مع شروق كل يوم جديد تسير بعض من أصناف البشر في طريق حياتها اليومية بشكل مُبرمَج مُسبقاً. فقد اعتاد الروتينيون أسلوباً واحداً لأنشطة الحياة اليومية، الذي لا سبيل لتغييره في المستقبل القريب، فمن مسؤولية الأطفال، وصولاً للعمل، ومن ثم تفاصيل متكررة داخل أركان العمل، حتى بلوغ صافرة النهاية. فينتهي دور الإنسان المهني ليبدأ العمل الأسري من جديد، فيدور الشريط إياباً، لتعود الصور المكانية نفسها، وبعض من النشاطات الاجتماعية المتكررة، التي قد حفظها واعتادها العقل (المحفوظة غيباً)، حيث لا جديد يمكن ذكره. ليتصدر بالتالي ذلك الروتين اليومي المشهد في حياة هؤلاء البشر. ومع استمرارية تكراره تبدأ ملامح الملل والضجر بالتشكّل. فالروتين المُمل يقلّل من النشاط، ويقلّل من النظرة للحياة، فتصبح كئيبة، فيظهر شريط الحياة عبارة عن فيلم يتكرر كل يوم، ورويداً رويداً يدقُ جرس الإنذار صفيره مُنذراً باقتراب حدوث أثرٍ نفسي خطير على هؤلاء البشر، وهو ما يسمى بالاكتئاب النفسي.
يدخل ذلك الشعور السلبي نحو الجسد عبر العقل بسبب «التعوّد» على نمط متكرر في النشاط اليومي. فيسقط الإنسان في الحلقة المُفرغة داخل سجن الروتين اليومي، الذي صنعه بنفسه لنفسه!
إن شغف المعرفة والتجريب محرّك لكسر الروتين وعدم الاستسلام له. وهو «وقود» الإنسان في إشعال الدافعية والعمل. فاحذروا أن تبقوا مجرّد باحثين عن تكرار المشاهد وخائفين من الابتعاد عنها، إيماناً بالمثل الشعبي «اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه»، لأن ذلك يجعل حياتكم على سطح الكرة الأرضية هو حاصل يوم واحد فقط مضروب بعدد الأيام التي ستعيشونها.
إن الأفكار السلبية والتعوّد والخوف من الجديد جميعها أمور تغذي الروتين، وترفع من مستوى تأثيره في الإنسان، فتتملكه وتقوده للسير على طريق واحد من دون الالتفات سوى نحو جهة واحدة اعتادها العقل، حتى أصبحت «طريقا ذا اتجاه واحد ذهاباً وإياباً!».
يا من اعتدتم الحياة الروتينية، أشعلوا الأنوار فهناك طرق متعددة لتحقيق الهدف الواحد، لا تجعلوا حياتكم مرتبطة بخط سير واحد، لا تنشروا الظلام قبل المحاولة، لا تحكموا على الأمور قبل تجربتها، إنّ تغييرا بسيطا في جدول حياتك اليومية يصنع اختلافاً كبيراً في حياتك، ويمنعك من السقوط في فخ الروتين. فتغيير الطريق المعتادة نحو العمل هو تغيير، وأي نشاط جديد يسبق أو يتبع نشاطك اليوم هو تجديد.. بعض القليل يصنع الكثير!
_ منقول _