الحلقة التاسعة من كتاب واسط بين الماضي والحاضر للمؤلف السيد عبد المنعم تقي الطباطبائي
بيوتات الكوت العامرة في سنة 1300هـ -1882م:-
من الممكن أن نشير الى بعض البيوت التي أخذت مكانتها في مدينة الكوت في تلك الـفترة الزمنية وأن كنا لانجد لبضها اليوم وجود بسبب هجرتهم الى بغداد عاصمة الـعراق ومركزه التجاري ومطمح الناظر أليها والبيوت هي .
بيت عباس العلي – بيت شبوط أبن الشيخ محمد – بيت العلاق – بيت الطالقاني – بيــت الحكيم – بيت شهيده – بيت مطعوجه – بيت سيف – بيت سبع – بيت السيد عبـــد الحميد الطباطبائي – بيت الحاج علوان – بيت القريشي – بيت عبد الرحمن –بيــت جمعه أبوسعيد – بيت السيد أرزيج( السيد عبد الرزاق أبو السيد جاسم) – بيــت عبد الله الريس اللامي – بيت البغدادي – بيت الحاج جودي السعيدي – بيت الحـــاج جودي قنــــبر أغا – بـــيت الحاج عباس الناصر والد الحاج عبود والحاج محمود – بيت الحاج محمد حسيــــن الجشعمي والد الحاج عباس – بيت الألجي –
بيت الملا يحيى –بيت بجاي الحمد – بيت يعقوب أبو رشيد ومجيد – بيت أنصاف – بيت علي مال الله النجار أبو الحــــاج حسـين النجار –بيت الحاج روشي – بيت أبو الهوى – بيت محمد علي النجار أبو الحــــاج عبود والحاج نوري – بيت الصفار – بيت الحاج رومي – بيت الـــحاج خلف أبو الــــــحاج لاجي والحاج أسماعيل – بيت طخاخ أبو الحاج مجيد- بـــيت الناهض – بيت السيد حسين والسيد علي والد السيد مهدي الذي أستوزر في العـهد الملكي – بيت سالم الحاج عوده – بيت كسار – بيت محمـــد علوش – بيت بدير – بـــــيت الوزان – بيت الكاظمي – بيت الخناق – بيت خيافـــــه وهم مـــــن العـــــبوده وكانت لهم محلة باسمهم – بيت أسط علوان البناء وهوأخوالملا حمادي شاعر الـكوت في حينه – بيت صادق جد توفيق جعفر مؤسس الكهرباء في الكوت – بيت راشد أبو مـهدي وصالح – بيت عساف – بيت شاوي – بيت رجب – بيت الــــــحاج عيسى الــــمزين – بيت سلمان الخياط – بيت داود والد الشيخ سـلمان – بيت جـــــميعي – بيت حمادي أبوحبيب – بيت الحاج علي الصالح العقابي – بيـــــت الخطاوي – بيت راضي المسعودي – بيت صينغ – بيت شريده – بيت الجده – بيــــت الحـاج جاسم – بيت السماك – بيت كريمط وهم آل السعدي في الكوت – بيت محمد علـــــي الشــهاب وهم من عشائر عبيد الذين يسكنون مشروع الحويجة في كركوك – بيت القاضـي – بيت علي الخالد – بيت أدريس – بيت لنج – بيت حبيب الأمير – بيت جباره وهـــم قصابون – بيت ناصر – بيت السيد عليوي – بيت ذويب – بيت طبره – بيت صريـــع – بــــيت الـمفتي – بيت الحاج جواد – بيت السيد ياسين الصباغ – بـــيت ناموس – بيت مراد – بيــــت المدرجي – بيت الحاج علي التميمي – بيت عريج – بــــيت الجــصاني – بيت غويلي – بيت حطاب – بيت الشامي – بيت سعودي – بيت يوسف الشـــيخ مـــحمد – بيت الملا علي القصاب – بيت ناصر البغدادي – بيت محمود الصفار – بيت مـحمد الجراح طبيب الكوت آنذاك وهو بغدادي الأصل – بيت علي حسن – بيت محـــمد الــــسماك – بيــت الحاج عبد العباس – بيت ناصر جد الحاج حسون الناصر – بيت الحاج سبــتي – بيت دشنه – بيت صياح جد نوري منصور وعبود مـــنصور – بيت علاوه – بيت حسن الخالد – بيت حنيش – بيت أبو الــــغربان – بيت سلــــطان – بيت دبين – بيت مهدي – بيت عاكوله :- أن هذه البيوت كــانت عامرة في العهد العثماني وهي من أعراق مختلفة الغالب بها الــــعرق العربي مـــن البو بدر أو سيفاويين أو من كنانه او شمر أو من أصول علوية أما الأعراق الكرديه فهم من نوكر ناظر أومن قطبي عاشوا في مدينة الكوت متاخين مـتحابين وقد أدرجنا هذه البيوت بناءً على معلومات أخذت من أفواه المعمرين المعاصـــــرين لعمنا السيد راضي الطباطبائي أو من أحاديث والدي السيد تقي أو جدي الســــيد سعيد وقد عاصـــرت أنا بالذات بعض هذه البيوت وعشت مع
أبنائها وزاملتهم في مرحلة الدراسة الأبتدائية .
