بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
ان الأخلاق تعني : الملكات الراسخة في النفس توجب صدور الفعل بسهولة ، وإنّها حسنة أو سيئة ، وان الله سبحانه هو الحسن الجميل في ذاته وصفاته وأفعاله ، وانه الكمال المطلق ومطلق الكمال ، فمن تخلّق بأخلاقه وصفاته وأسمائه كان سيداً في الأخلاق الحسنة ، وفي المكارم والفضائل ، وامتاز الإمام الرضا عليه آلاف التحية والثناء بأخلاقه الرفيعة التي تتجلى فيها أخلاق الله وأخلاق أنبيائه ورسله ، فكان كجده المصطفى محمد 6 كله خلق ، كما مدحه الله بذلک بقوله تعالى (وانک لعلى خلق عظيم ) وكان خلقه القرآن ، والقرآن مأدبة الله وانه ليتجلّى فيه .
فحياة الإمام الرضا 7 وسيرته الطيّبة كلها أخلاق الهية ونبويّة ، والشواهد على ذلک تفوق حدّ الاحصاء.
قيل لأبي نؤاس الشاعر العباسي المعروف : لِمَ لا تمدح الإمام الرضا 7 فأجاب :
قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً في علوم الورى وشعر البديهة
لک من جوهر الكلام نظام يُثمر الدرّ في يدي مجتبيه
فعلى مَ تركت مدح ابن موسى والخصال التي تجمعن فيه
قلت : لا اهتدي بمدح إمام كان جبرئيل خادماً لأبيه[1]
ان رسالات السماء لتصنع القدوة الصالحة والاسوة الحسنة للبشرية جمعاء، ومن اولئک الذين أمر الله سبحانه أن نقتدي بهديهم وأخلاقهم وسيرتهم العطرة الإمام الرضا 7 فامتاز بانسانية عملاقة استمدها من روح رسالة السماء، واستهوى به قلوب الناس ومودّتهم . ولقد اعترف المؤالف والمخالف بمكارم أخلاقه وأفضليته وأعلميته ، وهذه نماذج ممّا يدل على حسن خلقه :
1 ـ عن أبي الصلب الهروي وياسر الخادم وغيرهما: ان المأمون قال للرضا 7: يابن رسول الله قد عرفت فضلک وعلمک وزهدک وورعک وعبادتک ، وأراک أحق بالخلافة منّي .
فقال الرضا 7: بالعبودية أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم ، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله[2] .
واليكم نبذة يسير جداً من سيرته وأخلاقه المحمودة :
2 ـ روى الشيخ الصدوق عن ابراهيم بن العباس أنه قال : ما رأيت أبا الحسن الرضا 7 جفا أحداً بكلمةٍ قطّ ، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطّ ، ولا
اتكأ بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته شتم أحداً من مواليه ومماليكه قطّ ، ولا رأيته تفل قطّ ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ ، بل كان ضحكه التبسّم[3] .
3 ـ وروى الشيخ الكليني في الكافي بسنده : انه نزل بأبي الحسن الرضا 7 ضيف ، وكان جالساً عنده يحدّثه في بعض الليل ، فتغيّر السراج ، فمدّ الرجل يده ليصلحه ، فزبره أبو الحسن 7، ثم بادره بنفسه فأصلحه ، ثم قال : إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا.
فان الضيف حبيب الله وله كرامة ، فكيف يستخدمه صاحب الدار، بل المفروض أن يكون هو في خدمته كما فعل الإمام أبوالحسن الرضا 7 فهو القدوة الصالحة قولاً وفعلاً.
4 ـ وفي رواية دخل الإمام الرضا 7 إلى دار مع المعتّب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أوارى الدواب ـ محبسها ـ وغير ذلک ، وإذا معهم أسود ليس منهم .
فقال : ما هذا الرجل معكم ؟ قالوا: يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال : قاطعتموه على أجرته ؟ ـ ويسمى بأجرة المسمّى ـ قالوا: لا، هو يرضى منّا بما نعطيه ، فأقبل عليهم وغضب لذلک غضباً شديداً، فقلت : جعلت فداک ! تدخل على نفسک ؟ ـ أي لِمَ تؤذي نفسک ؟ ـ فقال : إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ـ وهذا ممّا يشدّد الغضب انهم قد ذكرهم بذلک تكراراً ولكن مع ذلک خالفوا ـ ان يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته ، واعلم انه ما من أحد يعمل لک شيئاً بغير مقاطعة ثم زدته لذلک الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته ـ المسمّاة بأجرة المثل ـ إلّا ظنّ انک
نقصته أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدک على الوفاء، فان زدته حبّةً عرف ذلک لک ـ أي يرى ذلک انه من معروفک فيشكرک ـ ورأى انک قد زدته .
