بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إنَّ قضية الإمام المهديِّ عليه السَّلام – في مساحتها المتفق عليها – تؤسِّس لوحدة المسلمين، وكم هي الحاجة عظمى لهذا التأسيس من أجل مواجهة أخطر تحدِّي في هذا العصر يهدِّد واقع المسلمين إلَّا وهو (الصراع الطائفي) الذي تُهندس له كلُّ القوى المعادية لهذه الأمة، هذا الصراع الذي أخذ يسجِّل أرقامًا مرعبةً في القتل والذبح على الهُوية المذهبية وبأبشع الصور وبأخسِّ الطرق والتي تجاوزت كلَّ القيم الدينية والإنسانية.
قضية الإمام المهديّ المنتظر – في القدر المشترك – تؤسِّس لوحدة المسلمين، فكما قلت إنَّ جميع المسلمين يعتقدون بـ (المهديِّ) المخلِّص للعالم وهذا الاعتقاد ليس شيعيًا كما يزعم بعض المهرِّجين والعابثين وأدعياء العلم.
إنَّه اعتقاد جميع المسلمين فهذه مصادر المسلمين بكلِّ مذاهبهم قد دوَّنت وبشكلٍ متواتر (أحاديث المهديِّ) الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا في آخر الزمان كما ملئت ظلمًا وجورًا.
فهذا هو الإمام أحمد بن حنبل – إمام المذهب الحنبلي – يروي في مسنده:
عن الصحابي أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم:
«أبشركم بالمهديِّ يبعث في أمَّتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرضَ قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يرضى عنه ساكن السَّماء وساكن الأرض، يُقسِّم المالَ صحاحًا، فقال له رجل: ما صحاحًا؟
قال صلَّى الله عليه وآله: بالسَّوية بين الناس...
(قال): ويملأ الله قلوب أمَّةِ محمَّد صلَّى الله عليه وآله غنى ويسعهم عدلُهُ، حتَّى يأمر مناديًا فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من النَّاس إلَّا رجل، فيقول [يعني المهديِّ]: ائت السَّاذن – يعني الخازن – فقل له: إنَّ المهديِّ يأمرك أنْ تعطيني مالًا، فيقول [الخازن] له: احث... حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنتُ أشجع أمَّةِ محمّد صلَّى الله عليه وآله نفسًا، وعجز عني ما وسعهم؟
- قال – فيرده فلا يقبل منه، فيقال له: إنَّا لا نأخذ شيئًا أعطيناه...» انتهى الحديث.
أهذا المهديُّ الذي يتحدَّث عنه أحمد بن حنبل في مسنده هو (مهديٌّ للشيعة فقط) أم لجميع المسلمين بل لجميع العالم.
وهذه الدولة التي يحكمها (الإمام المهديُّ) هي دولة الإسلام الكبرى في آخر الزمان...
وروى الحاكم النيسابوري – وهو من أئمَّة الحديث عند السُّنة – في المستدرك على الصحيحين عن الصحابي أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم:
«ينزل بأمَّتي في آخر الزمان بلاءٌ شديد من سلطانهم، لم يسمع بلاء أشدّ منه حتَّى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتَّى يملأ الأرض جورًا وظلمًا لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عزَّ وجلَّ رجلًا من عترتي، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا، يرضى عنه ساكن السَّماء وساكن الأرض، لا تدَّخر الأرض من يذرها شيئًا إلَّا أخرجته ولا السَّماءُ من قطرها شيئًا إلَّا صبَّتهُ عليهم مدارارًا... إلى آخر الحديث».
هكذا يجمع المسلمون على قضية الإمام المهدي المنتظر، ولا يضرُّ الاختلاف في التفاصيل كما لا يضرُّ الاختلاف في تفاصيل قضايا (التوحيد) و(النبوة) و(العبادات) وغيرها من ضرورات الإسلام...