لقد حصلت هجرة لبعض بيوتات الكوت في سنة 1948 م الى العاصمة بغداد وذالك لملء الفراغ الحاصل فيها نتيجة للهجرة الواسعة ليهود بغداد الـــــى فلسطين كذالك حصلت هجرة من الريف الى مدينة الــــكوت أو من المحافظات الأخرى وخاصة بعد قيام الجمهورية وسقوط النظام الملكي .
محلات الكوت في العهد العثماني والعهد الملكي :-
الكوت في العهد العثماني رقعــتها صغيرة جدا يطوقها دجلة من ثلاث جهات الشرق والجنوب والـــغرب أما الشمال فــــتطوق الكوت البساتين والمزارع ومحلاتها هي .
الشرقية (تسمــــى محلة السيد نور ) محلـــــة الســيد حسين ومحلة الجديده ومحلة السراي . حدود مدينة الكوت الشمالية في ذالك الوقـــت هي منطقة جامع السنة وما وراءه كان مقبرة تسمى مقـــــبرة (الحموي) والأن هــــي منطقة الأطباء والصيادلة والمدرسةالمركزيةالأبـتدائ ية للبنات وحدودها الشرقيةهوبستان رؤوف(الذي بني فيه أسواق رؤوف كذالك مقبرة الأنكليز وشــــــارع المكاتب حاليا والذي كان فيه مقبرة دفنت فيها طفلة صغيرة علوية من بيت الــعاملي وهي (العلوية شريفة) أما حدودها الجنوبية فهي بستان الحاج حــسن الشبوط وحدودها الغربية فهو نهر دجلة وشارع النهر وسراي الحكومة الــــقديم. أن مـــدينة الكوت حاليا قد أتسعت رقعتها وتعددت محالها وأزداد عدد نفوسها وتكاثرت بيــــوتاتها وعمـــــرت أبنيتها وأصبحت مدينة واسعة مترامية الأطراف ملأت جنــــوبا جميع الأراضي والبــــساتين حتى صافحت دجلة كذلك أمتدت شرقا حــــتى عــــــبرت الـــنهر وأمتدت شرقه الى مسافات كبيره ومساحات واسعة يزينها العمران . وفــي الجانب الغربي من دجلة أنتشرت بيوتاتها وصافحة مجرى الغراف وألتقت الأحــــياء الشرقية والجنوبية والغربية لتعمل طوقا يطوق الكوت وترتبط مع المدينة القديمة بسدة الكوت وجسر الكرامة أما من الجهة الشمالية فقد أمتدت المدينة حتى بسطـــــة نفسها على مساحات واسعة قضمتها من البساتين المحيطة بها والأراضي الزراعيــــة حـــــتى وصـــــلت الى منطقة الداموك والشمرانية . كل هذا التوسع حصــل نتيجة لمـــــيل أبناء العشائر للسكنى في مدينة الكوت كذلك أبناء المحافظات الــــــمجاورة والقصبات المجاورة الذين أغراهم حسن العيش في مدينة الكوت لجمالها وعـذوبة مياهها وأعتدال أجوائها المناخية فحصلت الهجرة أليها .
