البرزخُ المشهودُ
ــــ ــــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
. و فجأةً - يا بلاديْ - دونَ أسئلةٍ -
قبلَ الثلاثينَ - موتًا - رأسيَ اشتعلا
تسعٌ و عشرونَ تغليْ تحتَ جمجمتي
تستنطقُ الشيبَ عمَّا كانَ بيْ فعَلا
لمْ أحتضنْ من شبابيْ شمعةً أبدًا
فلمْ أكنْ في دراما سيرتيْ البطَلا
كلُّ السنينَ التي مرَّتْ مررْتُ بها
كهْلاً حزينًا كفيفَ الروحِ مُنْعزِلَا
قبلَ الثلاثينَ شاختْ كلُّ أمنيةٍ
في أضلعيْ ! كلُّ ما بيْ يقتلُ الأملا
بناتُ أزمنتيْ شيخوخةٌ و فنا..
و كلُّ يومٍ - بقلبي - قاتلٌ رَجُلا
عشتُ انكساراتِ كلِّ الكائناتِ ، فَلَمْ
أتركْ - بلا قلقٍ - سهلاً و لا جبلا
بيْ من أسىْ كلِّ مسكينٍ و مُنْهَزِمٍ
و حزنِ كلِّ تعيسٍ نفسَهُ خذَلا
و بيْ تراجيديا كلِّ العصورِ ، و بيْ
من الهزائمُ ما يطويْ الدُّنا خَجَلا
لم تحتفلْ - أبدًا - من أجليَ امرأةٌ
لأنَّنيْ - كلَّ يومٍ - بالغٌ أجَلا
في يومِ ميلاديَ الأزمانُ زاهقةٌ
تتلوْ المنايا على بابيْ لأحتفلا
كم شمعة ٍ أطفأتْنيْ قبلَ رؤيتِها !
و أبصرتْنيْ رؤى التاريخِ مشتعلا
في موطنيْ سيرتيْ الذاتيَّةُ احترقتْ
و لم يَذُقْ - بعدُ - منْ شعريَّتيْ غزلا
ما كنتُ أعلمُ أنِّيْ سوفَ أفقدُ ما
جمَّعتُ من سنواتيْ - فجأةً - هَزَلا
و أنَّ درْبيَ - يومًا ما - سيخذلُنيْ
- لأنَّنيْ يمنِيٌّ - قبلَ أن ْأصِلا
من خيبتيْ انْبثقَ الطوْفانُ ثانيةً
و صرتُ - ثانيةً - أستَجْمِعُ الأزَلا
غاياتُ ذاتِيَ و الأحلامُ يابسةٌ
جِدًّا ، حصونُ خياليْ أصبحتْ طَلَلا
لم تبتسمْ فتنةُ المعنى ْعلى شفتيْ
و لم تجدْ ليْ إلى ميلادِها سُبُلا
قبلَ الثلاثينَ لَمَّا يتَّسعْ وطنيْ
حتَّىْ لأغنيةٍ نامتْ بقلْبِ " هَلَا "*
احمد_الجرف