سبحان الله ما أروع ما قاله الإمام وما فعله ، فانه يحكي عن نفوس الناس من أعماقهم وقد أعطى بذلک درساً في علم النفس ، ودرساً في حقوق العمّال ، ودرساً في الوفاء والجود، وهكذا دروس وعبر يقف عليها الألمعي ، فارجع البصر كرّة أُخرى لتقف على ما أقوله كما جربت ذلک مع الناس ، فوجدته حقاً، فكم جرى النزاع مع من لم تقاطعه في الاجرة ، وكم شكرک حينما قاطعته وزت عليه درهماً، فلابد من التعاقد بين العامل وربّ العمل ، من تسمية الاجرة والمقاطعة على الأجر المعلوم ، يضمن حق الطرفين دون نزاع أو خلاف .
5 ـ وروى عن ياسر الخادم كان يخدم الإمام الرضا 7 قال : أكل الغلمان يوماً فاكهة ـ كالتفاح ـ فلم يستقصوا أكلها ـ أي لم يأكلوها كلها ـ ورموا بها، فقال لهم أبو الحسن الرضا 7: سبحان الله ان كنتم استغنيتم ، فان اناساً لم يستغنوا، أطعموه من يحتاج إليه .
وبهذا الخلق الرفيع والموعظة الحسنة يمارس الإمام 7 اُسلوباً تربوياً ويعطينا دروساً قيمة أولاً: في مراقبة الغلمان ومن كان تحت إشرافک ، وثانياً : تصحيح سلوكهم الخاطئ ، وثالثاً: عدم الاسراف، ورابعاً: التفكير بالفقراء والمحتاجين بسد حاجاتهم ، وليس في الأكل وحسب بل في كل ما يحتاجونه وعندک الزائد، وخامساً: السخاء والجود وسادساً: اليقظة وعدم الغفلة ، وسابعاً : عدم التبطّر والابتذال ، وغير ذلک من الدروس النافعة في حياتنا الفردية والاجتماعية .
وقفة متأمّل :
6 ـ ومن روائع سيرة الإمام 7 مع أصحابه وشيعة جدّه أميرالمؤمنين علي 7 وكيف يؤدّبهم ويحثّهم على الالتزام بالفرائض الدينية ، وعدم التهاون بحقوق الآخرين .
ففي كتاب الاحتجاج للطبرسي بسنده قال : لما جعل إلى علي بن موسى الرضا7 ولاية العهد دخل عليه آذنه ـ خادمه ـ فقال : ان قوماً بالباب يستأذنون عليک يقولون : نحن من شيعة علي 7 فقال 7: أنا مشغول فاصرفهم ، فصرفهم .
فلمّا كان في اليوم الثاني جاءوا وقالوا كذلک ، فقال مثلها، فصرفهم إلى أن جاءوه هكذا يقولون ويصرفهم شهرين ، ثم أيسوا من الوصول ، وقالوا للحاجب : قل لمولانا: إنّا شيعة أبيک علي بن أبي طالب 7، وقد شمت بنا أعداؤنا في حجابک لنا، ونحن ننصرف هذه الكرّة ، ونهرب من بلدنا خجلاً وأنفةً ممّا لحقنا، وعجزاً عن احتمال مضض ما يلحقنا بشماتة أعدائنا.
فقال علي بن موسى الرضا 7: إئذن لهم ليدخلوا، فدخلو عليه ، فقالوا : يابن رسول الله، ما هذا الجفاء العظيم والاستخفاف بعد هذا الحجاب الصعب ؟ أيّ باقية تبقى منّا بعد هذا؟
فقال الرضا 7: اقرأوا (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصيüبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْديüكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثيüرٍ)[4] .