أن البيوت التي ذكرناها فـــي العهد العـــثماني وأوائل العهد الملكي كان يعيش معهم أكثر من أربعين بيتاً لليهود ولــهم في الكوت كنيس هدم جزء منه في عهد متصرف لواء الكوت السيد عباس عبد الـــلطيف البلداوي عندما قام بأصلاحاته العمرانية في الكوت وقد هاجر هؤلاء اليهود جـــميعهم الى فلسطين في سنة 1948م وكذلك كان
يوجد فـــــي الكوت عشرون بيتاً للصابئة ولازالوا ليومنا هذا يقطنون المدينة وربما أزداد عددهم عمــــا كانوا عليه وقد أرادوا أن يبتنوا لهم محلأ لعبادتهم وقدموا طلباً لمنحهم قطعة أرض على ضفاف نهر دجلة ليمارسوا فيها طقوسهم الدينية وعلى ما أعتقد أنهم قد منحوا قـطعة أرض في أوائل التسعينات من القرن العشرين ولاكننا لم نرى للبناء أثرا. أما البـــيوت المــــسيحية فتكاد تكون معدومة في الكوت أبان العهد العثماني ولكننا نجد هنـــــاك بيوتا مســـيحية وجدت بعد الحرب العالمية الأولى وأن هناك بناية لهم أستعمـــلت كنيسة للنصارى وقد هدمت أيضا في عهد متصرف الكوت السيد عـــباس البلداوي لــــتصبح أرضها ضمن ساحة عامة وهي الساحة الحسينية والتي تستعمل الأن موقف للسيارات (بارك).
مـــــن الأخبار الواردة عن كوت الأمارة في أواخر العهد العثماني ما جاءت به مجلة لغة العـــرب الجزء العاشر أن نفوس كوت الأمارة في سنة 1308هـ -1890م قدر زهاء (4115) نفســاً أغلبهم من الشيعة وفيها ( 100) يهودي أما الحالة الصحية في مدينة كوت الأمـــــارة فـــي العهد العثماني فقد كانت العناية الصحية في المدينة معدومة تماماً فكانت الأمراض والأوبئة منتشرة تفتك بالناس فلا يوجد طبيب يداوي الناس أو مستــوصف صحي يعالج الحالات المرضية التي تنتشر في المدينة وتفتك فــــي الناس وخاصــــة الأطفال فكانت نسبة الوفيات بين الفئات الصغيرة عالية جداً فكانــــت الحصـــــبة والجدري والسعال الديكي وأمراض أخرى لايعرف لها دواء أو مناعة وكان الناس في هذه الحالات يلتجئون الى الملالي ليكتبوا لهم الأدعية أو الى بعض المشعوذين ليعطوهم مالديهم من وسائل الشعوذه أو الى العطارين لأخذ بعض الأدوية والأعشاب أمــــثال البــــابنج وورد لــــسان الثور أو حبة حلوه وغيرها من الأعشاب والـــمراهم وفـــــي حالات الجراح أوقلع الأضراس فالحلاق هو الذي يقوم بذلك الأمر كمـــــا هو علــيه الحلاق (جميعي المرعي )أما الملا (مراد ) فهو يداوي حالات الأمراض الباطنـــــية والأمراض العصبية بأستعمال طرق غريبة وعجيبة في ذلك والناس يعتقدون بذلك والله هو المشافي .
هذه هي صورة مبسطة لــــحالة مدينة الكوت في أواخر العهد العثماني عرفناها من أفواه المعمرين الذين عـاشوا تلك الفترة الزمنية وعاش معهم أباؤنا وأجدادنا فكانوا يعانون من فتك الأمــــراض كالهيضة والطاعون والجدري وفي ذلك أحاديث عجيبة وغريبة ومثلاً لذلك فقــد فقد والدي سبعة من أبنائه حتى عشت أنا وأخوتي .
