسي مينورسكي على ذلك ايضا , وقد جاء تحت لفظ ( كوردا ) كما يؤكد كل من درايفر ومينورسكي على وجود رقيم آخر من الالف الثاني قبل الميلاد يتحدث عن سكان الجبال المجاورة , كما يرد ذكرهم في وثائق الالف الاول قبل الميلاد ثم في النص الاغريقي ( انابازيس ) المكتوب في حوالي 400 سنة قبل الميلاد من قبل الكاتب الاغريقي ( زينوفون ) كما ورد ذكرهم في المصادر القديمة تحت الفاظ مقاربة مثل : ( كوردايا , كوردين , كورداواي , كوردي ) وقد اكد على ذلك المستشرق الروسي بيتر ليرخ في كتابه ( بحوث حول الكورد ) الصادر في العام 1858 في مجلدين بسانتيبروبورغ , كما اورد العالم الكوردي الجليل محمد أمين زكي العديد من هذه الاراء التي لاتختلف عنها في كتابه الهام ( خلاصة تاريخ الكورد وكوردستان ) الذي صدر بالكوردية في العام 1931 وترجم الى العربية في العام 1939 وقد اشار الى ان لفظ ( كوه ) في اللغات الآرية والجركسية تعني الجبل واذا ربطنا هذا الاستنتاج ببعض الآراء حول اصل السومريين بانهم نزحوا من منطقة ( الكوكاس ) فهذا يعني بان اللفظ ربما جذره بالتالي آري – سومري .
وبعيدا عن التوغل في بحث اصل الكورد , فان لفظ ( كورد ) هو ما تم تناقله عن السومريين الذين كانوا يقصدون به بمعنى الجبلي من حيث ان لفظ ( كور ) في السومرية يترجم الى ( جبل ) , ورغم ان اللغة السومرية قد انقرضت منذ آلاف السنين الا ان بعض مفرداتها لازالت حية في اللغة الكوردية الجنوبية , فالجبل مثلا يحمل اسمين باللغة الكوردية احدهما ( جيا ) الشائع في كوردستان اليوم والثاني هو ( كو ) بحذف الراء حيث تسمى المناطق الحدودية بين العراق وايران اليوم ب
( بيشت كو ) و ( بيش كو ) اي ( ما وراء الجبل ) و ( ما قبل الجبل ) وبقيت هذه اللفظة في اللغة الفارسية ايضا حتى الآن , حيث تلفظ ( كوه ) وبالتالي فان جذر الكلمة هو ( كور ) وليس ( كرد ) وعليه فان كتابة الاسم ( كوردي ) هي الاسلم تاريخيا وليس ( كردي ) ووطنهم (كوردستان) وليس (كردستان ) باعتبار ان لفظ ( الكورد ) السومري او الآري قد شاع في تسمية الشعب او الشعوب التي عاشت في منطقة زاغروس المجاورة في نفس الحقبة السومرية قبل ستة آلاف الى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد )
لاشك ان علماء اللغة لهم راي في هذا المجال وان اغناء الموضوع أكثر يحتاج الى مساهمتهم ايضا وبدرجة اساسية لكني اود هنا ان اؤكد على الحقائق التالية :
- الحقيقة التاريخية المثبتة في البحث المشار اليه .
- ان اصل الكلمة كوردي وليس عربي لذا فان الخطأ يكمن في الاستخدام العربي للكلمة وليس العكس .
- ان اللفظ الشفوي السائد بين ابناء الشعب الكوردي في كل مكان هو بوجود الواو وليس بعدمه.
- ان الكتابة باللغة الكوردية تتضمن حرف الواو في الابجدية العربية وبوجود حرف ( u ) - المعادلة لحركة الضمة باللغة العربية - في الابجدية الكوردية اللاتينية وذلك انسجاما مع دقة اللفظ وتأكيد عليه والخلاف يكمن فقط في الاستخدام العربي للكلمة – عدا العراق – والاستخدام الكوردي في سوريا لها حتى الآن .
ان كل الدلائل تشير الى ضرورة وجود حرف الواو – المقابلة للضمة - في كلمة الكورد وكوردستان في الاستخدام العربي للكلمة وليس عدمه , وان اللفظ المغاير سواءا بكسر الكاف أو فتحه أو سكونه لاينسجم مع أصل الكلمة , وان تلك الالفاظ ترد على لسان الكثيرين من الاخوة العرب بسبب عدم وجود حرف الواو , وما كان ذلك ليحصل في حالة وجود حرف الواو , لذا فان المبادرة الى تصحيح الكلمة ضرورة حقيقية تستدعي من الحركة الكوردية في سوريا انجازها وكذلك من المثقفين الكورد الذين بامكانهم الانتقال فورا الى استخدامها باعتبارهم لايحتاجون الى مؤتمرات واجتماعات ومرجعيات ومداولات وما الى ذلك , للبت فيها