ما اقتديت إلّا بربي عزوجل فيكم ، وبرسول الله 6 وبأميرالمؤمنين 7
ومن بعده من آبائي الطاهرين عتبوا عليكم فاقتديت بهم .
قالوا: لماذا يابن رسول الله؟!
قال لهم : لدعواكم أنكم شيعة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب 7، ويحكم انما شيعته الحسن والحسين 8 وسلمان وأبوذر والمقداد وعمّار ومحمّد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره . ولم يرتكبوا شيئاً من فنون زواجره ، فأمّا أنتم إذا قلتم أنكم من شيعته ، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون ، مقصّرون في كثير من الفرائض ، ومتهاونون بعظيم حقوق اخوانكم في الله، وتتقون حيث لا تجب التقية ، وتتركون التقيّة حيث لابدّ من التقية ، لو قلتم أنكم موالوه ومحبّوه ، والموالون لأوليائه ، والمعادون لأعدائه ، لم أنكره من قولكم ، ولكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها، ان لم تصدّقوا قولكم بغعلكم ، إلّا ان تتدارككم رحمة من ربكم .
قالوا: يابن رسول الله فانا نستغفر الله ونتوب اليه من قولنا، بل نقول ـ كما علّمتنا مولانا ـ نحن محبّوكم ومحبّوا أوليائكم ومعادو أعدائكم .
قال الرضا 7: فمرحباً بكم يا اخواني وأهل ودّي ، ارتفعوا ارتفعوا فما زال يرفعهم حتى ألصقهم بنفسه ، وتفقد أُمورهم وأُمور عيالاتهم ، فأوسعهم بنفقات ومبرّات وصلات[5] .
أقول : في هذا الخبر الشريف دروس قيّمة ونافعة ، لو أردنا أن ندخل فيها بالتفصيل لاستوجب ذلک أن نعدّ كتاباً قطوراً وأسفاراً متعدّدة ، فمن الدروس :
1 ـ ينبغي الإستئذان في الدخول ولا فرق في ذلک لمن يزور الإمام في حياته ، أو يزوره عند قبره وضريحه ، للإطلاق ولما نعتقده في مدرسة القرآن الكريم وأهل البيت : من حياتهم البرزخيّة كحياة الشهداء عند الله سبحانه وتعالى «أحياء عند ربهم يرزقون ».
2 ـ ينبغي أن يكون اللقاء مسبقاً بموعد من قبل فمن يأتي من دون موعد سابق ومن دون إذن وإخبار فربما يُلاقي الاعتذار بالانشغال وبعدم الاستقبال .
3 ـ إن المحبّ والعاشق لا ييأس من لقاء حبيبه حتى لو أصابه الصدود من محبوبه ، فيأتيه كل يوم ولشهرين متواليين ، فمن يحب إمامه فيزوره كل يوم وإن لم تقضَ حاجته .
4 ـ من الصعب أن يتحمّل الانسان شماتة الأعداء، وإنّ الموالين لأهل البيت يعادونهم المخالفون ويشمتون بهم إذا أصابتهم مصيبة ، وان الأئمة : يدركون هذا المعنى لمواليهم ويقدّرون هذه الظروف الحرجة والصعبة ، كما أذن الإمام 7 بالدخول لهم حينئذٍ.
5 ـ لابد من إرجاع الناس إلى القرآن الكريم ، وتطبيق الحياة على ضوء آياته الكريمة كما استشهد بذلک الإمام 7.
6 ـ أوّل من يُقتدى به هو الله سبحانه ربّ العالمين ، فانه يُقتدى بالمربّي ، وربّما إختار الإمام هذا الاسم الشريف (ربي ) اشارة إلى هذا المعنى أن المربّي في
المجتمع ممّن يقتدي به . ثم القدوة الثانية رسول الله 6 (ولكم في رسول الله اسوة حسنة ) ثم أميرالمؤمنين والأئمة الأطهار من أهل بيته : فانهم الحقيقة المحمدية قدوة البشرية جميعآ، فانه حتى الإمام المعصوم 7 يقتدي بهم .
7 ـ إنّ العتاب مسموح إذا كان من منطلق التربية والتعليم وإنّما التعاب ممّن كان من أهله كالتساويين وأئمة الامة ، والا فان من كثر عتابه قلّ أصدقائه .
8 ـ المفروض ان يدّعي كل واحد بمقدار ما يملک ، والا كان كاذباً في دعواه .