************************************************** **
ملاحظة :- أن جميع هذه المعلومات القيمة والنكت الطريفة والأخبار الفريده نقلناها من مخطوطة عمنا السيد راضي الطباطبائي ( تاريخ الكوت ) والتي بذل فيها جهوداً كبيرة ومضنية للوقوف على الحقائق كما هي .
السائحون الذين زاروا مدينة (كوت الأمارة) في العهد العثماني
لقد أستقـــبلت مدينة كــوت العمارة عدداً من السائحين في العهد العثماني منهم التركي والفارسي والأوربي والــعربي وغيرهم كثير وهنا نذكر بعض منهم :-
1- سيدي علي في سنة 961هـ -1553م :-
جاء في كتاب مرآة الممالك باللغة التركية وقد نقله المرحوم يعقوب سركيس في مباحثه بقوله (بعد أنحداره – يعنـــي سيدي علـــي – من بغداد قاصداً البصرة وكان مروره في فوهة العمارة – ويقصد كوت العمارة – أو تكييت العمارة على الأصح )(1) .
2- الأب فيشنتسو الكرملي في رحلته المطبوعة سنة 1083هـ-1672م قال :-
يعقوب سركيس في مباحثه (أنه قدم الى مدينة أسمها العمارة) .
3-السيد عبد الله بن السيد نور الــدين نعمة الله الحسيني الششتري المــــتوفى سنـــــة 1173هـ-1759م ذكرهـــا فــــــي كتابـــــه رجوع الشــيخ الى صباه . المكتوب باللغة الفارسية .
4- المستر دانفيل وقد تكلم عنهـــا (جاء في كتابه جغرافــــية بوشنك المطبوع في سنة 1194هـ-1780م بعد أن تكلم عـــــن واسط قال :- عمارة وهي قرية تسكنها الأعراب فيها قلعة وتحت ذلك تنقسم دجلة الـــى قسمين أحدهما الأيمن يتصل بالفرات – ويقصد نهر الغراف – والثاني وهو الأيسر ينساب الى القرنة ).
5- المستر كومس :- رحلـــة كومس المـــــطبوعة سنة 1083هـ -1672م يقول فيها بينما كان مسافراً من بغداد الى البصرة بطريق دجلة هجم علينا وعلى المسافرين تحت العمارة أعراب بقصد سلبهم فــــصدوهم ثم تفــــــاوض الفريقـــان وبعد أخذ ورد أكتفى الأعراب بهدية من التتن والبطيخ وأمثال ذلك ووعدوا بالكف عـــــن الأذى. وكانت هذه الرحلة سنة 1066هـ -1655م وقد كتب السيد يعقوب سركيس فـي هامش المقال بعد ذكر الخبر أعلاه :- والعمارة هــــــي غير العمارة الحالية وهي ما سمـــــي بعدئذ بكوت العمارة نفسه وغدونا نسميه الكوت أختصاراً.(2)
6- المستر سستيني :- وقدم الـــــــكوت سنــة 1196هـ -1781م يقول في رحلته من الترجمة الفرنسية (وقدمنا الــى العمارة والتي هـــــي بين بغداد والبصرة وأشترينا من العمارة دجــــاجاً ... وبأزاء العمـــــارة جدول حفرته يد الأنسان يوصل مياه دجلة بمياه الفرات ) ويقصد به نهر الغراف .
7- المنشي الـــــبغدادي :- رحلته الـــتي كتبها في سنة 1237هـ-1822م قال فيها :- (الذاهب من بغداد في طريق دجلة الـــــى البصرة يركب في السفينة أذا كان الماء وافراً تصل البصرة في مدة ستة أيام وأذا كان الماء قليلاً فلا تصل ألا في خلال عشرين يوماً
************************************************** ****
1- يعقوب سركيس – مباحث عراقية -
2- مجلة غرفة تجارة بغداد الجزء الرابع سنة 1941م مقال بقلم المؤرخ السيد يعقوب سركيس
وان القبائل العربية عــلى جانــبي الــشط كثيرة ومــن هؤلاء الدفافعة ( قرب نهر ديالى ولازالو الى يومنا هــذا ) وبنو لام وهذه قبيلة كانت تمتد بافرادها من مصب ديالى قرب بغداد الىالقورنة وهي لا شـك مـن طـي وتوجد زبيد والاقرع . وفــــي منتصف الطريق تظهر قرية تسمى ( كوت العمارة ) وفــــي مقابل الكوت شط الحي ويستمر المنشي في حديثه قائلاً ويخرج الركاب احياناً مــن السفن عند وصولهم الى كوت العمارة ويركبون على الدواب وفي مدة ثلاثة ايام يصلون من الكوت الى سلمان باك .
