اللعنة / قصّة قصيرة
بقلم / محمد المسلاتي – ليبيا
يتجول بين مسارب الآثار ، يسرح متأملًا التماثيل ،. يتخيّل كيف كان صاحب كلّ تمثال قبل أن تطويه القرون ، ما لفت انتباهه هو أن جميع التماثيل من دون رؤوس ، هل قُطعت عمدًا ، أوسُرقت ، أو أنها تساقطت بمرور الزمن ، تمثال ضخم يستوقفه ، نُحت بعناية ، وإتقان ، ربما كان لأحد القياصرة ، أو لامبراطور ذائع الصّيت في عصره ، أو لملك ذي سلطان ، لم يغفل الناحت أدقّ التفاصيل ، تعاريج اليدين، عروقها، زغب الجلد ، حتى المسام لم يتغاض عنها، الخواتم المرصّعة تلتف حول الأصابع ، سمنة البطن ، عرض الكتفين ، ثنيات الرداء ، الصولجان باليد اليُمنى ، يكاد يكون حقيقيًّا لولا اختفاء الرأس ، تكدّر وهو يفكر، لماذا لا يقف خلف التمثال ؟ يخفي بدنَه وراء جسده ، يجعل من رأسه رأسًا له ؟ سيبدو شامخًا ، مهيبًا ، فليعش لحظة عظمة ولو بجسد تمثال ، ثبّت آلة التصويرالحديثة على بعد مناسب لالتقاط صورة تذكارية يتباهى بها، توارى جسمه خلف التمثال تمامًا ، تأكّد من أن رأسه حلّ محل الرأس المفقود ، فجأةً يسمع خلفه أصواتًا تهدر، تزمجر مهللة ، تختلط بصليل سيوف ، في لمح البصر تترنح جثّة لتسقط وراء التمثال منفصلة عن رأس يتدحرج نازفًا دمه تحت قدمين من حجر .