9 ـ التشيع وان كان بالمعنى الأعم يطلق من حيث التاريخ والفرق الاسلامية على كل من يعتقد بخلافة أميرالمؤمنين علي 7 لرسول الله بلا فصل ، إلّا أنّه عند الشيعة بالمعنى العام ، وهم الفرقة الناجية التي تعتقد بالأئمة الاثني عشر : أوّلهم أميرالمؤمنين علي 7 وآخرهم صاحب الزمان المهدي من آل محمد :، والشيعة بالمعنى الخاص كسلمان وأبي ذر، والشيعة بالمعنى الأخص كابراهيم الخليل والحسن والحسين : والملائكة المعصومين ، وأراد الإمام 7 أن يشير الى الشيعيى الصادق في دعواه ، كالشيعة بالمعنى الخاص والأخص ، كما ضرب بذلک مثالاً باولئک الصفوة الاولى من الشيعة الأبرار، والذي وصفهم بأنّهم لم يخالفوا شيئاً من أوامر مولاهم وامامهم أميرالمؤمنين 7 ولم يرتكبوا شيئاً، أي مطلقاً من النواهي والزواجر، وهذه كالمسطرة تمتاز بها الخطوط المستقيمة من الخطوط المعوجة والمتعجردة .
10 ـ كل دعوى لابدّ من بيّنة تدل على صدقها، فمن يدّعي أنه الشيعي المخلص لمولاه ، فبيّنته أعماله وأقواله بأنها مطابقة لأوامر مولاه ونواهيه ، اما من
كان فعله لا يصدق عمله ، فهذا غير صادق في دعواه أي لا تكون هذه الدعوى مطابقة للواقع ونفس الأمر، فان الخبر الصادق ما كان مطابقاً للواقع والخارج ولاعتقاد المتكلم ، كما هو مذكور في محلّه .
11 ـ يشير الإمام 7 إلى بعض مساوئ الأفعال والأقوال ، ممّن يدّعي أنه شيعة أميرالمؤمنين 7 بأنه في أكثر أعماله يخالف مولاه ، وانه يقصّر من حيث التعلّم والأداء الصحيح في كثير من الفرائض فتراه لا يصلّي أو يأتي بصلاة باطلة أو هزيلة ، وينقر كنقر الغراب ، ويعبث بيده وملابسه ولا يخشع قلبه ، أو يشرد خواطره إلى كل شيء، فتجده يحضر ما نسيه فهو مع كل شيء الّا الصلاة ، هذا في الفرائض كما يتهاون في حقوق إخوانه في الله من الموالين والمحبين وأتباع مذهب أهل البيت : فانّ للمؤمن على المؤمن سبعين حقاً كما في الاخبار، ثم الايمان بالتقية من عمدة المذهب إلّا ان البعض لا يعرف كيف يستعمل التقية ، وأين يستعملها، ومع من يستعمل التقية حيث لا تجب ، ويترک التقية حيث تجب ، وهذا أمثلة يمارسها الموالي كل يوم ، ومن ثم يقاس عليها الموارد الاخرى .
12 ـ ثم بعد هذه الاضائة الرضوية والافاضة العلوية ، يعلّمُ الإمام أتباعه المحبين الذين تحمّلوا عناء السفر وزراوه ووقفوا ببابه لشهرين على مضض وألم وتحمّل شماتة الأعداء، أنه لاتقولوا ما ليس فيكم ، بل قولوا ما هو الواقع بانكم من موالي أميرالمؤمنين علي 7 ومحبّيه ، ثم لابد من الولاء والبراء، فمن كان محبّاً له لابدّ أن يكون معادياً لعدوه ، والا فكما قال أميرالمؤمنين 7 (عجبت لمن يدعي حبي كيف يحب عدوي ) وورد في صحيح الأخبار (كذب إنه يحبّنا ولم يبغض عدونا).
13 ـ ان التشيع وشيعة أميرالمؤمنين مرتبة شريفة عند الله ورسوله والأئمة الأطهار :.
14 ـ الهلاک لمن كان منافقاً ظاهره غير باطنه ، ولا يطابق قوله فعله (لِمَ تقولون ما لا تفعلون ) فلابد من تصديق القول بالفعل أي قول وعمل ، والا كان الهلاک في الدنيا والآخرة ، فان لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم .
15 ـ إنّ رحمة الله واسعة فلا ييأس المؤمن من روح الله ورحمته ، ويأمل بأن تدركه رحمة من ربه .
16 ـ الاعتراف بالخطأ فضيلة ، كما اعترف آدم وتاب الله عليه وأسكنه جنته وعاد إلى حضيرته القدسيّة مرّة أُخرى ، وإنّ الله يقبل التوبة ويغفر الذنوب لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ، فانه يصلح له أمره .
17 ـ الموالي في قوله وفعله يتبع أوليائه ، ويأخذ بعلمهم وحجزتهم .
18 ـ من أحب محبّ الله ورسوله فقد أحبّ الله سبحانه ، وكذلک من أحبّ ما عليه اسم الله، فانه من حب الله كما ورد في مناجاة المحبين للامام زين العابدين 7: «اللّهم أرزقني حبّک وحبّ من يحبّک وحبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربک » فمن أحب الأئمة فانه لا شک يحبّ شيعتهم وأوليائهم من الموالين والمحبّين كل يعادي أعدائهم للتلازم بين الولاء والبراءة .
19 ـ حبّ الأئمة الأطهار : وموالاتهم فضلاً عن مقام الشيعة العظيم يوجب أُخوة الأئمة ، وأن يكون من أهل ودّهم أي يحبونهم الأئمة : كذلک فيكون الحب المتبادل بين الموالي ووليّه ، وما أعظم هذه المرتبة وما أروعها
وأجملها، فانها توجب الرفقة ، ثم الرفقة درجات ودرجات (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتوا العلم درجات ) فما زال يرتفع العبد بحبّه لامامه ووليه المعصوم 7 حتى يلصق بهم ويكون في درجتهم في مقعد صدق عند مليک مقتدر، كما ورد هذا المعنى في فضل زيارتهم ـ كما مر ـ.
20 ـ الإمام 7 مظهر أسماء الله ورحمته الواسعة ، فاذا اعترف العبد بخطائه وتاب لله سبحانه ، فان الله يقبله ويتوب عليه ، ويفرح به ويقربه اليه ، ويقضي حوائجه ، فكذلک الإمام 7: فإنّه مراة أسماء الله وصفاته ، فان الإمام الرؤوف علي بن موسى الرضا من آل محمد : لما تاب أصحابه أولئک الذين وقفوا ببابه لأيام وشهور ينتظرون عطفه ورأفته والدخول في ساحة رحمته ، وتابوا إلى الله سبحانه من مقولتهم وإدّعائهم وقالوا كما قال امامهم :، فانه 7 رحبّ بهم وخاطبهم وناداهم بأجمل كلمة تدل على المحبة والعظمة (يا اخواني وأهل ودّي ) ثم أمرهم بالرفعة والرفعة وقرّبهم ، ولا يزال حتى الصقهم بنفسه ، وأجلسهم بجواره ، فكان العبد مع مولاه في رتبة ومجلس واحد...؟!! ثم تفقد أمورهم وأُمور عيالهم وأغدق عليهم من المبرات والصلات وهذا درس عظيم لمن كان في مقام القيادة والرئاسة والإمامة ، بأن يتفقّد الرعية ويسأل عن أحوالهم ويمدّ لهم يد العون والمساعدة لهم ولعيالهم ويوسعهم بالنفقات والمبرّات والصلات أي تارة ينفق عليهم اذ انه بمنزلة رب العائلة ويجب عليه نفقة العيال ، وأُخرى يبر عليهم أن يوسع عليهم فان البر من البر أي الأرض الواسعة واخرى يعطيهم الصلة وهي زيادة على النفقة ، ففي كل كلمة إشارة إلى لطائف وحقائق
يقف عليها من كان من أهلها، وهذا غيض من فيض وخطوة اولى لمن أراد المسير في هذا الوادي الرضوي المبارک ولألف ميل ...
----------------
[1] () المناقب : :4 342.
[2] () موسوعة المصطفى والعترة : :12 70 عن المناقب : :4 362.
[3] () المصدر عن العيون : :2 184 والبحار: :49 90 والعوالم : :22 174 وأعلام الورى : 327.
[4] () الشورى : 30.
[5] () موسوعة المصطفى والعترة عن العوالم : :22 177/1.