8- أيلبس اروين :- 1996 هـ- 1781 م فـــــي يوم 25 نيســـان يقول ( وفي الساعة الثامنة مررنا ببلدة كوت العمارة حيث يقيم فيها شيخ بني لام ) .
9- المستر كبيل :- في رحلته من البصرة الى بغداد سنـــة 1240 هـ - 1824 م يقول عنها ( انها قرية صغيرة مبنية مــن الطين ويحميها سور لا يتجاوز ارتفاعه ستة اقدام وهي الموقع الوحيد الثابت الذي شـــاهدنـــاه بـعد القرنة ويقيم فيه شيخ بني لام القوي الذي يمتد نفوذه من القرنة الى بغداد .
10- الكابتن منن :- عضو الجمعية الملكيـــة الاسيوية في لندن وقد ترجم بحثه الاستاذ جعفر الخياط بعنوان ( سفرة نهرية بين بـــغداد والبصرة ) سنة 1243 هـ - 1827 م ونشره في مجلة الاقلام العراقية العدد الرابــــع السنة الثالثة كانون اول سنة 1966 م قال الكابتن منن ( وقد وصلنا بــــعد ذلك الى الكـــــوت في يوم 29 / تشرين اول / سنة 1827 م في زورق شراعي مستــفيدين مـن هبوب الريح المناسبة للاقلاع . ويقول ان الادغال التي كانت تكتسي بها الضفاف مـن الجانبين كانت موئلاً لعدد من الطيور . ويشير كذلك الى انه مر خلال هذه الرحلــــة بمنزل مترامي الاطراف من منازل القبائل العربية فكان اعرابه لطيفين مـــــعه وقـــــد كان الكثيرون منهم منشغلين بحياكة بعض الاقمشة الخشنة من الصوف المستمد مــــــن اغنامهم الكثيرة . ويقول الكابتن منن انه وجد الكوت قرية صغيرة تتألف مــــن مجموعـــة غير قليلة من الاكواخ المبنية بالطين وتحاط بسور مــــن الطين كذلك وهي تقع علـــــــى الضفة الشرقية من دجلة وقد شاهد قطعان كبيرة من الابل كلها بيضاء كانت ترعى في السهول المحيطة بها من كل جهة من دون ان يرعاها أي انســـــان ولا أي كــــــلب من كلاب الحراسة . ويذكر كذلك ان الجه المقابلة للكوت من النهر يوجد فيها جدول يقـــــال له شط الحي ويستمد ماءه من دجلة ويصب في الفرات شمال بلدة سوق الشيوخ وبعــــد ان قدم منن هدية مناسبة الى شيخ القرية كما هي العادة المألوفة غادرها في صباح اليوم الثاني الى بغداد .
11-العالم الاثاري السير ارنست الفرد ولس بيدج فــي رحلته سنة 1304هـ - 1886 م يصف كوت الامارة في رحلته حينما عبر الخليج الـــــــعربي وتوغل صاعداً في دجلة ووصل كوت الامارة في الوقت المرتقب يقول :- انها بليدة راكــبة على الضفة الشرقية وعند المكان الذي يتشعب فيه شط الحي ( الغراف ) من مجرى دجلة الحالي وهي قبالة
الموقع الذي كانت تقوم فيه ( باذرايا ) في القرن العاشر تقريباً . ومدخل النهر المسمى اليوم ( شط الحي ) هو امــام مدينة كوت الامارة تقرباً ولم نجد بليدة كوت الامارة على حظً من نظافة او رواء . ان فـــــيها مـــن المساجد لكثرة 1 ولاكن البليدة صغيرة عديمة الخطر وسوقها صغير ثم يقول رأيت فـــي احد دكاكينها نماذج من المصنوعات الفضية الجميلة التي يصنعها مــن يسمونهم ( نصـــــارى القديس يوحنا ) ويقصد بهم الصابئة وتبعد كوت الامارة عـــــــن بغداد بأعتبار الطريق المباشر مائة ميل وهو جيد وبمسافة ( 140 ) ميلاً بطريق النهر .
