مصفاة الموت
من السيئات للمؤمنين ومن الحسنات للكافرين والمنافقين

*
1- عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
مَرَّ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِرَجُلٍ بَعْضُهُ تَحْتَ حَائِطٍ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ مِنْهُ ، قَدْ شَعَّثَتْهُ الطَّيْرُ وَمَزَّقَتْهُ الْكِلَابُ . ثُمَّ مَضَى فَرُفِعَتْ لَهُ مَدِينَةٌ فَدَخَلَهَا فَإِذَا هُوَ بِعَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهَا مَيِّتٍ عَلَى سَرِيرٍ مُسَجًّى بِالدِّيبَاجِ حَوْلَهُ الْمِجْمَرُ .
فَقَالَ : ﴿يَا رَبِّ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ حَكَمٌ عَدْلٌ لَا تَجُورُ ، هَذَا عَبْدُكَ لَمْ يُشْرِكْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَمَتَّهُ بِتِلْكَ الْمِيتَةِ ، وَهَذَا عَبْدُكَ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَمَتَّهُ بِهَذِهِ الْمِيتَةِ﴾ !!!
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿عَبْدِي أَنَا كَمَا قُلْتَ ، حَكَمٌ عَدْلٌ لَا أَجُورُ ، ذَلِكَ عَبْدِي كَانَتْ لَهُ عِنْدِي سَيِّئَةٌ أَوْ ذَنْبٌ أَمَتُّهُ بِتِلْكَ الْمِيتَةِ لِكَيْ يَلْقَانِي وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ . وَهَذَا عَبْدِي كَانَتْ لَهُ عِنْدِي حَسَنَةٌ فَأَمَتُّهُ بِهَذِهِ الْمِيتَةِ لِكَيْ يَلْقَانِي وَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي حَسَنَةٌ﴾ .
المصدر : (الكافي : ج2، ص446.)

*
2- عَنْ الْإِمَامِ الْعَسْكَرِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى مَرِيضٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُوَ يَبْكِي وَيَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ .
فَقَالَ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، تَخَافُ مِنَ الْمَوْتِ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ ! أَرَأَيْتَكَ إِذَا اتَّسَخْتَ وَتَقَذَّرْتَ وَتَأَذَّيْتَ مِنْ كَثْرَةِ الْقَذَرِ وَالْوَسَخِ عَلَيْكَ وَأَصَابَكَ قُرُوحٌ وَجَرَبٌ وَعَلِمْتَ أَنَّ الْغَسْلَ فِي حَمَّامٍ يُزِيلُ ذَلِكَ كُلَّهُ ! أَمَا تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَهُ فَتَغْسِلَ ذَلِكَ عَنْكَ أَوْ تَكْرَهُ أَنْ تَدْخُلَهُ فَيَبْقَى ذَلِكَ عَلَيْكَ ؟
قَالَ : بَلَى ، يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ .
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : فَذَلِكَ الْمَوْتُ ، هُوَ ذَلِكَ الْحَمَّامُ ، هُوَ آخِرُ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ تَمْحِيصِ ذُنُوبِكَ وَتَنْقِيَتِكَ مِنْ سَيِّئَاتِكَ . فَإِذَا أَنْتَ وَرَدْتَ عَلَيْهِ وَجَاوَرْتَهُ فَقَدْ نَجَوْتَ مِنْ كُلِّ غَمٍّ وَهَمٍّ وَأَذًى وَوَصَلْتَ إِلَى كُلِّ سُرُورٍ وَفَرَحٍ .
فَسَكَنَ الرَّجُلُ ، وَنَشِطَ وَاسْتَسْلَمَ وَغَمَّضَ عَيْنَ نَفْسِهِ وَمَضَى لِسَبِيلِهِ .
المصدر : (بحار الأنوار : ج6، ص156.)

*
3- عَنْ الْإِمَامِ الْجَوَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
دَخَلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى رَجُلٍ قَدْ غَرِقَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ ، وَهُوَ لَا يُجِيبُ دَاعِياً .
فَقَالُوا لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَدِدْنَا لَوْ عَرَفْنَا كَيْفَ الْمَوْتُ ، وَكَيْفَ حَالُ صَاحِبِنَا ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : الْمَوْتُ هُوَ الْمِصْفَاةُ ، يُصَفِّي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ ، فَيَكُونُ آخِرُ أَلَمٍ يُصِيبُهُمْ كَفَّارَةَ آخِرِ وِزْرٍ بَقِيَ عَلَيْهِمْ ، وَيُصَفِّي الْكَافِرِينَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، فَيَكُونُ آخِرَ لَذَّةٍ أَوْ رَاحَةٍ تَلْحَقُهُمْ و هُوَ آخِرُ ثَوَابِ حَسَنَةٍ تَكُونُ لَهُمْ . وَأَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ نُخِلَ مِنَ الذُّنُوبِ نَخْلًا ، وَصُفِّيَ مِنَ الْآثَامِ تَصْفِيَةً وَخُلِّصَ حَتَّى نُقِّيَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ مِنَ الْوَسَخِ ، وَصَلُحَ لِمُعَاشَرَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي دَارِنَا دَارِ الْأَبَدِ .
المصدر : (معاني الأخبار : ص289.)