صديقتي الشاعرة - د.سكينة العابد
أذكر أنني التقيتها وثالثنا قلم وورق وحكايا ، انسجمنا على وقع الحرف وتحاببنا على وقع الكلمة الصادقة وعلى كل ماهو جميل
هكذا البداية كانت ولا زالت ... شاعرة هي وكأنها تنفست الشعر مع أول أكسير للحياة ..
وطيبة هي وكأن الطيبة استفرغت كل شحناتها في قلبها هي .. وهي فقط ؟
محاورة هي تحسها تملأ المكان وتختزل الزمان . سيدة هي أمام كل جدل أو منطق أو فكر
مثقفة هي بكل سلطات الوعي والجرأة والحماسة , لتأخذ بتلابيبك وتلج بك دروبا وفسحات تفترش عليها مكنوناتها العلمية والأدبية .
وأذكر أيضا أنها هي من جعلتني أهيم بالشعر حبا حد النخاع، أداوي به خيباتي ، وانكساراتي عبر فسحة اللحظات التي نتسامر فيها على امتداد القصيدة تلو القصيدة ، فنتفس أملا وتفاؤلا وجمالا
ونركن لممارسة طقوس الصداقة والألفة والمحبة في أسمى معانيها.
صديقتي الشاعرة هي امتداد لعمر، ولفصل طويل من الذاكرة ، إمرأة هي ليست ككل النساء
نبع من العطاء، رسم للفرحة برقة الشاعر ، ومسحة الملاك ، تختطف القلوب بلمساتها الإنسانية وبلاغتها لتسحرك بمنتهى القوة وتنهار أنت بمنتهى الضعف..
تضحياتها انشطار للأنا وانعتاق وتحرر من كل عبودياته ،، حتى تعبدها في محراب الشعر سمو وتماهي,, فخلوة الكتابة في عرفها عبادة من نوع آخر ..ووطن آخر ، وفن آخر ..
قصائدها ملفات من السطوع الرباني ،،تتقرب به عبر استعراض كل القيم لتجعل منها مآلا لكل بيت وقصيدة ومقال..
محت بسموها وإنسانيتها كل ماعلق بليلى كرمز للعاشقة والمعشوقة لتكون ليلى الفكر ، وليلى الثقافة ، وليلى الأخلاق ،وانتفضت باسمها الشاعري لتكون ليلى الشاعرة ، ليلى الإنسان .
وأذكر أخيرا أن صديقتي الشاعرة منعطف آخر في نوع النساء ، وصنف آخر من الإبداع ،وخصوصية أخرى ، وتجربة أخرى ، وملامح وقسمات أخرى ، ومواقف أخرى
صديقتي الشاعرة أراها من رسمت مدرسة أخرى في الشعر، حينما سطرت ملامح القصيدة الجديدة الواعية و حينما خطت بأناملها هذا الامتداد :فكتبت سجدات على جبين الاعتراف ، وموسى حائر ، وغضبتان.. وتوجت كل هذا بأن خلدت سيرتا عبر ملحمة قلما تجود بها قريحة النساء؟
صديقتي الشاعرة هي وبكل اختصار نموذج آخر من التسامي ، ونموذج آخر من التحدي ،هي في عرف الخالدين المرأة الهرم ..بل هي إحدى عجائب النساء ؟