مساجد كوت الامارة :-
جاء فــــي الرواية ان من اصلاحات عزيز بك قائمقام قضاء كوت الامارة انه جمع شيوخ العشائر مـــــن ربيعة وغيرهم وكذلك تجار الكوت وخطب فيهم وشجعهم عــلى بناء مسجد يليق وكرامـــة المسلمين فلبى الجميع الطلب وتبرعوا بسخاء حيث كانت الــــسنة مربعة والــــوقت يلائم التـــــبرعات فاجتمع مبلغ كبير لهذا المشروع وحينما كمل بناؤه وتم في سنة 1271 هـ - 1854 م كتب عزيز بك لصديقه السيد موسى الطلاقاني وكان حينذاك في بدرة يطلب منه ان يؤرخ عمارة المسجد الذي اسسه في الكوت واحب ان يكون اسمه في التاريخ فجاوبه السيد برسالة فيها مقطوعة من الشعر المخمس فيها ما طلب القائمقام مــــــنه . وهذا هو اول مسجد اقيم في مدينة الكوت لازال قائماً ليومنا هذا يسمى مسجد الكوت الكبير او (مسجد السنة ) وهو يروي احداث الزمان التي عاشها طيلة حياته المنـصرمة وقد شهد رعاية من لدن المسؤولين في ترميمه والحفاظ عليه فــبقيت عمارته قــــائمة ليومنا هذا . اما تخميس السيد فهو
لله حقاً لم تزل طائـــــعا وفي رضاه راغباً طامعا
فقمت اذ كنت له سامعا وبالتقى شدت له جامعا
ففزت في غفران رب رحيم
على التقى اسس حتى سما فكبرت املاكها فــــي السما
تم فقم وأعبد به مسلــــما وأستبشر اليوم وارخ ( لما
تم بتوفيق عزيز حليم )
ومن الجدير بالذكر ان مأذنة هذا المسجد قد اصيبت بقذيفة اثناء حصـار الكوت في
************************************************** ****
1- من المعروف ان في هذا التاريخ لايوجد في مدينة كوت الامارة غير مسجدين هما مسجد الســــنة ومسجد الشيعة وانما ذكره السير ارنست من كثرة المساجد في الكوت ربما ناتج مــــــن سماعه ترديد قراءة القرأن الكريم من جهات متعدد وهي في الحقيقة الكتاتيب التي كانت منتشرة في الكوت وقتئذ.
الحرب العالمــية الاولى فهدم جزؤها العلوي الى الحوض منها وقد اعيد بناؤه في زمن متصرف الــــــكوت عبدالله الصانع وحينما جددت المئذنة نظم السيد اسماعيل الخطيب البغدادي مقطوعـــة شعرية يؤرخ فيهـــــــا تجــديد البناء والابيات مكتوبة على رخامة بحروف بارزة وقد نقل الابيات الدكتور عادل البـــــكري في كتابه تاريخ الكوت صحيفة (157 ) ولكن من غـــــير تعليق عليــــــها وكذلك ذكر الابــيات السيد هاشم نجل السيد اسماعيل فــــــي كتابه ( شذى الطيب ) والـــبيت الذي ارخ فيه السيد اسماعيل الخطيب رحمه الله اعادة بناء المئذنة هو .
قد ازدها الجامع مذ جددت ارخ ( به مئذنة الجامع )
وهو يشير الى سنة 1334 هـ - 1924 م فيــــــما اذا اعتـــــبرنا تاء مئذنة تاء طويلة فيستقيم مع حساب التأريخ وهنا فيـــــــها نكتة ادبية قصد اليـــــها الـــــسيد الخطيب .
