بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فرق الغلاة (المفوّضة ) القائلون بأنّ الله سبحانه قد فوّض الأمر والخلق إلى الأئمة الأطهار على نحو الاستقلاليّة وأوّلا وبالذات ، وكانت مدرستهم رائجة في إيران في عصر شيخنا الصدوق 1، وقد انبرت المدرسة القمّية وعلى رأسها الشيخ الصدوق لمحاربة الغلاة بفرقها الضالّة ، ومنهم المفوّضة آنذاک ، وكان من شعارهم وجوب الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة كما يظهر من ردّ الصدوق العنيف ، ومن الواضح أنّ من يقول بالوجوب والجزئية آنذاک فإنّه قد خالف الإجماع وما عليه المشهور، والشيخ الصدوق يرى القول بالوجوب من مثل المفوّضة الغلاة بدعة وضلال ، ويعلم أنّه إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ، فأنكر عليهم مذهبهم المنحرف غاية الإنكار، انطلاقآ من إنكار قولهم بالجزئية في الشهادة الثالثة بصورة خاصّة .
ثمّ علمائنا الأعلام تلامذة الصدوق ومن عصر شيخنا المفيد وشيخنا الطوسي شيخ الطائفة وسيّدنا علم الهدى السيّد المرتضى عليهم الرحمة ، وإلى يومنا هذا ـأي أكثر من ألف سنة ـ أجمعوا على صحّة الأذان والإقامة بالشهادة الثالثة ، إلّا أنّه لا بقصد الجزئيّة ، تمسّكآ بالأدلّة الفقهيّة العامّة الدالّة على ذلک ، كما
هو ثابت في محلّه[1] .
إلّا أنّه وللأسف الشديد أخيرآ ظهرت بعض النعرات الضالّة والمضلّة من حناجر أصحاب النفوس الضعيفة ، التي تحبّ الشهرة والظهور بين الناس ولو على حساب الدين والمذهب والمقدّسات ـفكانوا كالذي أراد أن يشتهر بين الناس بأيّ ثمن كان ، فأشاروا إليه ـمعذرةً ـ أن يبول في بئر زمزم ، فإنّ هذا البئر مقدّس عند جميع المسلمين ، ومن يفعل تلک الشنيعة فإنّه سرعان ما يشتهر بين الناس ـ
كذلک ضعاف النفوس ومن كان في قلبه مرض فزاده الله مرضآ، وأصحاب العقول
الهزيلة ، طلبآ للشهرة ولما عندهم من العقد النفسيّة ، والنفوس المريضة ، اختاروا تهديم مقدّسات الاُمّة وعقائدهم الثابتة بنقدهم الهدّام وبالتشكيک والتضليل بتلاعب الألفاظ والتزوير واتّباع المتشابهات ، ومنها مقولة الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، وهو يجهل تلک الظروف الخاصّة وشأن صدور تلک المقولة ، وإنّي لأعلم أنّ بعض من يتمسّک بكلام الصدوق عليه الرحمة لا يؤمن بالشيخ نفسه أبدآ، وإنّه يتغافل ـلما في قلبه من مرض ـ عن الإجماع المحقّق بعد الشيخ وإلى يومنا هذا، فهو كالسامري سوّلت له نفسه ليضلّ الناس ، فيتبجّح بمقولة الشيخ الصدوق في الشهادة الثالثة . فما الحيلة لمن كان قلبه مريضآ، وعقله سقيمآ، وأساء السوء حتّى كذّب بآيات الله سبحانه ، فيترک الأمر المحكم والبيّن الواضح كوضوح الشمس في رائعة النهار، ويختار المتشابه ليضلّ به البسطاء والسذّج من الناس . ولكن فليعلم أنّ الله لبالمرصاد، وأنّ الصبح لقريب ، وأنّ الساعة لآتية لا ريب فيها، فيتميّز الخبيث من الطيّب ، وأهل النار من أهل الجنّة .
وتبقى صرخة (أشهد أنّ عليّآ وأولاده المعصومين حجج الله) على المآذن في كلّ ربوع الأرض ، رغمآ على الأعداء والخصماء.
سيبقى أمير المؤمنين عليّ 7 وصوته الحقّ واسمه المبارک يدوّي على المآذن في عالم الوجود وفي الكون الرحب الوسيع ، وإنّ الله ليتمّ نوره ، وهو عليّ ابن أبي طالب 7، ولو كره المشركون والمنحرفون .
واعلم أيّها الضالّ المنحرف عن الحقّ ـعليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّـ إنّک لتحتاط جهلا بعدم ذكر الشهادة الثالثة في أذانک وإقامتک ، إلّا أنّ الأحوط عندنا في خلافه ، فإنّ الشهادة الثالثة التي هي روح الأذان والإقامة ، قد أصبحت شعارآ
للمؤمنين الموالين لمذهب أهل البيت :، وإنّهم يفدون الرقاب من أجل الولاية ، وهيهات هيهات أن تمحو ـأنت ومن مثلک وفي خطّک ـ اسمه الشريف ولو كان بعضكم لبعضٍ ظهيرآ، فإنّ الله ليتمّ نوره ، ولو كره الضالّون والمضلّون .
وإنّي لأترفّع أن أقصد بكلامي هذا شخص خاصّ ، بل مقصودي بيان الحقّ الحقيق وإنارة الطريق ، ودعوة الناس جميعآ إلى أن يعرفوا الحقّ بالحقّ ،، فاعرف الحقّ تعرف أهله ، والذين جاهدوا في الله خالصآ، فإنّه سيهديهم السُّبل والصراط المستقيم .
----------------
[1] () جاء في كتاب (القطرة من بحار مناقب النبي والعترة ) للعلّامة السيّد أحمد المستنبط ،المجلّد الأوّل ، الصفحة :368 قال :ثمّ إنّي أختم هذا الباب (الباب الثامن ) بذكر تشهّد الصلاة للصادق 7 حيث اشتهر فيألسنة بعض الناس إنكار الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة مع ما ورد في خبر القاسم بنمعاوية المروي عن احتجاج الطبرسي عن أبي عبد الله 7: «إذا قال أحدكم لا إله إلّا اللهمحمّد رسول الله فليقل عليّ أمير المؤمنين وليّ الله» غافلا عن كونها جزءآ من الصلاةاستحبابآ على ما روي عن الصادق 7، وإنّما اُورد الرواية لندرة وجودها وشرافةمضمونها، وكثرة فوائدها في زماننا هذا لمن تدبّر فيها، حتّى أنّ العلّامة النوري 1 غفل عنهافلم ينقلها في المستدرک ، والرواية مذكورة في رسالة معروفة بفقه المجلسي 1 مطبوعة فيصفحة (29) ما هذا لفظه : ويستحبّ أن يزاد في التشهّد ما نقله أبو بصير عن الصادق 7وهو: (بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء كلّها لله أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريکله وأشهد أنّ محمّدآ عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيرآ ونذيرآ بين يدي الساعة ، وأشهد أنّربّي نعم الربّ ، وأنّ محمّدآ نعم الرسول ، وأنّ عليآ نعم الوصيّ ونعم الإمام ، اللهمّ صلّ علىمحمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته ، الحمد لله ربّ العالمين ).ولا يخفى أنّ علماءنا الأعلام قد صنّفوا وألّفوا في الشهادة الثالثة مؤلّفات كثيرة وبلغاتمختلفة ، وحتّى ذهب بعض إلى جزئيّتها في الأذان .