هل يمكن أن نغلي الماء في الماء المغلي ؟
الإنسان بطبعه فيلسوف ، يحب تقصي العلل والأسباب ليفسر بذلك نشأة الظاهرة الفلانية . (طبعا للفيلسوف تعاريف كثر وهذا أحدها مع أنه قاصر)
والإنسان بطبعه أيضا منطقي ، فهو يربط بين الأشياء المتجانسة ربطا منطقيا عقلائيا ، ليعلل وليتنبأ بحدوثها مستقرءًا منها التكرار بحسب الشرط المتفق عليه .
أو ليستنتج أمرا ما ..أو لينتزع عنصرًا جوهريا بين الأشياء ... !!
اليكم بعضاَ من غرائب الفيزياء..
هل يمكن أن نغلي الماء في الماء المغلي ؟
لو أخذنا زجاجة صغيرة فيها ماء . ثم وضعنا الزجاجة في قدر موضوع على النار ومملوء بالماء النقي ( الماء المقطر الذي لا يحتوي على الملح ) . بحيث لا تلامس تلك الزجاجة قعر القدر .. بمعنى أن تكون الزجاجة معلقة في وسط القدر المملوء بالماء النقي - والذي هو في غليان - سوف تتوقع - أخي الملاحظ - أن الماء الموجود في الزجاجة سوف يغلي تبعًا لغليان الماء المغلي..
لكنه لن يغلي مهما طال انتظارك .. !!
لماذا لا يغلي الماء ؟؟..
الـتـفـســـيـر
إن الماء النقي يغلي عند درجة 100ْ مئوية ، ولا ترتفع درجة حرارته إلى أكثر من هذا الحد في الظروف العادية ..
والزجاجة المملوءة ماءً في هذا القدر الذي تصل حرارته 100ْ مئوية سوف يكتسب نفس درجة الحرارة . ولكن .. عندما تتساوى درجتي الحرارة بين الماء المغلي في القدر والماء الموجود في الزجاجة فإن ذلك يعني أن : انتقال الحرارة من القدر إلى الزجاجة سوف يتوقف .
ويبقى السؤال :
ما الفرق بين الماء الموجود في القدر والماء الموجود في الزجاجة حتى يغلي الأول ولا يغلي الثاني ؟
- لا فرق بين المائين إلا أن الماء الموجود في الزجاجة منفصل عن ماء القدر بواسطة جدران الزجاجة ، والذي يمنع بدوره اشتراك ماء الزجاجة بالتيارات التي تحرك الماء الموجود في القدر .
- إن كل قطرة من الماء الموجود في القدر يمكنه أن يلامس قعر القدر الحامي مباشرة ، أما الماء الموجود في الزجاجة فإنها يمكنها أن تلامس بصورة غير مباشرة الماء المغلي وحسب ....
بعض المستفاد من التجربة
لو نلاحظ المائين فإنهما عبارة عن مركب واحد متجانس . ونلاحظ أن الفاصل الذي حال بين ظهور خاصية الماء مع الحرارة ( الغليان ) ، وتخلف هذه الخاصية عن الماء الثاني - بالرغم من تجانسهما - نلاحظ أن الفاصل رقيق شفاف .
يشبه بذلك تأثير الأسباب ( المتناسبة والمتجانسة ) بالأشياء حتى يحسبها الإنسان أن نتائج هذه الأسباب لا تتخلف أبدًا ..
وتشبه التقوى الزجاجة الرقيقة الشفافة ، حين تشترك مع الأسباب ، فإنها تحول بين الأسباب وبين نتائجها ( الحتمية ) على ما نحسب .
ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
تقبلوا تحياتي