اما المسجد الثاني في مدينة كوت الامــــارة فهو الكائن حالياً في محلة الشرقية والقائم ليومنا هذا فقد قرأت فـــــي مخطوطة عمي السيد راضي الطباطبائي وبخط يده ما يقول رحمه الله :- ( سألت استـــــاذي الحافظ الملا ادريس رحمة الله وكان من المعمرين في الكوت وهو والد المرحوم مـحمد علي ادريس وكان يحفظ القرأن الكريم بجميع قراءاته وكان يقضي اكثر اوقاته فــــي المسجد وكنت في سنة 1345 هـ - 1926 م أقرأ عليه القرأن الكريم فسألته عــــن عمارة المسجد الذي هو للشيعة ومن الذي عمره ؟ فقال :-
أول عمارة جرت بسعي الـــشيخ جبارة وهو خال الحاج عباس العلوان وكان يعلم ابناء الكوت في ذلك العهد وكان يــــساعده فــــــي المجهود الحاج سلومي وهو جد المرحوم عباس العلوان وكانت ارض الجامع تعود الـى ورثة ابي يوسف بن بزون وهو عم سبع بن اخميس وقد ابتاعوها منهم وذلك مــــــن معونات بعض الصلحاء من ابناء هذا البلد وشيد عليها العمارة الاولى وكان بنــــاؤها بالاجر المفخور والمجفف وكان في المسجد حرم صغير واحد ومرافق صحية وذلك فـــــي سنــــــة 1285 هـ - 1868 م وفي عام 1322 هـ - 1904 م سعى المرحوم حمود باشا الملاك وهو من وجهاء مدينة البصرة وله مصاهرة مع بيت محمد علي الشهاب وهـــو والد عبود بك الملاك النائب المخضرم في العهد الملكي عن البصرة الى بناء حرم ثاني كبير وتم بناؤه بالاجر وسقف بالخشب الذي يرد في الاكلاك من الموصل . اما عمارتــــه الاخــــيرة والقائمة حالياً ليومنا هذا فكانت في سنة 1349هـ - 1930 م فــــي عهــــد المرحوم الشيخ هادي اسد الله عالم الكوت الروحاني وقتئذ وكانت تــــــلك العمارة مــــــن تبرعات اهل الكوت وقد ارخ تلك العمارة المرحوم رشيد السعيدي في قصيدة منها :-
طوبى لكم يا أهالي الكوت انكم قد نلتم من جميل الذكر ما كانا
عمرتم مســـــجدا نلتم به شرفاً وسوفـ يحفظـه التاريخ ازمانا
وحزتم فخر دنياكـــــم وبعد ئذ جنــــات عدن وحور ثم ولدانا
مذ تم بنـــيانه ارخ ( بجامعكم أركانـــه ملئت زهداً وعرفانا )
وفي التسعينات وعندما هدمت البيوت فـــــــــي شارع الجامع الذي كان ضيقاً جداً اعيد ترميم وتعمير الجامع بشكل جيد مـــــن قبل بعض المـــــؤمنين0
توالت بعد ذلك بنـــــاء الجوامع سواء العــامة منها أي ( بمشاركة جماعية ) او بوقفية خاصة مـــن قبل بعض الوجهاء فــــــي الكوت وسيأتي الحديث عنها عندما نتحدث عن الكوت في العهد الملكي والعهد الجمهوري .
نهايات العهد العثماني ومدينة كوت الامارة :-
قاربت مديــــــنة كوت الامارة عـــــلى نهاية العهد العثماني ولم تشهد المدينة وقتها أي حوادث جديرة بالاهتمام وكان الاهلون فـــــيها وخاصة المثقفون يراقبون ما يجري من تجديد وتبديل في الحكم العثماني وما يجري مـــن تشكيل للجمعيات السرية المطالبة في الاصلاح السياسي والاجتـــماعي والثقافي والاقتـــــصادي سواء كانت العربية الاهداف والنزعات او الاسلامية الراغبة فـــــي بقاء الخلافة في تركيا مع اجراء الاصلاحات في البنية العامة للدولة وكــــذلك فان الاحــــداث الدولية اخذت تؤثر في مجرى الحياة وبدأ الناس يولون اهتماماً كبيراً فــــي ما يجري من تطورات ويسمعون عن الرجل المريض ( وهي الحكومة العثمانية ) وعـن الاطماع الاجنبية في اقتسام مخلفات الدولة العثمانية والتنافس الشديد في هذا المضمار .
