المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخيزران !
..
لا تنامُ أبدًا ..
تلك المدينة الصّاخبة وسط قلبي
لا تنام !
مُستاءة ..
مُستاءةٌ .. مني،
من الخطى المهدورة فوق دروبٍ بلا رجوع
من تأخر المغيب .. وهجرة الأصباح
من برق قلبي ساعة تنام القلوب
وتستفيق الأحزان كرجفةٍ في الضلوع ..
مستاءة ..
من خيبة السحب المسفوحة فوق يبابٍ
لا يُحسن الشكر .. ولا الوفاء ..
من ثورة الأفئدة المحمومة
من صومها عن البوح .. من تلميحها منزوع الجسارة
مستاءة .. من كومة الفرص الضائعة ..
ووهم النجاح والمثالية
مستاءة من سيل العثرات الحدور
مستاءة من خدعة العطاء .. وفحش التصفيق
من حيل الثناء المُعد للصيد
مُستاءةٌ .. من مآل الأفواه الخجولة
و آخرة التنازلات الثقيلة
مستاءةٌ من كل دمعة جففتها المكابرة
وأيبسها قلق التشفي
من كل (نعم) مسلوبة غصبًا وحياء
من كل (لا ) خائفة مستترة خذلت أصحابها ..
مستاءةٌ .. من كل حاجة مؤجلة للفرار
من الضمير المسرف في مدارة شعور الآخر
خشية العطب والتلف
من الضمير ذاته الذي يتركنا حطبًا
لمحرقة التفاني النهمة .. دون أدنى وخز !
نعم، مستاءةٌ .. من فرار اللون من أرواحنا
من تسيّد الرماديّ .. وموت البياض تحت أدخنة الحياة
مستاءةٌ .. من انطفاء الصدق ..
من إعتباره فضيحة وغباء ..
مُستاءةٌ من حلول نصف الشّعور وشبه الانتماء
بدل الرغبة الحقّة والاندماج الأكيد ..
مستاءةٌ .. من السّطر المتصنع .. والحرف المخاتل ..
من القلب المتلوّن .. والحزن البليد ..
مستاءة .. من وضوح قلبي ومعناي
وسط هذه العالم المزدحم بالأفواه
الجائعة للفضيحة ..
مستاءةٌ من ضمور وعيي .. من تأخري
من فهمي البطيء للأشياء
مُستاءةٌ ..
من الرّسائل الباردة التي اقترفُها
بنيةِ الوداد ..
وأُمسك عن إرسالها بنية التّطهّر !
مُستاءةٌ .. لأنني عند باب كل منهما أنطلق آثمة !
مُستاءةٌ ..
من الوحل العالق بأقدامي وقلبي
من مسير الأمس ..
من الدروب المتسخة التي علّي
قطعها حتى تنفد الأنفاس
مُستاءةٌ .. من احتمالات القراءة المُعاقة ..
والتفسير الخاطئ ..
مستاءةٌ من قلقي من ذلك
مستاءةٌ من قيد الكلمات ..
ولجام الحيطة والحذر ..
مستاءةٌ من صمت الوقاية ..
وتريث المراعاة .. وسكوت التأني ..
مستاءةٌ .. من عجزي عن أن أمتدّ كفّ أعتذارٍ
ومواساة فأُرمم جراح المثقوبة قلوبهم ..
مُستاءة ..
مُستاءةٌ .. من وجهك المستحيل
من كفّك البعيدة كسماء ..
من توقف زمنك .. وغياب ضحكتك
من صمت قصائدك ..
من توقف صوتك عند وعدٍ بالمجيء
مستاءةٌ .. من انسكاب وجع النايات في روحي
من بكاء قلبي الذي
لا يستطيع سماعه / إيقافه
أحدٌ سواك !
وسط روحي ..
شحوب عتيق ..
يقتات على نسغ أوجاع العالمين ..
يكبر كالحزن على وجه السّماء
يتسع ويدوم كغربتي دونك ..
يطول كعمر القهر في بلادي
يعتصرني كغصة .. يكسرني ..
كنظرةٍ بعيدةٍ بلا يدّ .. وبلا غدّ
وبلا طريق صديق
لا يضيع فيه الرّجاء !
..