أن اخر ما شهدتة كوت الأمارة مـن أحداث مؤلمة في أواخر العهد العثماني والتي بقيت محفورة في ذاكرة الزمن تثير الألم هـــــي أحداث الحرب العالمية الأولى وحصار مدينة الكوت والتي ظلت شاخصة في تأريخها وسببا في شهرتها .
في شهر أيلول سنة 1914م شـــــاهد أبناء الــــــكوت حشود اً كبيرة من أبناء العشائر يتقدمهم نور الــــدين باشــا وأمير ربيــــعة محمد الحبيب ومشائخ المقاصيص يرأسهم أبراهيم العزيز مع الســيد نــــعمان الأعظمي والقائمقام عزة بك العسكري وحلمي باشا وفؤاد بك الدفتري ومحــــمد باشا الداغستـــــاني ويتبـــعهم جميع عشائر الكوت وكلهم
مدججون بالسلاح وكان الجيش البرطاني قد أحتل مدينة البصرة وجعلها قاعدة أنطلاقه لأحتلال العراق وزحفت الجيــوش البرطانية فأحتلت العمارة وتقدمت نحو مدينة الكوت وعندها تقهقرت عشائر الــــــكوت فجمع شملهم نوري الدين بك مع القوة المبعثرة من الفصائل المجاهده وأضافهم الـــى النجدات الجديدة وحشرهم جميعاً في منطقة ( السن) والتي تبعد عن مدينة الكوت قــــرابة ثمانية أميال . وهناك أصطدمت حشود المجاهدين بالقوات الأنكليزية فــــي معركة حاســــمة لاتزال تسمى معركة السن وكان النصر فيها للجيش البريطاني الغازي .
ثم شاهد أبناء الكوت أعداداً كبيرة من رؤساء العشائر يتقدمهم علماء الدين الذين أفتوا بالجهاد ضد العــدو الغازي وهم يتوجهون الى المعركة مجاهدين ومدافعين عن الأسلام والمسلمين ضـد الغزاة البريطانيين . زحف الجيش الأنكليزي بقيادة الجنرال ( طاوزند) نحو الـــــكوت وبداالقتال مع الجيش التركي في صباح يوم 27أيلولسنة 1915م وكان الأتراك قـــد عملوا أستحكامات قويه للدفاع عن مدينة الكوت غير أن الجيش الأنكليزي قام بحركـــة ألتفاف حول الأتراك فأضطرهم الى مغادرة مواضعهم الدفاعية والأنسحاب الى شمال مدينــــة الـــــكوت وقد سمع الأهلون في الكوت أن الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني قد أستشهد فــي هذه المعركة وخر من على حصانه صريعاً وكان الى جنبه الشيخ قصاب وهو شيخ عشائر السراي وقد رثاه الشعراء منهم جميل صدقي الزهاوي وعبد الوهاب النـــــائب بقــــصائد رائعة وأرخ مصرعه وأستشهاده احد الشعراء قائلا.
قالت ملائكة السماء فأرخوا (هذي الجنان الى الشهيد محمد)
وكانت وفاة محمد فــــاضل باشا الداغســـــتاني فـــي 6 جمادى الأولى سنة 1334هـ-1915م .دخل البرطانيون بعد ذلك مدينة الكوت منتصرين وأستولى الذعر على أهليها ولم يتناولوا غذاءهم في ذلك اليوم حزنا عــــــــلى جيوش المسلمين التي تقهقرت أمام الجيوش البرطانية الغازيه ومـــــن ذلك اليوم العصــــيب بدات محنة الكوت وأهلها وما شاهدوه من أحداث مؤلمة وأحزان قاهره وحصار أليم أستمر قرابة خمسة أشهر عانى فيها أهل الكوت عذابات ومرارات الأجنبي حتـــــى ضرب بهـــــم المـــــثل وبكت عليهم المحافظات الأخرى عندما كانت تروى لهم تلك الأحاديث المؤلمة .